
قال مصدر مقرب من التيار الصدري في العراق لـ"الشرق"، إن زعيم التيار مقتدى الصدر يملك العديد من الخيارات، "التي ستفاجئ الجميع"، للتعامل مع الأزمة السياسية الحالية بالبلاد، نافياً أن يكون "الشارع هو الخيار الوحيد".
وأضاف المصدر أن مقتدى الصدر انسحب من العملية السياسية في العراق لعدم رغبته بمشاركة "الفاسدين المتواجدين في الحكومة أو الكتل السياسية"، لافتاً إلى أنه قدم مقترحات لحل أزمة تشكيل الحكومة لكنها ووجهت بالرفض من قبل "الإطار التنسيقي" الذي يسعى لـ"حكومة توافقية".
وشدد على أن الصدر "لم ولن يُسلم العراق" إلى من وصفهم بـ"الفاسدين ومن لديهم ولاء لأجندات خارجية تتحكم بها حدود قريبة" أو غيرها"، مؤكداً أن الصدر "يراقب المشهد السياسي الحالي، وسيقول كلمته في الوقت المناسب".
وأفاد المصدر لـ"الشرق" بأن من يعتقد أن "الشارع هو الخيار الوحيد في يد مقتدى الصدر فهو واهم، وغير مدرك للأوراق التي بيده"، مؤكداً أنه "سيتم الكشف عنها في الوقت المناسب"، وأن "الخيارات ستفاجئ الجميع".
وأرجع قرار التيار الصدري الانسحاب من العملية السياسية بعد إلى ما وصفه بـ"وأد المشروع الوطني" بـ"قرار المحكمة الاتحادية، الذي اشترط وجود ثلثي أعضاء مجلس النواب لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية"، إضافة لما اعتبره "تعنت الطرف الخاسر"، في إِشارة إلى "الإطار التنسيقي"، الذي قال إنه "أبى واستكبر إلا أن يكون حكومة توافقية من جديد.. وهذا ما لا نقبله".
"معارضة شعبية"
واعتبر المصدر أن التيار الصدري تحول بعد استقالة نوابه، من "معارضة داخل البرلمان إلى معارضة شعبية"، ما جعل مقتدى الصدر "الأقوى في أن يتلاعب بهذه الأوراق، ويستطيع أن يحرك الشارع متى ما شاء"، بحسب تعبيره.
وحذر المصدر المقرب من التيار الصدري من أن "أية هفوة من الحكومة المقبلة، إن وجدت، ستثير انتفاض الشارع العراقي ليقول كلمته، وعندئذ لن يكون هناك وجود لمن يُسمون بالفاسدين".
وعن التقارير التي توقعت ترشيح رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء، وصف المصدر ذلك بـ"الجنون السياسي"، مستبعداً تقدم "الإطار التنسيقي" خطوة واحدة في هذا الاتجاه.
ولدى سؤاله عن موقف حلفاء الصدر من السنة والأكراد، أجاب المصدر لـ"الشرق"، بأن "الصدر أبلغهم بأنه سينسحب من العملية السياسية ببيانات وتغريدات عدة"، وقال: "حلفاؤنا في حل منا، ولهم كل الاحترام والتقدير، ولن نتدخل في خياراتهم".
مقترحات الصدر
وأضاف أن "الإطار التنسيقي" "منقسم حالياً بين من يقول لا يمكن أن نُشكل الحكومة من دون التيار الصدري، ومن يرغب بالذهاب إلى تشكيلها ولن يستطيع ذلك".
وبشأن طرح اسم رئيس تحالف الفتح هادي العامري لتسلم رئاسة الوزراء، أعرب المصدر عن عدم اعتقاده بمشاركة العامري في حكومة "ليس التيار الصدري طرفاً بها".
وأشار المصدر إلى أن مقتدى الصدر "اقترح أن يُشكل الحكومة على أن يذهب الطرف الخاسر إلى المعارضة، لكن الإطار رفض"، كما اقترح أن "يقوم النواب المستقلون بتشكيل الحكومة على أن يكون التيار الصدري داعماً لهم دون الاشتراك معهم، لكن الإطار رفض ذلك أيضاً".
وأضاف أن الصدر دعا أيضاً إلى أن يقوم "الإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة على أن يذهب التيار الصدري إلى المعارضة، وأعطى مهلة الشهر لتنفي ذلك، لكن المدة انقضت ولم تُشكل الحكومة".
انسداد سياسي ولجنة تفاوضية
ويعيش العراق انسداداً سياسياً منذ الانتخابات التشريعية، التي جرت في أكتوبر الماضي، وفاز فيها التيار الصدري بالكتلة الأكبر من الأصوات، إذ لم تسفر الانتخابات عن تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية، وسط إصرار مقتدى الصدر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، فيما طالب "الإطار التنسيقي"، الذي يبلغ عدد أعضائه 83 نائباً، بتشكيل حكومة توافقية تضم الأطراف الشيعية كافة.
وقدم نواب الكتلة الصدرية وعددهم 73 نائباً، استقالاتهم لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، نزولاً على طلب مقتدى الصدر، ووافق الحلبوسي على استقالاتهم، الأحد.
وقال الإطار التنسيقي، الذي يضم قوى شيعية أبرزها "ائتلاف دولة القانون" و"تحالف الفتح"، في بيان، إن المجتمعين ناقشوا "الحوارات الجارية بين القوى الوطنية من أجل استكمال الاستعدادات المتعلقة بالاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة خدمة وطنية"، مشيراً الى أنه "تقرر تشكيل لجنة تفاوضية للحوار مع القوى الوطنية".
وقال رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، في بيان، الخميس، إن علاقات الائتلاف مع القوى والأحزاب العراقية، بما فيها التيار الصدري، "لها هدف كبير وتتعلق بمسؤولية خطيرة".
وأضاف: "سنبقى متمسكين بهذا الموقف، ونمد أيدينا للجميع بالتعاون مع كل القوى الإسلامية والوطنية الخيرة والمسؤولة إن كانوا داخل البرلمان أو خارجه، ما دامت الأهداف والتحديات لا تفرق بيننا".