تقرير: شركات التكنولوجيا الصينية تنسحب "سراً" من روسيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
شعار شركة هواوي الصينية على مبنى في فرنسا. - REUTERS
شعار شركة هواوي الصينية على مبنى في فرنسا. - REUTERS
دبي-الشرق

أفادت مصادر مطلعة على الحركة التقنية حول العالم، بأن الشركات الصينية تنسحب بـ"هدوء" من العمل في السوق الروسي، تحت ضغط العقوبات الأميركية والمورِّدين، رغم دعوات بكين الشركات لمقاومة ما تصفه بـ"الإكراه الأجنبي"، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وأضافت المصادر للصحيفة، الخميس، أنَّ عدداً من الشركات الكبيرة تعمل في صمت وبدون الإدلاء ببيانات عامة، على تقليص الشحنات إلى روسيا، حيث تهيمن الشركات التكنولوجية الصينية على السوق بالنسبة لكثير من المنتجات.

وتراجعت الصادرات التكنولوجية الصينية إلى روسيا بشكل حاد في مارس الماضي، مقارنة بفبراير، مع انخفاض شحنات الأجهزة المحمولة بأكثر من 40%، والهواتف الذكية بنحو الثلثين، ومحطات الاتصال القاعدية بنحو 98%، وذلك بحسب ما أظهرته أحدث البيانات التجارية المتاحة من الحكومة الصينية.

"لينوفو" و"شاومي"

وتشمل القائمة، بحسب الصحيفة، عملاق أجهزة الحاسوب مجموعة "لينوفو المحدودة"، وصانع الهواتف الذكية والأجهزة شركة "شاومي".

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، أوقفت "لينوفو" الشحنات إلى روسيا بعد وقت قصير من بدء الحرب الروسية، وسريان العقوبات الغربية، رغم أن بعض مخزوناتها لا تزال معروضة للبيع في البلاد، أما "شاومي" فقد خفضت شحناتها إلى موسكو.

وخلافاً لكثير من الشركات الغربية، تفادت الشركات الصينية الإدلاء بأي تصريحات علنية عن الحرب الروسية في أوكرانيا، أو عن أنشطتها في موسكو، وذلك نظراً لمعارضة بكين للعقوبات الغربية.

وفي إجراء غير مألوف، أعلنت شركة "دي جي آي" المتخصصة في صناعة الطائرات بلا طيار للمستهلكين العاديين، الشهر الماضي، تعليق أعمالها في كل من روسيا وأوكرانيا إلى حين إجراء مراجعة الامتثال.

وتأتي هذه المعلومات في وقت تعطلت التجارة الصينية مع كثير من دول العالم نتيجة للإغلاقات المرتبطة بكورونا في مدينة شنغهاي التي تعد موطناً لمعظم صادرات الصين العالمية.

تهديد أميركي

ووفقاً للصحيفة، يأتي الانسحاب الصيني بعد موجات من العقوبات المالية واسعة النطاق، وعمليات تقييد الصادرات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا عقب غزوها لأوكرانيا أواخر فبراير الماضي. وهددت واشنطن بفرض عقوبات على الشركات الصينية التي تنتهك أو تلتف على العقوبات.

وأضافت المصادر، إن شركات الرقائق الأميركية الكبيرة التي تزود الشركات الصينية بهذا النوع من المنتجات تضغط على عملائها للامتثال للعقوبات، وضمان ألا ينتهي المطاف بأشباه الموصلات مشحونة إلى روسيا بوصفها سلعاً مبيعة لطرف ثالث.

وأشاروا إلى أن أحد المزودين وجه خطاباً إلى جميع العملاء في مارس الماضي، للضغط عليهم، من أجل الامتثال، كما يعمل موظفو المبيعات على التواصل أيضاً لضمان الامتثال.  

"الإكراه الخارجي"

والشهر الماضي، أقرت وزارة التجارة الصينية، بأن العقوبات عطلت التجارة الصينية مع روسيا، لكنها حثت الشركات على "عدم الخضوع للإكراه الخارجي"، كما حثتهم على عدم الإدلاء بأي تصريحات "غير لائقة".

