تعهدات صينية وأخرى أسترالية لحسم التنافس في جزر المحيط الهادئ

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير خارجية جزر سليمان جيريميا مانيلي (يسار) يستقبل نظيره الصيني وانج يي لدى وصوله إلى مطار هندرسون الدولي في هونيارا - 25 مايو 2022 - AFP
وزير خارجية جزر سليمان جيريميا مانيلي (يسار) يستقبل نظيره الصيني وانج يي لدى وصوله إلى مطار هندرسون الدولي في هونيارا - 25 مايو 2022 - AFP
دبي - الشرق

بدت دول المحيط الهادئ ساحة تنافس بين بكين وكانبيرا، الخميس، إذ شدد وزير الخارجية الصيني، وانج يي، على أن بلاده تأمل أن تصبح علاقاتها مع جزر سليمان "نموذجاً" للدول الأخرى في المنطقة، فيما تعهدت نظيرته الأسترالية بيني وونج، بأن بلادها ستكون "شريكاً دون شروط" لهذه البلدان.

يأتي ذلك في ظلّ مخاوف متزايدة، أعربت عنها أستراليا والولايات المتحدة ونيوزيلندا ودول أخرى، بشأن طموحات عسكرية ومالية للصين في منطقة جنوب المحيط الهادئ، لا سيّما بعدما وقّعت بكين اتفاقاً أمنياً مع جزر سليمان الشهر الماضي، أثار شكوكاً باحتمال سعيها إلى تشييد قاعدة عسكرية، في دولة تبعد ألفي كيلومتر عن أستراليا.

لكن جزر سليمان والصين تنفيان ذلك، علماً أن بكين تشدد على أن الاتفاق يركّز على ضبط الأمن الداخلي في جزر سليمان، معتبرة أن انتقادات الدول الغربية تشكّل تدخلاً في صنع قرارها السيادي.

ووصل وانج يي، الخميس، إلى جزر سليمان، في مستهلّ جولة في المنطقة تستمر 10 أيام وتشمل 7 دول أخرى، هي كيريباتي وساموا وفيجي وتونجا وفانواتو وبابوا غينيا الجديدة وتيمور الشرقية.

يأتي ذلك بعدما نشرت وسائل إعلام عالمية مسوّدة وثيقة يأمل وانج أن توقّعها 10 دول في المحيط الهادئ خلال زيارته، علماً أنها تمتد لخمس سنوات وتشمل مسائل واسعة، من الأمن إلى مصايد الأسماك، واعتبر رئيس ميكرونيزيا، ديفيد بانويلو، أنها تُظهر نية الصين في السيطرة على المنطقة و"تهدد الاستقرار الإقليمي"، كما تفاقم مخاوف من "حرب باردة" جديدة بين الصين والغرب.

ويأمل الوزير الصيني أن تصادق تلك الدول على هذه المسوّدة، بعد اجتماع في فيجي، الاثنين المقبل، مع نظرائه في جزر المحيط الهادئ.

"شريك مخلص وموثوق به"

وانج يي الذي التقى الحاكم العام لجزر سليمان بالوكالة، باتيسون أوتي، قال في هونيارا (العاصمة)، الخميس: "نأمل أن تصبح العلاقات بين الصين وجزر سليمان في ما بعد قاعدة للتعاون متبادل المنفعة، ونموذجاً للثقة المتبادلة بين الصين والدول الجزرية".

وأضاف أن جزر سليمان اكتسبت "شريكاً مخلصاً وموثوقاً به"، عندما أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين، في عام 2019، إثر قطعها علاقاتها بتايوان. واعتبر الوزير الصيني أن الاتفاق "لا لبس فيه وصريح وصادق"، مؤكداً أن بكين "لا نية لديها إطلاقاً" في تشييد قاعدة عسكرية في جزر سليمان، بحسب وكالة "فرانس برس".

وأعلنت حكومة جزر سليمان أن وانج سيوقّع اتفاقات تعاون بين البلدين، خلال زيارة تستغرق يومين، علماً أن الوفد الصيني يضمّ 44 شخصاً، بينهم نواب وزراء الشؤون الخارجية والتجارة والبيئة ومسؤولون إعلاميون، كما أفادت وكالة "رويترز".

وحضّت "الرابطة الإعلامية لجزر سليمان"، أعضاءها على مقاطعة المؤتمر الصحافي لوانج ونظيره من جزر سليمان، جيريمايا مانيلي، نتيجة دعوة وسائل إعلام مختارة فقط إلى الحدث، والسماح بسؤال واحد فقط يُوجّه إلى وانج، ويطرحه مراسل شبكة التلفزة الرسمية الصينية "سي سي تي في"، بحسب وكالة "أسوشيتد برس".

وكتبت رئيسة الرابطة، جورجينا كيكيا، على تويتر: "احتجاجنا يستهدف أن ترى حكومتنا خيبة أملنا. خذلونا وفشلوا في حماية الديمقراطية".

وينتقل الوفد الصيني إلى كيريباتي، الجمعة، حيث سيبقى وانج 4 ساعات فقط، مخصّصة لاجتماعات وتوقيع اتفاقات.

وقال رئيس وزراء فيجي، فرانك باينيماراما، إنه سيلتقي بيني وونج وزيرة الخارجية الأسترالية، الجمعة، ووانج يي وزير الخارجية الصيني، الاثنين. وكتب على تويتر: "سُئلت عن أجندة فيجي. على كل الطاولات، الأمر الأكثر أهمية هو شعبنا وكوكبنا، فضلاً عن احترام القانون الدولي".

شريك لا يطرح شروطاً

وفيما كان وانج يتحدث عن "نموذج" جزر سليمان، كانت وونج تلقي خطاباً أمام أمانة منتدى جزر المحيط الهادئ في فيجي، مشيرة إلى أن المنتدى، الذي أُسّس في عام 1971 ويضمّ 18 دولة، بينها أستراليا، يشكّل "قلب الطابع الإقليمي في منطقة المحيط الهادئ".

وأقرّت بأن أستراليا لم تحترم سابقاً، كفاح دول المحيط الهادئ لكبح الاحتباس الحراري وارتفاع مستويات سطح البحر، متعهدة بأن حكومة حزب العمال الجديدة في بلادها ستفعل المزيد، بما في ذلك تمويل البنية التحتية لمواجهة تغيّر المناخ، وتقديم مسارات هجرة، بحسب "رويترز". وحمّلت الحكومة الأسترالية السابقة مسؤولية تقويض العلاقات مع دول المنطقة، من خلال إهمال "مسؤوليتها للعمل بشأن تغيّر المناخ".

وقالت: "التحديات الثلاثة، للمناخ وفيروس كورونا والتنافس الاستراتيجي، ستشكّل تحدياً لنا بوسائل جديدة. نتفهّم أن أمن أيّ فرد من أسرة المحيط الهادئ يعتمد على الأمن للجميع".

وأضافت، في إشارة ضمنية إلى الصين، التي تعرّضت لانتقادات بعد عمليات إقراض مكثفة في المنطقة: "ستكون أستراليا شريكاً لن يأتي بشروط مرتبطة به، ولن يفرض أعباء مالية غير مستدامة. نحن شريك لن يقوّض أولويات منطقة المحيط الهادئ أو مؤسّساتها. وبدلاً من ذلك، نؤمن بالشفافية". وشددت على أن كانبيرا ستبقى "شريكاً حاسماً في التنمية" لمنطقة المحيط الهادئ في السنوات المقبلة، بحسب وكالة "بلومبرغ".

ورحّب الأمين العام للمنتدى، هنري بونا، بالتزامات الحكومة الأسترالية الجديدة، لا سيّما في ما يتعلّق بالاحتباس الحراري، معتبراً أنها "زعزعت أساس" اتجاه السياسة الخارجية لكانبيرا في المحيط الهادئ.

"خطأ" أستراليا

خطاب وونج جاء بعدما حذر رئيس الوزراء الأسترالي الجديد، أنتوني ألبانيز، من أن الاتفاق الأمني الذي أبرمته الصين ​​مع جزر سليمان ليس سوى بداية لطموحات بكين بشأن المحيط الهادئ. وقال للتلفزيون الأسترالي: "ندرك أن الصين ترى ذلك على أنه الأول من بين (اتفاقات) كثيرة، وهذا سياق زيارة وزير خارجيتها للمنطقة".

ويسعى ألبانيز إلى تعزيز العلاقات مع المحيط الهادئ، من خلال زيادة تمويل المساعدات الخارجية ودعم البنية التحتية. كما تعهّد بمزيد من العمل بشأن تغيّر المناخ. واعتبر أن الحكومة السابقة "ارتكبت خطأً" في تعاملها مع المحيط الهادئ، وتابع: "لا يمكننا تحمّل فعل ذلك. علينا إعادة التواصل مع المنطقة. إنها دول ذات سيادة بالطبع، وعلينا احترام ذلك. ولكن يجب أن نقدّم مزيداً من الدعم" لها.

وزاد ألبانيز: "علينا الردّ على ذلك، لأن الصين تسعى إلى تعزيز نفوذها في منطقة بالعالم، كانت فيها أستراليا الشريك الأمني المختار منذ الحرب العالمية الثانية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات