اكتشاف نوعين جديدين من الديناصورات في بريطانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
صورة تعبيرية لديناصورين
صورة تعبيرية لديناصورين
محمد منصور

اكتشف علماء من "جامعة ساوثهامبتون" الإنجليزية بقايا لنوعين جديدين من السبينوصورات، عاشت على جزيرة وايت البريطانية ذات الطبيعة الخلابة، بحسب ما ذكرت دراسة نُشرت نتائجها في دورية "ساينتفك ريبورتس".

وقال العلماء إن هذه الديناصورات الجديدة "وثيقة الصلة" بالسبينوصور المصري الذي تم اكتشافه في صحراء مصر الغربية قبل أكثر من 100 عام، وتحديداً عام 1912.

وفي تلك الفترة، كان عالم ألماني يُنقب في رمال وتلال صحراء مصر الغربية، بحثاً عن حفريات في تلك المنطقة التي كانت غابات وبحيرات قديماً، وحينها وقعت عيناه على كنز كبير، إذ وجد مجموعة من الحفريات لنوع جديد تماماً من الديناصورات، عاش في تلك المنطقة قبل نحو 95 مليون عاماً. وبعد 3 أعوام من عثوره على تلك الحفرية، أطلق عليها اسم "الاسبينوصور المصري".

واكتشفت بعدها بسنوات، حفريات لهذا النوع من الديناصورات في عدد من البلدان. ويتمتع بفك قوي وأسنان حادة، وطالما كان في قمة السلسلة الغذائية، بسبب قدرته الهائلة على افتراس كل ما حوله من الكائنات.

إلا أن الأمر المميز في هذا النوع، هو وجود شراع من الأشواك العظمية على ظهره، حيث تساعده على تنظيم درجة حرارة جسمه، وفي الوقت نفسه تُرهب أعداءه وتمنعهم من مهاجمته.

 الديناصور المصري والإنجليزي

وقال كريس باركر، طالب الدكتوراه في "جامعة ساوثهامبتون"، والمؤلف الرئيسي للدراسة، في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، إنه "لا يُمكن إنكار الصلة بين الديناصور المصري والإنجليزي، فكلاهما من الفصيلة نفسها، كما أن النوعين الجديدين ربما كانا أجداداً للاسبينوصور المصري".

والنوعان الجديدان من السبينوصورات لهما جماجم ضخمة وغير عادية تشبه التمساح، وهو الأمر الذي ساعدهما على توسيع نظامهما الغذائي، إذ سمحت لهما تلك الجماجم الضخمة بمطاردة الفرائس على الأرض وفي الماء.

وتم اكتشاف العظام على شاطئ الجزيرة على مدى سنوات عدة، إذ عثر جامعو الأحافير على أجزاء من جمجمتين في البداية، واستعاد طاقم من متحف الجزيرة جزءاً كبيراً من الذيل.

وإجمالاً، تم اكتشاف أكثر من 50 عظمة مفي الموقع، وسط الصخور التي تشكل جزءاً من تكوين "ويسكس" الصخري الذي يعود لأكثر من 125 مليون عام خلال أوائل العصر الطباشيري.

صخور العصر الطباشيري المبكر الموجودة على جزيرة وايت وبيئة السهول الفيضية القديمة تؤكدان أن مناخ الجزيرة قبل 125 مليون عام كان يشبه مناخ البحر الأبيض المتوسط.

ووقتها، كانت حرائق الغابات معتدلة بشكل عام، غير أنها كانت تحدث من آن إلى آخر وتُدمر الأشجار في تلك المنطقة، ويمكن الآن رؤية بقايا الخشب المحترق في جميع أنحاء منحدرات الجزيرة.

جزيرة وايت

 كانت جزيرة وايت تملك نهراً كبيراً ومسطحات مائية تجتذب الديناصورات وتؤوي العديد من الأسماك وأسماك القرش والتماسيح، وبالتالي وفّرت الموطن المناسب للسبينوصورات المكتشفة حديثاً بسبب وجود الكثير من فرص الصيد.

وتلك الهياكل هي الثانية من نوعها التي تم العثور عليها في إنجلترا، فالهيكل العظمي الوحيد للسبينوصور الذي تم اكتشافه سابقاً في المملكة المتحدة ينتمي إلى الديناصور "باريونيكس" الذي جرى اكتشافه في البداية عام 1983، أما معظم الاكتشافات الأخرى منذ ذلك الحين حتى الآن، فاقتصرت على أسنان معزولة وعظام مفردة.

وتقول الورقة العلمية إن تحليل العظام الذي تم إجراؤه في "جامعة ساوثهامبتون" أكد أن تلك الهياكل تنتمي إلى أنواع من الديناصورات لم تكن معروفة من قبل للعلم.

وجد الباحثون أن الجماجم لا تختلف فقط عن الباريونيكس، ولكن أيضاً عن بعضها البعض، مما يشير إلى أن المملكة المتحدة تضم تنوعاً في السبينوصورات أكبر مما كان يعتقد سابقاً. 

سيراتوسوكوبس أنفريديوس

وتم تسمية العيّنة الأولى "سيراتوسوكوبس أنفريديوس" (Ceratosuchops inferodios)، ويمكن ترجمتها إلى "مالك الحزين المرعب ذو وجه التمساح". 

ويتميز ذلك النوع بوجود سلسلة من القرون المنخفضة والنتوءات التي تزين منطقة الحاجب، ويشير الاسم أيضاً إلى أسلوب الصيد المحتمل للحيوان المفترس، والذي يشبه أسلوب طائر مالك الحزين الذي يشتهر بصيد الفريسة المائية من حول أطراف المجاري المائية، عبر مد منقاره إلى الماء بسرعة وفعالية.

لكن الباحثين يقولون إن ذلك الديناصور "له نظام غذائي أكثر مرونة بكثير مما هو معروف بشكل عام"، إذ يمكن أن تشمل فرائسه الحيوانات البرية أيضاً.

"ريباروفينتور مايلنيريا"

أما العيّنة الثانية فأطلق عليها الباحثون اسم "ريباروفينتور مايلنيريا" (Riparovenator milnerae)، ويمكن ترجمتها إلى "صائد ميلنر على ضفة النهر"، تكريماً لعالمة الحفريات البريطانية المرموقة أنجيلا شيريل ميلنر التي وافتها المنية في أغسطس الماضي.

ودرست ميلنر السبينوصورات، كما ساهمت في اكتشاف ديناصور "باريونيكس"، وهو حدث كبير في علم الحفريات، أدى اكتشافه إلى تحسين فهمنا لهذه الحيوانات المفترسة المميزة بشكل كبير.

وقال الدكتور ديفيد هون، مؤلف مشارك من "جامعة كوين ماري" في لندن، في بيان صحافي تلقت "الشرق" نسخة منه: "قد يبدو غريباً أن يكون لديك نوعان من آكلات اللحوم يتشابهان ويرتبطان ارتباطاً وثيقاً بنظام بيئي واحد، ولكن هذا في الواقع شائع جداً عند الديناصورات والعديد من النظم البيئية الحية".

على الرغم من أن الهياكل العظمية غير مكتملة، يقدّر الباحثون أن كلا النوعين المكتشفين حديثاً يبلغ طولهما نحو تسعة أمتار، ويقوم كلاهما بالهجوم على الفرائس بجماجمهما التي يبلغ طولها متراً.

واقترحت الدراسة أيضاً كيفية تمكّن السبينوصورات من التطوّر لأول مرة في أوروبا، قبل أن تنتشر في آسيا وإفريقيا وأميركا الجنوبية.

"اكتشاف نادر ومثير"

وقال جامع الأحافير الإنجليزي برايان فوستر، الذي قدم مساهمة مهمة في الاكتشافات والنشر: "هذا هو أكثر الاكتشافات ندرة وإثارة، التي قمت بها خلال أكثر من 30 عاماً من جمع الأحافير".

وأضاف زميله جيريمي لوكوود، الذي يعيش في جزيرة وايت واكتشف العديد من الحفريات: "لقد أدركنا بعد العثور على الجمجمتين أن هذا سيكون شيئاً نادراً وغير عادي ثم أصبح الأمر مدهشاً أكثر فأكثر، بعد تبرع العديد من الجامعين بأجزاء أخرى من هذا اللغز الهائل للمتحف".

وأشار الدكتور مارتن مونت، أمين متحف الجزيرة، إلى أن هذه الاكتشافات "تعزز مكانة جزيرة وايت كواحدة من أفضل المواقع لبقايا الديناصورات في أوروبا"، مضيفاً أن المشروع "يعزز أيضاً فكرة تقول بأن هواة الجمع والمتاحف والجامعات عليهم العمل معاً لتسليط الضوء على العيّنات الأحفورية".

وسيتم عرض الحفريات الجديدة في متحف جزيرة الديناصورات في سانداون بجزيرة وايت الإنجليزية.

اقرأ أيضاً: