رد المغرب والجزائر، الثلاثاء، على القرارات الفرنسية بتقليص عدد التأشيرات التي تُقدم لمواطني تونس والمغرب والجزائر.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في مؤتمر صحافي جمعه مع نظيره الموريتاني إسماعيل ولد أحمد الشيخ، إن "قرار فرنسا غير مبرر"، مشيراً إلى أن المغرب تعامل دائماً مع قضايا الهجرة غير الشرعية بـ"صرامة ومنطق المسؤولية".
وأضاف أنه "من منطلق هذه المسؤولية كانت التعليمات واضحة والقنوات المغربية القنصلية أعطت 400 وثيقة سماح بالمرور في السنة الأخيرة".
من جهته، أعرب مسؤول في الخارجية الجزائرية، الثلاثاء، عن أسفه لقرار فرنسا تشديد شروط منح التأشيرات للرعايا الجزائريين، معتبراً الإجراء بـ"غير منسجم"، و"غير مناسب".
وقال عمار بلاني، المبعوث الخاص للخارجية الجزائرية، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية: "سجلنا هذا القرار غير المنسجم، ونعرب عن أسفنا لهذا القرار".
وأضاف أن هذا "القرار غير مناسب من حيث الشكل، لأنه يأتي عشية تنقل وفد جزائري لفرنسا بهدف تقييم جميع الحالات التي لم يبث فيها بعد، وتحديد الطرق العملية الأكثر ملاءمة، من أجل تعزيز التعاون في مجال تسيير الهجرة غير الشرعية".
واعتبر المسؤول الجزائري أن"البعد الانساني يوجد في قلب تفاصيل العلاقة الجزائرية-الفرنسية، والشراكة الاستثنائية القائمة بين البلدين"، مضيفاً أن الحركة بين البلدين "تستدعي تعاون صريح ومفتوح، وإدارة مشتركة في ظل روح الشراكة، وليس أمراً واقعاً يخضع لاعتبارات أحادية خاصة بالجانب الفرنسي".
تقليص التأشيرات
الناطق باسم الحكومة الفرنسية، غابرييل أتال، أكد في وقت سابق الثلاثاء، قرار السلطات الفرنسية تقليص عدد التأشيرات لمواطني الجزائر وتونس والمغرب، قائلاً إنه "قرار صارم وغير مسبوق لكن ضروري" من أجل ضبط ملف الهجرة واللجوء.
وجاء تأكيد أتال بعدما أعلنت إذاعة "أوروبا 1" الفرنسية، الثلاثاء، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرر خفض عدد التأشيرات الصادرة للجزائر والمغرب إلى النصف، وبنسبة 30% لتونس، معتبراً 2020 سنة مرجعية.
وأوضح الناطق في حديث إلى الإذاعة الفرنسية، أن القرار جاء بسبب رفض الجزائر وتونس والمغرب استعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير قانوني على الأراضي الفرنسية.
وقال إن "فرنسا تبنّت في عام 2018 قانوناً للهجرة" ينص على أن "الأشخاص المؤهلين الذين سيتم استقبالهم في فرنسا للاستفادة من اللجوء، يجب أن يكونوا مدرجين فعلياً في فرنسا، أما الذين لا يستوفون المؤهلات للبقاء على أراضينا فيجب إرجاعهم إلى الحدود".
وأضاف أن "بعض البلدان يرفض إصدار تصاريح المرور القنصلية، التي تسمح فعلياً بإبعاد الأشخاص وإرجاعهم إلى بلدانهم الأم".
عقوبات بعد فشل الدبلوماسية
وأكد الناطق باسم الحكومة الفرنسية، أن باريس "اعتمدت طريق الدبلوماسية" قبل الوصول إلى حد اتخاذ هذا القرار، قائلاً: "أجرينا حواراً مع بلدان المغرب (العربي) وطلبنا منها تسليم هذه التصاريح. كان هناك حوار، ثم تهديدات، ثم قرارات تنفيذية".
وأوضح أن الدبلوماسية شملت "توجّه رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس إلى البلدان المعنية لمتابعة الملف، وكذلك وزير الداخلية جيرالد دارمانان، كما جرت اجتماعات مع سفراء البلدان المعنية. ولكن مع عدم تحرك الأمور، طبّقنا القواعد" الفرنسية.
وأقر بأن "هذا القرار صارم وغير مسبوق، لكنه ضروري، لأن هذه البلدان لا تقبل باستعادة مواطنيها الذين لا نستطيع إبقاءهم في فرنسا".
هدف انتخابي؟
أرجعت الإذاعة الفرنسية القرار إلى هدف انتخابي يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تحقيقه في الرئاسيات المقررة في 10 أبريل 2022، خصوصاً أن ملف الهجرة يحتل الصدارة.
لكن الناطق باسم الحكومة أوضح أن مسار هذه القضية "بدأ منذ عام 2018. مررنا بعمل دبلوماسي، لأنه يجب الذهاب في طريق المناقشات والحوار قبل اتخاذ قرارات صعبة"، مضيفاً أن القرار "اتُخذ منذ أسابيع قليلة".
وأكد أن الهدف من القرار هو "دفع البلدان المعنية إلى تغيير سياستها والقبول بتسليم التصاريح القنصلية.. والتعاون مع فرنسا حتى تستطيع تطبيق قواعدها المتعلقة بالهجرة".
"صفر" تجاوب
وبحسب الإذاعة، فإنه بالنسبة إلى حالة الجزائر فقط، أصدر القضاء الفرنسي بين يناير ويوليو من العام الجاري، 7731 أمراً بمغادرة الأراضي الفرنسية، لكن 22 فقط عادوا إلى ديارهم، أي ما يعادل نسبة 0.2% تقريباً.
وأوضحت الإذاعة أن فرنسا أصدرت في الأشهر الستة الأولى من عام 2020، قرابة 63 ألف تأشيرة لـ96 ألف طلب، أي بمعدل 65%، وهو رقم ارتفع خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021، إذ استوفت فرنسا أكثر من طلبين من أصل 3 طلبات تأشيرة من الجزائر.
ولفتت إلى أن "ذلك دفع ماكرون إلى الطلب من الخدمات القنصلية إصدار 31500 تأشيرة بحد أقصى للأشهر الستة المقبلة، أي قسم العدد على اثنين".
ووفق الإذاعة، حقق عام 2019 رقماً قياسياً مع 275 ألف تأشيرة ممنوحة للجزائر.
أما في ما خص المغرب، فوصل عدد أوامر مغادرة الأراضي الفرنسية إلى 3301، أصدرت السلطات المغربية لـ138 منهم تصريحات قنصلية، واستردت 80 شخصاً.
كما وصل عدد أوامر المغادرة الصادرة بحق تونسيين إلى 3424، استردت السلطات 131 شخصاً، رغم أنها أصدرت 153 تصريحاً قنصلياً.