تقرير: كوريا الشمالية تتحايل على العقوبات وتعزز ترسانتها العسكرية والنووية

time reading iconدقائق القراءة - 8
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال ورشة عمل لقادة ومسؤولين سياسيين الجيش في بيونغ يانغ - 30 يوليو 2021 - REUTERS
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال ورشة عمل لقادة ومسؤولين سياسيين الجيش في بيونغ يانغ - 30 يوليو 2021 - REUTERS
دبي - الشرق

أكدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، أن كوريا الشمالية "لا تزال قادرة على إيجاد طرق جديدة للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها من الأمم المتحدة والولايات المتحدة"، والمعروفة باسم "استراتيجية الضغط الأقصى"، من خلال سرقة العملات المشفرة وعمليات السطو السيبرانية المربحة.

وقالت "فاينانشيال تايمز" في تقرير نشرته، الاثنين، إن الخبراء يرون أن العقوبات ستؤدي في النهاية إلى مزيد من الضرر، لأنها تزيد من عزلة "الدولة السرية"، وأكدوا أن هناك مؤشرات واضحة على أن "مخزونات كوريا الشمالية من الأسلحة النووية والكيميائية لم تتقلص نتيحة العقوبات".

وذكر  تقرير أممي أعده فريق من مراقبي العقوبات المستقلين للجنة العقوبات ضد كوريا الشمالية، الجمعة، أن كوريا الشمالية واصلت تطوير برامجها للصواريح النووية والباليستية خلال النصف الأول من عام 2021 في انتهاك للعقوبات الدولية، وذلك رغم الوضع الاقتصادي الذي يزداد سوءاً في البلاد بحسب رويترز.

وخلص مراقبو العقوبات المستقلون، إلى أنه "رغم تركيز البلاد على متاعبها الاقتصادية التي تزداد سوءاً، واصلت كوريا الشمالية صيانة وتطوير برامج الصواريخ النووية والباليستية".

خنق مصادر الدخل

وأشارت الصحيفة إلى الفترة التي كانت فيها الكويت مركزاً هاماً في "شبكة البؤر الاستيطانية الأجنبية لكوريا الشمالية"، انتهت، حيث كان الآلاف من العمال يسافرون سنوياً من بيونج يانج إلى الدولة الخليجية، أو أي دولة أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا عبر إسلام أباد، قبل إرسالهم إلى مواقع البناء.

وأضافت الصحيفة أن عائدات العملة الصعبة التي حققها العمال الكوريون الشماليون في الخارج وصلت في ذروتها إلى نحو 500 مليون دولار، وفقاً لتقديرات الحكومة الأميركية.

وتراجع تدفق العمال الكوريين الشماليين قبل سنوات قليلة لتصبح نادرة للغاية بعد تصرف الكويت وفقاً لعقوبات الأمم المتحدة التي تحظر العمالة الخارجية الكورية الشمالية. وأدى هذا التراجع إلى اختفاء الموظفين القنصليين المكلفين بإصدار التأشيرات للعاملين وتجهيز عقودهم ورواتبهم، ما قلل من فرصهم في الحصول على الرشاوى وإعداد مخططات التهريب.

وقال أشخاص مطلعون على برقية رسمية أُرسلت إلى دبلوماسيين في سيول في عام 2019 للصحيفة إن كوريا الشمالية كافحت لدفع إيجار سفارتها في الكويت، وأنها أُجبرت على الانتقال إلى مقر أقل تكلفة. وقال أحد هؤلاء الأشخاص، "كانت الأمور مختلفة تماماً بعد تنفيذ العقوبات".

وقالت الصحيفة إن سقوط مخطط جمع الأموال من الخليج يمثل إحدى نتائج حملة العقوبات القاسية المعروفة باسم "الضغط الأقصى" المستمرة منذ 15 عاماً بقيادة الأمم المتحدة والولايات المتحدة، والتي صُممت لخنق مصادر دخل النظام الكوري الشمالي.

وأوضحت الصحيفة، أن العمالة الخارجية الكورية الشمالية، تمثل خيطاً واحداً فقط في شبكة ضخمة من المخططات المراوغة المصممة لغرض واحد، وهو جلب المال لنظام كيم جونج أون. 

الشعب وحده يعاني

وأضافت الصحيفة أن المواطنين الكوريين العاديين، عانوا من الضرر الناجم عن العقوبات، وأن معاناتهم تفاقمت في الأشهر الـ18 الماضية بسبب الإجراءات المفروضة على التجارة الخارجية والسفر، في محاولة من بيونج يانج للسيطرة على جائحة فيروس كورونا "كوفيد-19". وأدت هذه الإجراءات إلى انقطاع الوصول للصين، شريان الحياة الاقتصادي الرئيسي لكوريا الشمالية.

وتعرض الاقتصاد الكوري الشمالي إلي أكبر انكماش منذ 23 عاماً في 2020، تحت وطأة عقوبات الأمم المتحدة المستمرة، وإجراءات الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد، وسوء الأحوال الجوية.

ولفت البنك المركزي الكوري الجنوبي إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لكوريا الشمالية انكمش 4.5% العام الماضي، وهو أسوأ انكماش منذ عام 1997، بعدما حقق نمواً بلغ 4% عام 2019، وقد كان أول نمو في ثلاث سنوات.

وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة "فاو"، التابعة للأمم المتحدة، في يوليو الماضي، أن كوريا الشمالية قد تسجل نقصاً في المواد الغذائية قدره 860 ألف طن هذا العام، محذرة من أن الكوريين الشماليين قد يبدأون مواجهة صعوبات اعتباراً من أغسطس.

وقالت "فاو" في تقريرها، إنه من المرتقب أن تنتج كوريا الشمالية هذا العام 5.6 مليون طن من الحبوب، أي أقل بقرابة 1.1 مليون طن مقارنةً بما تحتاجه لتأمين المواد الغذائية لشعبها.

وطوال هذه الفترة، استمر زعيم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، في عيش حياة الترف دون خجل. وقالت ريتشيل لي، المحللة السابقة في الحكومة الأميركية وتعمل الآن في مركز ستيمسون للأبحاث في واشنطن، للصحيفة إن هناك عالمين مختلفين، بالتأكيد هناك انفصال بين أسلوب حياة ليس فقط عائلة كيم ولكن النخبة العليا أيضاً، وبقية السكان".

تعزيز الترسانة الصاروخية

وقالت "فاينانشيال تايمز"، إن فشل العقوبات أثار دعوات لإدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، لإصلاح الأمر الذي تحول لسياسة أمر واقع في 4 إدارات متعاقبة.

وقال أحد كبار المستشارين الرئاسيين السابقين في سيول، والذي تعامل مباشرة مع بيونج يانج، للصحيفة: "الغرض الأصلي لم يتحقق، فأسلحة كوريا الشمالية النووية وقدراتها الصاروخية تعززت. ومع ذلك، الأضرار الجانبية كانت واسعة النطاق. الشعب الكوري الشمالي يعاني، وجهود الإصلاح والانفتاح وإقامة نظام للسوق تأخرت أكثر. ولكنهم لا يستطيعون التخلص منها؛ لأن العقوبات أصبحت مثل الدين في واشنطن، لا أحد يستطيع المساس بها".

وتحدت بيونج يانج سلطة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن في مارس الماضي بعد أقل من شهرين علي توليه السلطة حين أطلقت صاروخين باليستيين سقطا في البحر، واستعرضت عبر العام الماضي عدداً من الصواريخ الباليستية التي بدا أن بعضها يمكن إطلاقه من غواصات.

وخرقت قرارات مجلس الأمن التي تحظر عليها مواصلة تجاربها الصاروخية التي أحرزت فيها تقدماً كبيراً في عهد كيم جونج أون، ففي 2017، خطت كوريا الشمالية خطوات كبيرة في قدراتها العسكرية، حيث أطلقت خلال ذلك العام صاروخها الباليستي متوسط ​​المدى "هواسونغ -12"، فوق اليابان، وهددت بضربة "تطويق" حول أراضي جوام الأميركية.

انتهاك العقوبات

ويتعقب محققو الأمم المتحدة، ومسؤولو هيئات إنفاذ القانون، والمسؤولون العسكريون في عشرات الدول، الأفراد، والشركات، والحكومات لإحباط أي انتهاكات للعقوبات بحسب الصحيفة.

وقال مركز دراسات الدفاع المتقدمة في واشنطن، إن كوريا الشمالية اشترت سلعاً فاخرة مما يصل إلى 90 دولة في الفترة بين عامي 2017 و2019.

وبالنسبة للعديد من الخبراء، تمثل قدرة كوريا الشمالية المتزايدة على ارتكاب الجرائم السيبرانية قلقاً متزايداً أكثر من كيفية حصول كيم جونج أون على سياراته الفارهة من طراز "مرسيدس - مايباخ".

وفي مارس الماضي، أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن قيمة سرقات العملات المشفرة بلغت 316 مليون دولار في الفترة بين عامي 2019 و2020. وأفادت إحدى الشكاوى التي قدمتها وزارة العدل الأميركية في أغسطس الماضي بأن أحد القراصنة الذين ترتبط أسمائهم بكوريا الشمالية سرق عملات مشفرة تزيد قيمتها عن 272 ألف دولار.