واعتبرت الصحيفة، أنَّ التراجع الحاد في الصادرات التكنولوجية إلى موسكو يسلط الضوء على المنحى الشامل للعقوبات الغربية، وقدرتها على التغلغل عميقاً في سلاسل الإمداد للتحكم في سلوك شركات نائية، حتى عندما تكون الدول المستضيفة لهذه الشركات معارضة للعقوبات.

وتراجع إجمالي الصادرات الصينية إلى روسيا بنحو 27% من حيث القيمة خلال الفترة من فبراير إلى روسيا.

مواجهة العقوبات 

ووسَّعت الصين أدواتها من التدابير الخاصة بمواجهة العقوبات الغربية، بما في ذلك قواعد لإجبار الشركات الصينية على عدم الامتثال للعقوبات الغربية التي تعتبرها "غير مبررة"، رغم أن بكين لم تصدر حتى الآن أي أوامر من هذا القبيل، وفقاً للصحيفة.

وأشارت الصحيفة، إلى أن تأثير العقوبات الغربية على الشركات الصينية، قد تهدد بتوسع الخلاف بين الولايات المتحدة والصين في ما يتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، وتعزيز طموحات بكين لتطوير سلاسل إمداد مستقلة عن التكنولوجيا الأميركية.

وتشمل العقوبات الغربية قيوداً صارمة، تقضي بحظر الصادرات إلى قطاع الدفاع الروسي، وتصدير المنتجات التي تم صنعها باستخدام المعدات أو البرمجيات أو المخططات الأميركية، حتى عندما تكون هذه المنتجات من صنع شركات غير أميركية.

واعتبرت "وول ستريت جورنال" أنَّ هذه الإجراءات أثبتت فعاليتها، لاسيما في القطاع التكنولوجي، لافتة إلى أن الطبيعة المعقدة لسلاسل الإمداد في القطاع تتيح للحكومة الأميركية الكثير من أوراق الضغط التي بإمكانها أن تستخدمها.

تجاوز العقوبات

ورغم النطاق الواسع للعقوبات، إلا أن بعض المواد وجدت طريقها إلى روسيا، فعلى سبيل المثال أعلنت شركة "بيلاين" المزودة لخدمات الهاتف المحمول في روسيا والتابعة لمجموعة "فيون" الهولندية، في وقت سابق الشهر الجاري، أنها تسلمت معدات اتصالات مارس الماضي من عملاق الاتصالات الصيني، شركة "هواوي" المحدودة، حسب الصحيفة.

وقالت "بيلاين"، إنّ الشحنة جاءت نتيجة لتقييم تم إجراؤه في 2021 للاحتياجات المتعلقة بالبنية التحتية، مشيرةً إلى أن التسليم "تم في امتثال كامل لجميع القوانين المعمول بها بما في ذلك ضوابط التصدير الأميركية".

وفي أبريل الماضي، قالت وزيرة التجارة الأميركية جينا رايموندو، إنّ قيود التصدير التي فرضتها واشنطن وحلفاؤها، أدت إلى تخفيض واردات موسكو من التقنية العالية بأكثر من النصف، وتركت روسيا تعاني نقصاً في أشباه الموصلات، وتكافح لتوفير قطع الغيار لجيشها، مهددة الشركات الصينية بإجراءات في حال لم تمتثل للعقوبات.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "كاناليس" المتخصصة في أبحاث سوق الإلكترونيات ستيف برازير، إنه "في حال حظر أي شركة حواسب صينية من التعامل مع أي من كبار موردي الرقائق، فإن ذلك سيكون أمراً كارثياً"، مضيفاً أنه لهذا السبب تحرص الشركات الصينية على عدم التعرض لهذه المشكلة.

ورغم أن العقوبات الأميركية تشمل استثناءات لبعض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، إلا أنّ المسؤول السابق في وزارة التجارة الأميركية كيفن وولف، أشار إلى أنه يجب بيع هذه الأجهزة مباشرة إلى المنظمات غير الحكومية أو المستهلكين للسماح بتصديرها.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات