قالت وسائل إعلام أميركية، الجمعة، إن الرئيس جو بايدن يستعد للاعتراف رسمياً، السبت، بـ"المجازر التي طالت الأرمن خلال الحرب العالمية الأولى على يد الإمبراطورية العثمانية" على أنها "إبادة جماعية"، في خطوة من شأنها أن تؤدي إلى تأزم العلاقة بين واشنطن وأنقرة التي ترفض هذه الرواية.
ولم يعلّق البيت الأبيض بعد على هذه التقارير، لكن كبار نواب الحزب الديموقراطي عبّروا عن دعمهم للخطوة المرتقبة السبت، تزامناً مع "الذكرى السنوية لضحايا الإبادة في 1915"، وفق ما ذكرت وكالة فرانس برس.
وقال زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "أشعر بارتياح بالغ وامتنان وتأثر، لأنه بات بإمكاننا أخيراً إحياء الذكرى مع معرفتنا أن حكومة الولايات المتحدة ... اعترفت أخيراً بحقيقة إبادة الأرمن الجماعية".
"إبادة جديدة"
وشدد آدم شيف، عضو الكونغرس الديموقراطي، الذي أشرف على التشريع الأصلي بشأن "الإبادة" على أن أهمية خطوة بايدن المرتقبة تكمن في "التأكيد على تهديد حقيقي في العصر الحالي بحدوث إبادة جماعية"، في إشارة إلى طريقة تعامل الصين مع أقلية الأويغور المسلمة.
وقال شيف لشبكة "فوكس نيوز": "إذا كنا لن نعترف بإبادة وقعت قبل قرن، فما الذي يمكن أن يعكسه ذلك بشأن استعدادنا للوقوف ومواجهة إبادة جماعية تحصل اليوم؟".
من جانبه لم يؤكد الناطق باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، وجود أي إعلان مرتقب، ولكنه شدد على أنه "لا يزال بإمكان البلدين العمل على المسائل التي تصب في مصلحتهما المشتركة رغم الخلافات".
وتابع:"لدينا مصالح مشتركة مع أنقرة تشمل مكافحة الإرهاب وإنهاء النزاع في سوريا، كأصدقاء وحلفاء، عندما تكون لدينا خلافات نطرحها ... ولا يمكن التغطية عليها".
ورغم عقود من الضغوط من قبل الجالية الأميركية الأرمنية، تجنّب الرؤساء المتعاقبون على البيت الأبيض الخوض في هذه القضية، خشية أن يؤثر ذلك على العلاقة مع تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي "ناتو"، والتي ترفض هذا الاتهام بشكل قاطع.
لكن بايدن تعهّد خلال حملته الانتخابية العام الماضي بالاعتراف بإبادة الأرمن، وقال في 24 أبريل الماضي:"علينا ألا ننسى إطلاقاً وألا نلتزم الصمت حيال حملة الإبادة المروعة والمنهجية تلك"، مضيفاً: "إذا لم نعترف بشكل كامل ونحيي الذكرى ونعلم أطفالنا عن الإبادة، ستُفقد كلمة لن يتكرر معناها".
"لا تبعات قانونية"
وقد لا يكون لوصف المجازر بـ"الإبادة الجماعية" تبعات قانونية، إلا أنه يمكن أن يشكل دعماً لمطالبات التعويض، غير أنه قبل كل شيء وبكل تأكيد سيثير غضب أنقرة التي تصر على أن "عدد الأرمن الذين قتلوا مبالغ فيه بشكل كبير"، وأن "عدداً أكبر من المسلمين قتل في تلك الفترة".
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لمستشاريه، الخميس، إن عليهم "الدفاع عن الحقيقة في وجه أولئك الداعمين لما يسمى كذبة الإبادة الجماعية للأرمن"، وفق ما أفاد مكتبه، من دون الإشارة إلى خطط بايدن المذكورة في وسائل الإعلام.
وبدوره حذّر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو من أن خطوة بايدن "ستوتر العلاقات الثنائية"، قائلاً: "إذا أرادت الولايات المتحدة التسبب بتدهور العلاقات فالقرار قرارها".
وفي عام 2019، صوّت مجلسا النواب والشيوخ في الكونغرس الأميركي على استخدام تسمية "إبادة جماعية" في قرار رمزي، ولكن الرئيس دونالد ترمب تجنب آنذاك استخدام هذا المصطلح في إطار مسعاه للمحافظة على علاقات وطيدة مع أردوغان، ولكنه وصف ما حصل بأنه كان "من بين أسوأ الفظائع واسعة النطاق التي شهدها القرن الـ20".