العراق.. ترحيب إقليمي ودولي بموقف الصدر بعد دعوته لإنهاء الاحتجاجات

time reading iconدقائق القراءة - 11
أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد الاشتباكات التي وقعت في بغداد، 30 أغسطس 2022 - REUTERS
أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بعد الاشتباكات التي وقعت في بغداد، 30 أغسطس 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

شهدت الأزمة السياسية في العراق بوادر انفراجة، الثلاثاء، بعد إنهاء أنصار التيار الصدري احتجاجاتهم استجابة لطلب زعيمهم مقتدى الصدر الذي قدّم اعتذاره للشعب، في خطوة لاقت ترحيباً إقليمياً ودولياً.

فبعد الاحتجاجات التي اندلعت الثلاثاء، عقب إعلان الصدر اعتزال العمل السياسي نهائياً، دعا الزعيم الشيعي الفصائل المسلحة للخروج من المنطقة الخضراء.

وقال القيادي بالتيار صالح محمد العراقي في بيان نيابة عن الصدر: "على الفصائل المسلحة، وإن كانت منتمية للحشد الشعبي تحت أي عنوان.. أن تخرج من المنطقة الخضراء.. لتأخذ القوات الأمنية زمام الأمور فوراً.. وإلّا فلا هيبة للدولة".

ونقل العراقي عن الصدر قوله أيضاً: "أيها الثوار السلميون، قد وفيتم وكفيتم ولن نسمح بالتعدي عليكم فأنتم حماة الإصلاح ولن نسمح بفساد جديد يقوده الفاسدون".

من جانبه، أكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية تحسين الخفاجي لقناة (إكسترا نيوز) المصرية أن جميع المتظاهرين انسحبوا وأن المظاهر المسلحة انتهت.

وأشار الخفاجي إلى عودة الحياة الطبيعية وفتح الشوارع وبدء القوات الأمنية في أخذ مواقعها، لافتاً إلى أن مبادرة الصدر "قطعت الطريق على إثارة الفتن والعبث بمقدرات الشعب العراقي".

وشجع ذلك قيادة العمليات المشتركة على اتخاذ قرارها برفع حظر التجول في بغداد والمحافظات، فيما أعلن قائد عمليات بغداد أحمد سليم عن فتح جميع الطرق المغلقة في العاصمة العراقية.

اعتذار الصدر

جاء ذلك بعد كلمة مقتضبة للصدر أمهل فيها أنصاره ساعة للخروج من مقر البرلمان العراقي، محذراً من أنه سوف يبرأ من التيار إذا لم ينسحب من الاعتصام خلال الساعة.

وفي كلمته التي اعتذر فيها للشعب باعتباره "المتضرر الوحيد" من الأحداث التي تشهدها البلاد، قال الصدر: "مع شديد الأسف كنت آمل أن تكون احتجاجات سلمية بالأكفان وبالأيدي بالقلوب المحبة لوطنها".

وأضاف "هذه الثورة مادام شابها العنف والقتل فهي ليست بثورة، ولن أقول بعد الآن إنها ثورة.. أنا الآن انتقد ثورة التيار الصدري".

وفي وقت لاحق، طالب الزعيم الشيعي عبر "تويتر" كل من حمل السلاح بعدم العودة إلى مثل هذا العمل في المستقبل، كما دعا الجهات الرسمية المختصة إلى المطالبة بحقوق ضحايا التظاهرات "السلمية" التي شهدتها البلاد.

الكاظمي يلوح بالاستقالة

ودفعت التطورات الأخيرة في البلاد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى التلويح بعزمه الإعلان عن خلو منصبه إذا استمرت "إثارة الفوضى والصراع" في البلاد.

وأضاف الكاظمي في خطاب بثه التلفزيون: "أحذر من هنا إذا أرادوا الاستمرار في إثارة الفوضى والصراع والخلاف والتناحر وعدم الاستماع لصوت العقل، سأقوم بخطوتي الأخلاقية والوطنية بإعلان خلو المنصب في الوقت المناسب".

كما أعلن رئيس الوزراء عن تشكيل لجنة تحقيق "لتحديد المسؤولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين"، وأكد على أنه "يجب تحديد من فتح النار والصواريخ والهاونات على المنطقة الحكومية طوال الليل".

واعتبر الكاظمي أحداث الاثنين إنذاراً بأنه "يجب وضع السلاح تحت سلطة الدولة فعلاً وليس شعاراً وادّعاء".

وعن دعوته لإجراء حوار وطني، أكد الكاظمي على أن الحوار "يقتضي أن يتنازل الجميع وليس أن يستمر التصعيد السياسي وينتقل إلى فتح الرصاص وإزهاق أرواح العراقيين".

وشدد على أن ما وصفه بالواقع "المخزي" في البلاد يتطلب موقفاً صادقاً وصريحاً للتصدّي له، وقال: "كفى ازدواجية الدولة واللادولة، وعلى المنظومة الأمنية الرسمية أن ترتبط جميعها بكل توجهاتها... فوراً بالقائد العام للقوات المسلحة".

ترحيب محلي ودولي

وتوالت ردود الفعل المحلية والإقليمية والدولية على التطورات الأخيرة في العراق، حيث اعتبر الرئيس العراقي برهم صالح موقف الصدر "مسؤولاً وشجاعاً وحريصاً على الوطن" وينبغي استثماره للخروج من الأزمة السياسية.

وأكد صالح في كلمة متلفزة على ضرورة إجراء انتخابات مبكرة باعتبارها المخرج للأزمة السياسية الراهنة، والشروع في تعديلات دستورية لحل ما وصفها بالمشاكل "المستحكمة" في البلاد.

وأشار إلى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في أكتوبر الماضي، وفاز فيها التيار الصدري بأكبر عدد من المقاعد، "لم تحقق ما يصبو إليه الشعب".

وأقرّ الرئيس بأن المنظومة السياسية والمؤسسات الدستورية عجزت عن تفادي ما حدث في البلاد، مؤكداً على عدم انتهاء الأزمة السياسية التي وصفها بأنها "مستحكمة ومرتبطة بعجز منظومة الحكم".

ودعا صالح مسؤولي "الإطار التنسيقي" للتواصل مع مقتدى الصدر لتهدئة النفوس والوصول لحل سياسي، وشدد على ضرورة الحوار عبر اجتماع وطني شامل، معبراً عن دعمه لدعوة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للحوار بين الفرقاء السياسيين.

كما حثّ على إطلاق "حوار جاد" بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق لوضع حلول جذرية للمشاكل العالقة.

وتطرق الرئيس أيضاً إلى قضية الإصلاح، حيث أشار إلى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية تعالج مكامن "الخلل البنيوي" في منظومة الحكم، وقال إنه لا مناص بعد اليوم من الشروع في إصلاحات حقيقية لوقف دوامة الأزمات.

وأكد كذلك على أن الوضع الحالي في البلاد "لم يعد مقبولاً وغير قابل للاستمرار"، وأنه لا يمكن المراهنة أكثر على صبر الشعب "بالكلام والوعود".

وجدد صالح في كلمته التأكيد على أنه لا يمكن للبلاد أن تكون ساحة للصراع أو منطلقاً "للعدوان" على أحد.

أما الكاظمي فقد قال عبر تويتر إن دعوة الصدر تمثل "أعلى مستويات الوطنية والحرص على حفظ الدم العراقي"، وتحمّل الجميع "مسؤولية أخلاقية ووطنية بحماية مقدرات العراق والتوقف عن لغة التصعيد السياسي والأمني والشروع في الحوار السريع المثمر لحل الأزمات".

من جانبه، دعا الإطار التنسيقي إلى الإسراع في تشكيل ما وصفها بحكومة "خدمة وطنية"، وحث مجلس النواب وباقي المؤسسات الدستورية على العودة إلى ممارسة مهامها الدستورية والقيام بواجبها تجاه المواطنين.

وقال الإطار في بيان نشرته قناة (النجباء): "لأجل منع تكرار ما وقع من فتنة وإنهاء الظروف التي تساعد عليها، نرى ضرورة العمل بهمة راسخة والإسراع بتشكيل حكومة خدمة وطنية تتولى المهام الإصلاحية ومحاربة الفساد ونبذ المحاصصة وإعادة هيبة الدولة... وبمشاركة واسعة من جميع القوى السياسية الراغبة في المشاركة".

وأعلنت اللجنة المنظمة لمظاهرات "الإطار التنسيقي" إنهاء الاعتصام قرب الجسر المعلق وسط بغداد بعدما طلب الصدر من أتباعه مغادرة مقر البرلمان والمنطقة الخضراء، فيما وجّه رئيس الوزراء بفتح الجسر.

بارازني يدعو للحوار

وفي كردستان العراق، رحب رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني بموقف الصدر الذي اعتبره "موقفاً وطنياً مسؤولاً"، وعبر عن أمله في أن يعم الأمان والاستقرار البلد.

وجدد بارزاني الدعوة لكل القوى والأطراف للحوار من أجل حل المشاكل وإنقاذ العراق من هذا "الوضع الصعب".

