هوكستين لـ"الشرق": التزام واشنطن الصلب بأمن دول الخليج لم يتغير

time reading iconدقائق القراءة - 10
المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستاين خلال لقائه مع "الشرق" - "الشرق"
المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستاين خلال لقائه مع "الشرق" - "الشرق"
واشنطن-هبة نصر

قال المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين في مقابلة خاصة مع "الشرق"، إن "التزامنا الصلب بأمن السعودية والإمارات أمر لا يزال قائماً من دون أي تغيير"، نافياً أن تكون واشنطن اتهمت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بـ"دعم روسيا وإيران".

واعتبر هوكستين أن "من حق الدول إبداء رأيها في ما يتعلق بملف الطاقة"، مشدداً على أن "النفط الإيراني لا يلعب أي دور في قراراتنا بشأن مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي".

ورأى المبعوث الأميركي أن "أوروبا لا تزال موحدة، على الرغم من التوقعات التي ذهبت إلى سيناريو تفككها نتيجة التبعية إلى الطاقة الروسية".

وتطرق خلال المقابلة إلى قضايا عدة تتعلق بالمنطقة، بما في ذلك مدى فرص صمود اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل في ضوء التغييرات السياسية في البلدين، إلى جانب علاقة الإدارة الأميركية مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أوروبا والطاقة الروسية

في يتعلق بالعقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الروسي، رأى هوكستين إنها "أسهمت في تراجع الأسعار العالمية، وجنّبت الدول الأخرى أزمات اقتصادية متعددة"، نافياً أن تكون واشنطن اتهمت تحالف "أوبك" بدعم روسيا وإيران.

وأوضح أن أسعار النفط شهدت تذبذباً في الأسابيع القليلة الماضية، لكنها لم تعد تصل إلى 120 دولاراً للبرميل، وباتت تسجل 80 دولاراً للبرميل عالمياً كمتوسط سعر، بينما في الداخل الأميركي تتراوح بين 74 و75 دولاراً للبرميل.

وأضاف: "لذلك فإن هدفنا الدائم كان كبح عوائد (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين التي يستخدمها في حربه المروعة على أوكرانيا، ونلاحظ أنه يجني أموالاً أقل لقاء بيع النفط، وفي الوقت ذاته التأكد من عدم معاناة بقية العالم من عواقب هذه الحرب التي تؤدي إلى زيادة التضخم وانخفاض النمو الاقتصادي".

واعتبر أنه "بعد مرور أكثر من شهر على اعتماد تحديد سقف لسعر النفط الروسي، تبيّن أن تلك الخطوة تفي بالغرض". وزاد: "أرى أننا في وضع يتيح لنا التعامل مع زيادة الطلب في الصين، وزيادة الإمدادات، ومن المتوقع أن يزيد الإنتاج في الولايات المتحدة".

وكانت عائدات روسيا من النفط ارتفعت بشكل كبير في النصف الأول من عام 2022 بسبب وصول الأسعار إلى 120 دولاراً للبرميل. 

لكن المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة، رأى خلال اللقاء مع "الشرق"، أنه "في نهاية المطاف، الأسعار اليوم أدنى بـ40 دولاراً مقارنة بشهر يونيو، ما يُمثل ضربة واضحة لروسيا التي لم يتبقَّ لها سوى إيرادات النفط والغاز التي باتت تنكمش هي أيضاً".

وأكد أن الولايات المتحدة "برهنت للسوق قدرتها على إدارة إمدادات الطاقة، والتغلب على بوتين واستخدامه الطاقة سلاحاً ضد جيران روسيا وأوروبا والولايات المتحدة والعالم". وأضاف: "نحن ماضون قدماً في مسارَين متوازيَين، وفي إيصال رسالة لبوتين مفادها أن الطريقة الوحيدة لإنهاء كل ذلك تكمن في انسحابه من أوكرانيا".

وفي ما يتعلق بتراجع الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية، قال الدبلوماسي الأميركي لـ"الشرق" إن "التوقعات كافة ذهبت باتجاه تفكك أوروبا مع بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ هدد بوتين بقطع الغاز الطبيعي عن أوروبا، لأن دولها ستعاني نقصاً في الغاز الطبيعي".

