قال ديفيد كوهين، نائب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ، الثلاثاء، إن أجهزة الاستخبارات الأميركية ترصد بوادر لعودة مسلحي تنظيم القاعدة إلى أفغانستان، وذلك بعد أن تشتتوا في البلاد بفعل جهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب في أفغانستان.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن كوهين قوله خلال مؤتمر الاستخبارات والأمن القومي، الذي انعقد في ضواحي واشنطن، "بدأنا نرى بالفعل بعض المؤشرات على احتمال انتقال تنظيم القاعدة إلى أفغانستان.. لكن الوقت مبكر وسنراقب ذلك عن كثب".
وأقر كوهين بأن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، تسبب في تراجع قدرة وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" على تتبع ما يحدث في الميدان، لافتاً إلى أن الوكالة تبحث اعتماد طرق للرصد والمراقبة عبر استراتيجية "ما وراء الأفق".
تهديد في غضون عام
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن التقدير الاستخباراتي الأميركي الحالي، والذي يقول المسؤولون إنه قد يتم تعديله، يفيد بأن القاعدة ستستغرق ما بين سنة وسنتين لإعادة تشكيل القدرة على تهديد الولايات المتحدة.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن الإدارة الأميركية تضع طالبان تحت المراقبة في ما يخص تعهدها بمكافحة الإرهاب والالتزام بقضايا حقوق الإنسان.
وأضاف بلينكن، خلال إدلائه بشهادته عن الانسحاب الأميركي من أفغانستان أمام مجلس الشيوخ، أن واشنطن تتوقع من طالبان التوقف عن تنفيذ أي عمليات انتقامية.
وجدد وزير الخارجية الأميركي التأكيد على التزام طالبان بمنع المجموعات المتطرفة من استخدام الأراضي الأفغانية للهجمات الخارجية، لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية "ستسأل (الحركة) عن ذلك".
وأشار بلينكن إلى أن وزارة الخارجية الأميركية ضاعفت طاقمها 4 مرات لمعالجة التأشيرات الخاصة للمتعاونين الأفغان، وهي تراجع الآن أوراق 24 ألف أفغاني وصلوا إلى الولايات المتحدة.
وقال بلينكن إن التقييمات الاستخباراتية تتم على أساس مستمر، و"لكن اعتباراً من فبراير، كان تقييم السيناريو الأسوأ يتعلق بإمكانية سيطرة طالبان على البلاد في غضون عام من الانسحاب العسكري الأميركي من أفغانستان. وأقر بأن الوضع الأمني في البلاد قد تدهور بحلول يوليو".
انتقادات
لكن تبريرات بلينكن قوبلت بانتقادات من جانب عدد من المشرعين الأميركيين، الثلاثاء، إذ قال السيناتور بوب مينينديز رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن وزارتي الخارجية والدفاع والبيت الأبيض قدموا معلومات غامضة أو متناقضة عن الأزمة التي رافقت سحب القوات الأميركية من أفغانستان.
بدوره، قال السيناتور جيم ريش من ولاية أيداهو، وهو عضو جمهوري بارز في اللجنة، "بينما كنت أؤيد إنهاء مسؤولاً للحرب في أفغانستان، لا يعتقد أي أميركي أنه كان ينبغي علينا المغادرة بهذه الطريقة".
من جانبه، أشار السيناتور الجمهوري ماركو روبيو، إلى أن العديد من المحللين توقعوا سقوط حكومة كابول في أيدي طالبان، خلافاً لتأكيد بلينكن بأن "أكثر التقييمات تشاؤماً لم تتنبأ بانهيار القوات الحكومية في كابول أثناء بقاء القوات الأميركية".
وقال روبيو إن الولايات المتحدة "لديها كل الأسباب للاعتقاد والتخطيط للانهيار السريع للجيش الأفغاني والحكومة الأفغانية".
مخاوف متجددة
لم يكتم مسؤولون أميركيون مخاوفهم من عودة "القاعدة"، على الرغم من إصرار حركة طالبان على نفي عودة التنظيم إلى أفغانستان، وتأكيدها التزامها باتفاق السلام الذي أبرمته مع إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، في الدوحة في فبراير 2020، والذي تتعهد فيه بالامتناع عن تأمين ملاذ لتنظيمات إرهابية، بما في ذلك "القاعدة".
كانت الحركة أمّنت ملاذاً لتنظيم "القاعدة"، أثناء حكمها لأفغانستان في الفترة بين عامي 1996 و2001، قبل أن يطيح الغزو الأميركي بحكمها، بعدما رفضت تسليم قادة "القاعدة" إثر هجمات 11 سبتمبر.
وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، قال إن "المجتمع (الدولي) بأسره يراقب ليرى ما سيحدث ومدى قدرة تنظيم القاعدة على تجديد نفسه في أفغانستان". ورأى أن "القاعدة وداعش سيحاولان دوماً إيجاد مساحة للنموّ والتجدّد.. سواء كان في الصومال، أو في أي مكان آخر غير خاضع للحكم". وزاد: "لقد أبلغنا طالبان بأننا نتوقّع منهم ألا يسمحوا بذلك".
بدوره، اعترف الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، بأن تنظيم القاعدة لا يزال موجوداً في أفغانستان، لافتاً في الوقت ذاته إلى "صعوبة تحديد حجمه".
اقرأ أيضاً: