بلا قرار من الدولة اللبنانية.. "حزب الله" يعلن بدء استيراده الوقود الإيراني

time reading iconدقائق القراءة - 6
عناصر من الجيش اللبناني يداهمون إحدى محطات الوقود - مديرية التوجيه في الجيش اللبناني
عناصر من الجيش اللبناني يداهمون إحدى محطات الوقود - مديرية التوجيه في الجيش اللبناني
دبي - الشرق

قال الأمين العام لجماعة "حزب الله" اللبنانية، حسن نصر الله، إن أول سفينة محمّلة بمواد أساسية ستنطلق من إيران خلال ساعات، لافتاً إلى أنه خصص الشحنة الأولى للوقود، رافضاً الإفصاح عن موعد وتفاصيل وصولها، وهو ما استدعى رداً من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.

وأضاف نصر الله في خطاب متلفز أن ما يفصلنا عن السفينة الأولى هو "مسافة الطريق فقط، وعندما ستصل السفينة سيتبعها سفينة أخرى وسفن أخرى"، مؤكداً أن إيران "لم تتخلَّ يوماً عن حلفائها وأصدقائها".

وتوجه نصر الله للأميركيين والإسرائيليين بالقول إن "السفينة التي ستبحر بعد ساعات من إيران هي أرض لبنانية"، وذلك في إشارة إلى رد محتمل إذا تمت مهاجمة السفينة أو مصادرتها، كما يحصل عادة مع السفن الإيرانية التي تصادر بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد.

وأضاف أنه لا يريد الدخول في "تحدٍّ مع أحد ... نحن نريد أن نساعد شعبنا". 

وقال نصر الله إن من فرض علينا اتخاذ هذا القرار هو من فرض علينا الحرب الاقتصادية، مضيفاً أن هناك من يريد فرض خيارات على اللبنانيين"، و"نعرف أن الإدارة الأميركية هي التي تدير هذه الحرب".

وتابع: "نحن نعرف أن ما يجري في بلدنا هو حرب اقتصادية لإخضاع اللبنانيين وفرض الترسيم البحري" مع إسرائيل.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطرح "حزب الله" وأمينه العام مسألة استيراد الوقود والمحروقات من إيران، إذ سبق له في يونيو أن قال إن إيران قد تزوّد لبنان بالوقود بالعملة المحلية، وذلك بعد تفاقم أزمة العملة اللبنانية، وهو ما أثار أزمة سياسية، ومخاوف من فرض عقوبات على لبنان الذي يعاني من أسوأ أزمة اقتصادية شهدها في تاريخه الحديث.

وفي ردها على هذه التصريحات، قالت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شي، آنذاك، إن مقترح وصول الشحنات الإيرانية إلى موانئ بيروت "غير قابل للتطبيق". 

الحريري يردّ

وعلى الفور، رد رئيس الوزراء السابق سعد الحريري على خطاب نصر الله، مؤكداً أنه لن يكون "غطاءً لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم".

وقال الحريري في بيان إن "حزب الله يعلم أن أساس أزمة المحروقات في لبنان نشأ عن التهريب المتعمد لخدمة النظام السوري، والأجدى في هذه الحالة وقف التهريب بدل تمنين اللبنانيين بالحصول على المازوت الإيراني".

وأضاف: "يعلم الحزب أيضاً أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى"، مشيراً إلى أن "اعتبار السفن الإيرانية أراضي لبنانية يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية. ونحن بما نمثل على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أي ظرفٍ غطاء لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم".

وتابع الحريري: "نعم، إن إيران تعطل تأليف الحكومة وإلا كيف تجيز الدولة الإيرانية لنفسها مخالفة القوانين الدولية فتقبل إرسال السفن إلى لبنان من دون موافقة الحكومة اللبنانية؟ فهل نحن في دولة  تسلّم فيها حزب الله كل الحقائب الوزارية، من الصحة إلى الاقتصاد إلى الدفاع إلى المرافئ والأشغال العامة. له ساعة يشاء أن يطلب الدواء من إيران، وأن يستدعي السفن الإيرانية المحمّلة بالمازوت والبنزين، وأن يهدد بإدخالها بحراً وبراً، جهاراً نهاراً، رغماً عن السلطات العسكرية والأمنية؟!".

وأكد الحريري في بيانه: "نعم، المواقف التي سمعناها قبل قليل تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة. فأي حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع المجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء".

وأضاف أن حزب الله يستطيع "أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد (في إشارة إلى الرئيس ميشال عون)، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، ولكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية".

وختم الحريري: "هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع إلى جهنم".

أسوأ أزمة

وتشهد البلاد منذ أيام أزمة حقيقية في قطاع المحروقات بعدما قرر المركزي فتح اعتمادات لشراء المحروقات وفقاً لأسعار السوق الموازية، ما يعني فعلياً رفع الدعم عن المحروقات، ما سيؤثر حتماً على كل المنتجات في البلد. 

ويعاني لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850. 

ووضعت المصارف قيوداً على الودائع، وبدأت العملات الأجنبية تنفد من الأسواق والليرة اللبنانية تفقد قيمتها.

وضرب الانهيار قطاعات مهترئة أساساً مثل الكهرباء، وتعثرت أخرى أبرزها قطاع الصحة بعد تفشي فيروس كورونا ثم هجرة مئات الأطباء والممرضين، ومؤخراً نقص الأجهزة الطبية والأدوية جرّاء التدهور المالي وعدم القدرة على فتح اعتمادات الاستيراد بسبب نضوب الاحتياطي الإلزامي.

وقدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن 78% من سكان لبنان باتوا يعيشون تحت خط الفقر، فيما يعيش 36% في فقر مدقع.

ويحصل غالبية اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بما يفوق 400%، وفق الأمم المتحدة.