وأضاف: "التبعية لا تزال قائمة اليوم، لكنها انخفضت بشكل ملحوظ، إذ أن أوروبا موحدة، والولايات المتحدة وأوروبا متحدتان جداً أيضاً. ونجحت إدارة الرئيس جو بايدن ليس فقط في إرساء حلف عابر للقارات، والتصدي لأعمال بوتين في أوكرانيا، بل أيضاً في الحفاظ على وحدة هذا التحالف، وهو ما رأيناه في اجتماعات مجموعة السبع ومجموعة الـ20".

وزاد: "في بداية الشتاء، امتلأت المخزونات بأكثر من 90%، وتبين أن الإجراءات التي اتخذها الرئيس بايدن والقيادات الألمانية والفرنسية والبريطانية إضافة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية السيدة فون دير لاين نجحت في ضمان توفّر بدائل لأوروبا".

وعن مجموعة العمل التي شكّلها بايدن في 25 مارس 2022، قال هوكستين إنها "تعمل على زيادة الإمكانات في مجال الغاز الطبيعي المسال والغاز المنقول بالأنابيب نحو أوروبا، واستخدام التكنولوجيا المتقدّمة كالترموستات وغيرها لزيادة كفاءة استخدام الطاقة".

العلاقات الأميركية الخليجية

في سياق آخر، نفى المبعوث الأميركي أن تكون واشنطن اتهمت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بدعم روسيا وإيران، معتبراً أن "من حق الدول إبداء رأيها في ما يتعلق بملف الطاقة". وأشار إلى أن "هذه الخلافات لن تؤثر على العلاقات الاستراتيجية مع السعودية".

وتابع: "لا أُشكك بدوافع أحد، وكل ما أقوله هو أن ثمة وقائع. وعند اتخاذ إجراء مماثل، يترتب أثر ما، يدعم روسيا وإيران إلى حد ما في الاستفادة من الأسعار المرتفعة. لا أقول إن هذا كان الدافع، ولكنه أمر يندرج بين الآثار الجانبية".

وتابع هوكستين: "نحن لسنا عضواً في (أوبك)، لكن لدينا علاقة استراتيجية وطويلة معها، ولدينا وجهات نظر وتحليلات خاصة بنا، ونتشارك بعض الآراء (مع المنظمة)، سواء بشكل علني أو خاص. اختلفنا بشكل ملحوظ حيال الديناميكيات السوقية في أكتوبر، وعبرنا صراحة عن عدم موافقتنا على القرار، لكن (أوبك) منظمة بذاتها وستتخذ القرارات بشكل مستقل، ولن أطلب أي شيء منها".

وعما إذا كانت الولايات المتحدة ستطالب "أوبك بلس" بزيادة المعروض في الأسواق في حال ارتفعت الأسعار، قال: "ما من سعر نعتبره الأفضل، وأنا ممتن دائماً لكوننا بلداً منتجاَ، مع قطاع خاص ينتج ويتخذ قراراته".

ولفت الدبلوماسي الأميركي إلى أن "العلاقات السعودية الأميركية قديمة واستراتيجية ومهمة، وتُغطي مجالات وقضايا مذهلة ومتعددة وسنستمر في ذلك. كما سنواصل تقييم هذه العلاقة بشكل دوري"، مشيراً إلى أن هذه العلاقة "تعالج اهتمامات البلدين المشتركة، والاهتمامات الإقليمية والتهديدات الأمنية".

وأوضح أن "هناك نوعين من التهديدات، أمنية واقتصادية"، لافتاً إلى أن "الولايات المتحدة تعتقد أن التهديدات الأمنية حقيقية، ولهذا ستواصل الالتزام بأمن السعودية وبقية دول المنطقة".

وفي إطار العلاقات مع دول الخليج العربية، قال الدبلوماسي الأميركي: "ثمة أيام قليلة تفصلنا عن 17 يناير، الذكرى الأولى للهجوم الحوثي ضد دولة الإمارات"، مشدداً على أن "التزامنا الصلب بأمن الإمارات والسعودية أمر لا يزال قائماً من دون أي تغيير".

وبشأن زيارته المرتقبة إلى العاصمة الإماراتية أبوظبي لحضور منتدى الطاقة، قال هوكستين إن "هذه رحلتي الأولى منذ توقيع الاتفاقية بين الإمارات والولايات المتحدة لتسريع الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة وتكنولوجيا الطاقة النظيفة وصولاً إلى 100 مليار دولار. نعتقد أن الإمارات تلعب دوراً استثنائياً، بل محورياً كدولة منتجة للنفط وتستضيف مؤتمر الأطراف المقبل".