وأكد رئيس وزراء كردستان مسرور بارزاني على أن الوقت قد حان لحوار "شامل وصريح بشأن القضايا العميقة والخطيرة التي تواجهها البلاد"، مشدداً على ضرورة "أن نتقبل بأن الوضع الذي نحن فيه الآن جميعاً يتطلب حلاً دائماً".

وعلى الصعيد الإقليمي، ثمّن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، دعوة زعيم التيار الصدري لوقف العنف، مطالباً الجميع بالتجاوب معها "والعودة بالأمور عن حافة الهاوية".

وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إنها تتابع "ببالغ القلق والاهتمام" تطورات الأحداث في العراق، وعبرت عن أسفها لما آلت إليه التطورات من سقوط ضحايا وإصابة آخرين.

وأضاف البيان أن المملكة تدعو كل الأطراف في العراق إلى "الوقوف صفاً واحداً للحفاظ على مقدرات ومكتسبات العراق وشعبه"، وتحث جميع القوى السياسية على اللجوء للحلول السلمية لمعالجة مطالب الشعب "بما يضمن الأمن والاستقرار والازدهار للبلاد".

تضامن عربي

وأكدت السعودية دعمها لكافة الجهود الرامية إلى تجنيب العراق وشعبه "ويلات الانقسام والصراع الداخلي".

وفي اتصال هاتفي مع وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، أكد وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وقوف بلاده وتضامنها مع العراق في ظل التحديات التي يمر بها، ودعمها لأمنه واستقراره ووحدة وسيادة أراضيه.

بدوره، عبر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تقديره للجهود "المخلصة" من الأطراف العراقية ودعوات التهدئة من مختلف القوى السياسية بالبلاد لوقف التصعيد وأعمال العنف، والتى أدّت إلى الاحتواء السريع للأزمة الأخيرة.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن السيسي عبر أيضاً عن أمله في استثمار جهود احتواء الأزمة بالعراق "للبناء عليها لتعزيز مسار الحوار بين الجميع من أجل سلامة العراق والحفاظ على مقدراته".

وحثّت وزارة الخارجية الكويتية كافة الأطراف العراقية على ضبط النفس ونبذ العنف وتغليب لغة الحوار، وطالبتها بتغليب المصلحة العليا لبلدهم "حفاظاً على مكتسباته وحقناً لدماء شعبه".

وشددت الخارجية أيضاً على تضامن الكويت مع العراق حكومة وشعباً، معبرة عن الأمل أن يسود الأمن والاستقرار ربوع البلاد.

في ما دعت وزارة الخارجية البحرينية، مواطنيها في العراق إلى المغادرة فوراً "حفاظاً على أمنهم"، كما دعت الراغبين في السفر للعراق إلى تأجيل سفرهم في الوقت الراهن.

من جانبه، أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على ضرورة الحوار من أجل استعادة الأمن والاستقرار في العراق.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" بأن منظمة الحج والزيارة الإيرانية، أعلنت إلغاء كافة رحلاتها البرية والجوية إلى المزارات الدينية المقدسة في العراق إلى إشعار آخر، وقالت إن استئناف الرحلات مرهون بانتهاء الاضطرابات وعودة الهدوء والظروف الأمنية داخل العراق إلى طبيعتها.

ولاحقاً، أعلن قائد حرس الحدود الإيراني إعادة فتح منفذ الشلمجة الحدودي مع العراق، مشيراً إلى أنه سيتم فتح منفذي مهران وجذابة "قريباً جداً".

وذكر وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي، أن الحدود الجوية مع العراق مفتوحة، بينما سيتم فتح الحدود البرية "متى ما حصلنا على الاطمئنان على سلامة الزوار".

دعم أممي وأميركي

أما على المستوى الدولي، فقد رحبت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) بتصريحات الصدر ووصفتها بالإعلان "المعتدل"، قائلة إنها تذكّر بما شددت عليه من أن "ضبط النفس والهدوء ضروريان لكي يسود العقل".

وعبرت السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوسكي أيضاً عن ترحيب واشنطن بالدعوات التي وجهت إلى المتظاهرين بإنهاء الصراع فوراً والانسحاب من المؤسسات الحكومية، مؤكدة على ضرورة إجراء "حوار جاد" لمواجهة التحديات.

وذكرت السفيرة أن الولايات المتحدة تحث جميع العراقيين على السماح لمؤسسات الحكومة بمواصلة عملها لدعم أمن العراق واستقراره وسيادته".

وأضافت: "لا يمكن حل التحديات العاجلة التي يواجهها العراق إلّا من خلال الحوار الجاد. حان الوقت الآن".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات