أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية المقالة من البرلمان الخميس، تنفيذ ضربات جوية والاستعداد لعملية عسكرية برية على مواقع مهرِّبين في غرب البلاد، بينما انتقدت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان هذه التحركات، ودعت المبعوث الأممي عبد الله باتيلي إلى التدخل.
وقالت وزارة الدفاع في حكومة الوحدة في بيان نشره مكتب الإعلام الحربي "طيراننا الوطني نفّذ صباح اليوم (الخميس) ضربات جوية دقيقة وموجهة، ضد أوكار عصابات تهريب الوقود، وتجارة المخدرات، والاتجار بالبشر، في منطقة الساحل الغربي".
وأضافت أن الضربات التي جرت "بمتابعة مباشرة من رئيس الحكومة" عبد الحميد الدبيبة "حققت أهدافها المرجوة"، من دون تقديم تفاصيل أخرى.
ودعت وزارة الدفاع "جميع المواطنين، التعاون التام مع القوات العسكرية والأركان العامة في العمليات العسكرية، والتي لن تتوقف إلّا بتحقيق جميع أهدافها".
وبحسب وسائل إعلام محلية، تقع المواقع المستهدفة في ضواحي مدينة الزاوية الساحلية على بعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، والتي تشهد منذ أسابيع اشتباكات بين جماعات مسلحة متورطة في الاتجار بالبشر وعمليات تهريب أخرى مثل تهريب الوقود.
ولم تعلن أي حصيلة رسمية حتى الآن، لكن مواقع إخبارية ليبية قالت إن الضربات نفذتها طائرات مسيّرة، وأفادت بوقوع أضرار مادية في بلدة المايا الساحلية الصغيرة التي تبعد حوالى ثلاثين كيلومتراً غرب العاصمة، وفي منطقة أبو صرة جنوب الزاوية.
وكثيراً ما تتهم تلك الجماعات بالتورط في أنشطة غير قانونية من بينها الاتجار بالمهاجرين، مستفيدة من الفوضى التي تسود البلد.
عملية عسكرية برية
وأشار مصدر في وزارة الدفاع في حكومة الوحدة لقناة "ليبيا الأحرار" إلى أن "الطيران استهدف مواقع مخصصة للتهريب في محيط ميناء زوارة"، فيما ذكر المتحدث باسم حكومة الوحدة الليبية محمد حمودة للقناة أن "القصف في الزاوية ضمن خطة الحكومة الأمنية في المنطقة الغربية والزاوية".
ونقل تليفزيون "المسار" الليبي عن مصدر عسكري بحكومة الوحدة الوطنية قوله إن "الحكومة تعتزم القيام بعملية عسكرية برية في المنطقة الغربية خلال ساعات"، لافتاً إلى أن "ذلك يأتي وسط تحليق مكثف لطائرات حربية مسيرة في سماء مناطق العزيزية وغريان وصرمان وجنوب صبراتة".
"قصف عشوائي"
من جهتها، نددت وزارة الداخلية في الحكومة المعينة من البرلمان بما وصفته بأنه "قصف عشوائي بطائرات مسيرة على مواقع في الزاوية وميناء الماية التابع للوزارة"، مشيرةً إلى أن الضربات "أسفرت عن إصابة عدد من عناصر الأمن" التابعين لها.
ودعت "الجهات المعنية بضرورة ممارسة مهمتها وفتح تحقيق على الفور حول هذه العملية والتي قد تكون عواقبها وخيمة".
حمّل أهالي منطقة أبوصرة بمدينة الزاوية في بيان حكومة عبد الحميد الدبيبة مسؤولية "قصف المدنيين ومواقع مدنية كما أنها تسعى لجر المنطقة للحروب"، مشيرةً إلى أنها "لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه العدوان الغاشم".
وقال المتحدث باسم أهالي المنطقة في بيان مسجل عبر مقطع فيديو إن "القصف استهدف مقار تابعة للنائب علي أبوزريبه" شقيق اللواء عصام أبوزريبه وزير داخلية الحكومة المكلفة من البرلمان".
ونقلت صحيفة "الساعة 24" الليبية عن عضو مجلس النواب عن الزاوية علي أبوزريبة قوله: "تعرضنا للهجوم بواسطة طيران مسيّر".
تحذير من "إشعال الحرب"
وأدانت الحكومة المكلفة من البرلمان في بيان قصف الزاوية والمنشآت العامة بالطيران المسير "وترويع المدنيين"، وحذرت من "الإفراط في استخدام القوة التي من شأنها إشعال فتيل الحرب".
وكانت منصة (فواصل) الإعلامية الليبية قالت إن القصف، الذي طال مناطق بوصرة والمطرد والحرشة بالزاوية وميناء الماية، "أثار جدلاً بين حكومتي الوحدة الوطنية بطرابلس والحكومة المكلفة من مجلس النواب، خاصة وزارة الداخلية، برئاسة عصام بوزريبة".
وتعد مدينة الزاوية إحدى أكبر المدن التي ينتشر فيها المهاجرون الأفارقة، وكذلك سواحل المدينة من أكثر المناطق الليبية نشاطاً لشبكات الاتجار بالبشر التي تنقل المهاجرين بحراً، كما تصنف من أكثر مدن غرب البلاد التي تشهد نزاعات بين المجموعات المسلحة، بحسب وكالة "فرانس برس".
يأتي القصف وسط مطالبات من أهالي المنطقة بضرورة العمل على تحسين الوضع الأمني في المدينة التي تعاني من فوضى أمنية، في ظل ما وصفوه بتغول نفوذ الجماعات المسلحة والعصابات خلال الأشهر الماضية.
وتصاعدت هذه المطالبات بعد تداول مقاطع فيديو لشباب يتعرضون للتعذيب على يد أفارقة داخل مقر إحدى الجماعات المسلحة، والعثور على جثة شاب تعرض للاختطاف من قبل مجموعة مسلحة ملقاة على شاطئ البحر وعليها آثار تعذيب.
وسبق أن تعهد رئيس الأركان العامة للجيش بالمنطقة الغربية محمد الحداد بتحسين الوضع الأمني بالزاوية، مرجعاً الخلل الأمني الموجود بالبلاد إلى تضارب الصلاحيات بين الأجهزة الأمنية المنشأة.