الشرق الأوسط

وفي ما يتعلق بالوضع في إيران في ضوء الاحتجاجات المتواصلة منذ سبتمر الماضي، والتي أودت بحسب تقارير ومنظمات حقوقية بحياة المئات، قال المبعوث الأميركي للطاقة: "لا أفهم كيف يمكن لأي حكومة حول العالم أن تبقى صامتة من دون التنديد بما تفعله إيران بمواطنيها في الشوارع، حيث يعدمون الرجال والنساء لمجرد خروجهم للتعبير عن رأيهم". 

ورداً على سؤال بشأن مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 والذي انسحبت منه إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، قال: "أترك الكلام لزملائي الذين يقودون هذه المفاوضات، لكن ما يمكنني قوله هو إن النفط الإيراني لا يلعب أي دور في قراراتنا بشأن هذه المفاوضات. في الواقع، كنا قد فرضنا العقوبات على النفط الإيراني منذ 2012، حتى لحظة التوصل إلى توقيع خطة العمل الشاملة المشتركة".

وأضاف: "الآن عدنا  إلى نظام العقوبات، لم نسمح للنفط الإيراني بالتدفق، وعندما يكون الأمر ممكناً، سنعالج موضوع هذه التدفقات".

لبنان وفلسطين وإسرائيل 

وبالانتقال إلى اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وما إذا بات مهدداً في ضوء حكومة إسرائيل الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، اعتبر هوكستين أن "الاتفاق غير مهدد، ذلك أنه تم بين دولتين تتمتعان بالسيادة، وكلاهما شهد تغييرات على مستوى الحكومة منذ توقيع الاتفاق".

وقال: "السبب الجوهري لانعدام التهديد يكمن في أن الأغلبية الساحقة من الناس والسلطات السياسية والأمنية لدى الطرفين مقتنعة بأن الاتفاق جيد لها، وهو يُعد من أكثر الإنجازات استثنائية، وهذا أمر جيد للطرفين، لأمن إسرائيل واقتصادها، وكذلك بالنسبة إلى لبنان الذي يحاول استعادة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر".

وأشار هوكستين إلى أن شركة "توتال" بدأت توظيف أشخاص ونشر بعضهم في الميدان واستئجار المساحات في لبنا". وكشف "أننا نتوقع وصول منصة نفطية للحفر في المياه اللبنانيةقريباً، وهذا إنجاز حقيقي"، مشدداً على أن "الولايات المتحدة ملتزمة بدعم لبنان". وأضاف: "نتوق لبدء تدفق الغاز من مصر، لأن ذلك سيرفع مدة التغذية بالكهرباء يومياً للأسرة الواحدة من ساعتَين إلى 6 وربما من ثم 8 ساعات".

وعن إمكانية استثناء لبنان من عقوبات "قانون قيصر" التي تحظر التعامل الاقتصادي مع الحكومة السورية، قال المبعوث الأميركي لشؤون الطاقة: "وعدتُ اللبنانيين بأنه في حال أنجزنا كل ما يجب إنجازه، سندعم هذا المسار بطريقة تحترم القانون الأميركي واللبناني".

وتابع: "تمكنا من بذل جهود هائلة للتوصل إلى اتفاق لضمان امتثال عملية نقل الغاز إلى لبنان للعقوبات والقوانين"، لافتاً إلى أنه "إذا نفذ لبنان الإصلاحات المطلوبة من البنك الدولي سأضمن، بشكل شخصي وعبر الحكومة والهيئات الأميركية، أن يفي البنك الدولي بالتزاماته التي تقضي بإعطاء الموافقة".

وبالعودة إلى الشأن الإسرائيلي، أكد هوكستين أن إدارة الرئيس جو بايدن ستعمل مع الحكومة الإسرائيلية كما وهو معتاد، وذلك بناءً على أفعالها.

وختم قائلاً: "سنستمرّ في تشجيع إسرائيل على المضي في حل الدولتين، بحيث يكون حلاً قابلاً للتنفيذ ويضمن الكرامة والاحترام للشعب الفلسطيني وفلسطين، مع ضمان الحفاظ على أمن إسرائيل. وكذلك التوصل إلى حل دائم للصراع وإعطاء الشعب الفلسطيني فرصة للعيش بشرف وكرامة واستقلال وسيادة. وهذا يصبّ في مصلحة الجميع".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات