"الحرب التي خسرها بايدن وترمب".. كيف أثر سقوط كابول على واشنطن؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
عناصر حركة طالبان فوق إحدى الآليات التي تركتها قوات الأمن الأفغانية في العاصمة كابول - 16 أغسطس 2021 - Getty Images
عناصر حركة طالبان فوق إحدى الآليات التي تركتها قوات الأمن الأفغانية في العاصمة كابول - 16 أغسطس 2021 - Getty Images
دبي -الشرق

تهدد سيطرة حركة "طالبان" مجدداً على أفغانستان، بعد عقدين من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، بتقويض شعار الرئيس جو بايدن، بشأن "عودة أميركا" للانخراط في شؤون العالم، بعد انكفائها خلال عهد سلفه دونالد ترمب. وأثار ذلك انتقادات من جمهوريين وديمقراطيين، في ظلّ مخاوف في الكونجرس من أن تشكّل أفغانستان مجدداً تهديداً للأمن القومي لواشنطن، حسبما نقلت وكالة "بلومبرغ".

ودافع بايدن الشهر الماضي عن قرار الانسحاب من أفغانستان، قائلاً: "احتمال اجتياح طالبان لكل شيء وامتلاكها البلد بأكمله، أمر مستبعد جداً". لكن صور مسلّحي الحركة داخل قصر الرئاسة في كابول الأحد، بعد سقوط سريع لعواصم الولايات وفرار الرئيس أشرف غني، أظهر مدى خطأ توقعات الرئيس الأميركي.

ونقلت "بلومبرغ" عن تشارلز ليستر، وهو باحث في معهد دراسات الشرق الأوسط، قوله: "لا يمكن أن يبدو الأمر أكثر سوءاً، وسيُحدث تأثيراً. سهلٌ جداً أن نقول إن دونالد ترمب أعدّنا لهذا الأمر ونحن ببساطة نتبعه، ولكن في الحقيقة أي قائد مسؤول يستمع إلى كل النصائح التي كان يتلقاها، كان سيتبع نهجاً مدروساً أكثر".

وإذ كان غضب الجمهوريين متوقعاً، لا سيّما أن كثيرين منهم لم يدعموا خطط ترمب للانسحاب من أفغانستان، فإن ذلك شمل ديمقراطيين أيضاً. وفي إحاطات الأحد مع أعضاء في مجلسَي النواب والشيوخ، واجه مسؤولون بارزون، دبلوماسيون وعسكريون، في إدارة بايدن، انتقادات وتساؤلات بشأن تداعيات قراره بمواصلة الانسحاب من أفغانستان.

"تخلّ مشين عن كابول"

السيناتور الديمقراطي كريس مورفي سأل مسؤولي الإدارة عمّا كان سيتطلّبه البقاء في أفغانستان، فأجاب وزير الدفاع لويد أوستن أن طالبان كانت ستشنّ هجمات على القوات الأميركية، ممّا يتطلّب زيادة ضخمة في عديدها. وأضاف أن الوضع الأمني تدهور بسرعة، مع "مكاسب سريعة جداً" للحركة، إذ لم تواجه مقاومة تُذكر من القوات الأفغانية، بحسب "بلومبرغ".

وقال مورفي بعد الإحاطة، "نظراً إلى عدد القتلى الأميركيين وعدد الجنود الذين عادوا بإصابات بدّلت حياتهم، من المدمّر مشاهدة 20 سنة من الدعم الأميركي للجيش الأفغاني، تساوي لا شيء تقريباً".

وأضاف أن محللين كثيرين أجمعوا على أن استيلاء طالبان على السلطة كان متوقعاً، بمجرد انسحاب الولايات المتحدة، وتابع، "كان ذلك صحيحاً طيلة عقد. لسوء الحظ، يعني ذلك على الأرجح أن علينا أن نحاور طالبان".

أما السيناتور الجمهوري بن ساسي، الذي اصطدم غالباً مع ترمب، فتحدث عن "تخلّ مشين عن كابول، مثل سايغون"، في إشارة إلى الإخلاء السريع للسفارة الأميركية في فيتنام الجنوبية، بعد نصر جارتها الشمالية. وأضاف: "يجب أن يكون التاريخ واضحاً في هذا الصدد: القوات الأميركية لم تخسر هذه الحرب، دونالد ترمب وجو بايدن قررا الخسارة عمداً".

"تداعيات تستمر لعقود"

النائبة الجمهورية ليز تشيني، وهي عضو في لجنة القوات المسلحة وابنة نائب الرئيس السابق ديك تشيني، حمّلت بايدن وترمب المسؤولية، بقولها: "مع اقترابنا من الذكرى العشرين لأحداث 11 سبتمبر، نسلّم أفغانستان إلى المنظمة الإرهابية التي كانت تأوي (تنظيم) القاعدة، عندما دبّر وخطّط للهجمات ضدنا. ما نراه الآن هو عكس إنهاء الحرب. ما نراه الآن هو سياسة ستضمن أن يستمرّ أبناؤنا وأحفادنا في خوض هذه الحرب بتكلفة أعلى بكثير".

واتهم النائب كيفن مكارثي، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، إدارة بايدن بإساءة التعامل مع استراتيجية الخروج الأميركية، خلال إحاطة شملت رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي. وقال مكارثي، مخاطباً معدّي الإحاطة: "تقولون إن لديكم هذه الخطة. لا أحد يخطّط لهذه النتيجة، ما نراه الآن. تداعيات ذلك على أميركا ستستمر لعقود، ولن تكون في أفغانستان فقط".

أما السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، فاعتبر أن "قوة عظمى فخورة اكتفت بأن تأمل بألا تتدخل طالبان في جهودنا للفرار من أفغانستان"، مضيفاً: "الإرهابيون والمنافسون الأساسيون، مثل الصين، يراقبون إحراج قوة عظمى".

النائب الجمهوري مايكل ماكول تحدث عن "وصمة عار على الرئيس ورئاسته"، مضيفاً: "سيكون أسوأ من سايغون". واعتبر أن الوجود الأميركي منع أفغانستان من أن تكون ملاذاً إرهابياً طيلة عقدين، مشدداً على أن ذلك "ليس أمراً ثانوياً".

"طريق بايدن الأسرع"

حرب أفغانستان لم تكن الأطول بالنسبة إلى الولايات المتحدة فحسب، بل مكلفة أيضاً، إذ إن 4 رؤساء متعاقبين أنفقوا نحو تريليون دولار، في نزاع أسفر عن مصرع حوالى 2400 جندي أميركي. وطيلة عقدين، أعادت "طالبان" بناء قوتها، رغم وجود القوات الأميركية، الذي بلغ أحياناً 100 ألف جندي.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد، "في النهاية، الأمر متروك للأفغان، ولحكومتهم، ولطالبان لتقرير المسار إلى الأمام في البلاد، بما في ذلك كابول".

لكن مديحة أفضل، وهي باحثة في "معهد بروكينغز"، رأت أنه "كانت هناك طريقة للتعامل مع هذا الانسحاب بمسؤولية وببطء"، من خلال "مساعدة قوات الأمن الأفغانية التي شكّلتها أميركا خلال 20 سنة، وتوجيهها". واستدركت: "اختار بايدن الطريق الأسرع، بعدما فقد صبره إزاء هذه الحرب. هذا الاستعجال كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، وانتهت بما شهدناه للتوّ، الانهيار السريع لأفغانستان في أيدي طالبان".

اقرأ أيضاً: