بوتين: بعض مقترحات ماكرون يمكن أن تسهم في حلّ أزمة أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في موسكو لبحث الأزمة الأوكرانية- 7 فبراير 2022 - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في موسكو لبحث الأزمة الأوكرانية- 7 فبراير 2022 - AFP
موسكو- أ ف ب

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنّ بعضاً من مقترحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون لنزع فتيل الأزمة بين روسيا والغرب في ملف أوكرانيا يمكن أن يسهم في حلحلة الأزمة، وذلك إثر لقاء بين الزعيمين في موسكو استمرّ أكثر من خمس ساعات.

وقال بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون إنّ "بعضاً من هذه الأفكار، هذه المقترحات (...) يمكن أن تشكّل أساساً لإحراز تقدم مشترك"، معتبراً في المقابل أنّه من السابق لأوانه الخوض علناً في هذه المقترحات.

وكشف بوتين أنه سيجري محادثات مع ماكرون، بعد لقاء الأخير نظيره الأوكراني فولوديمير زيلنسكي في كييف الثلاثاء.

من جهته، أعلن ماكرون أنّه اقترح على بوتين في محادثاتهما "بناء ضمانات أمنية ملموسة" لكلّ الدول المعنية بالأزمة الأوكرانية.

وقال ماكرون إنّ "الرئيس بوتين أكّد لي استعداده للالتزام بهذا المنطق وبرغبته في الحفاظ على الاستقرار وعلى وحدة أراضي أوكرانيا".

وأعرب ماكرون في مستهلّ اجتماعه مع نظيره الروسي، عن أمله في أن تسهم مباحثاتهما في "خفض التصعيد" في الأزمة بين روسيا والدول الغربية بشأن أوكرانيا التي يخشى الغرب تعرّضها لغزو روسي.

وقال ماكرون إنّ "المناقشة قد تكون بداية المسار الذي نريد أن نسلكه، وهو خفض التصعيد"، مضيفاً أنّه يريد "الشروع ببناء استجابة مفيدة جماعياً لروسيا ولسائر أوروبا".

واعتبر الرئيس الفرنسي أنّ هذه "الاستجابة المفيدة" تهدف إلى "تجنّب نشوب حرب" و"بناء عناصر الثقة والاستقرار والرؤية للجميع".

ورأى ماكرون أنّ الوضع الحالي في أوروبا "حسّاس"، ويستدعي أن يكون الجميع "مسؤولين للغاية".

وأشاد ماكرون بالحوار الجاري مع روسيا منذ 2019، معتبراً أنّه "ضروريّ لأنّه الوحيد الذي يمكن أن يسمح ببناء أمن حقيقي واستقرار للقارّة الأوروبية".

وكتب ماكرون بعد لقاء بوتين على تويتر: "نحن مقتنعون بأنه ليس هناك حل معقول لا يمرّ بالحوار.. لذلك سنواصل".

"مخاوف مشتركة"

من جانبه، اعتبر الرئيس الروسي أنّ موسكو وباريس لديهما "مخاوف مشتركة بشأن الأمن في أوروبا"، مشيداً بـ"الجهود" الفرنسية الرامية إلى "حلّ مسألة الأمن في أوروبا"، وخصوصاً من أجل "إيجاد حلّ للأزمة" في أوكرانيا.

وجدد بوتين انتقاداته لحلف شمال الأطلسي "ناتو"، متّهماً إياه بأنه توسّع في السنوات الثلاثين الأخيرة إلى حد بات يشكّل فيه تهديداً لروسيا.

وأشار إلى مساعٍ للتهدئة من خلال "ضمانات قوامها أن الحلف الأطلسي منظمة سلمية ودفاعية"، معدداً في المقابل أمثلة معاكسة لذلك في "العراق وليبيا وبلجراد". وندد مجدداً بالمساعدات العسكرية التي يقدّمها الغرب لأوكرانيا.

كما انتقد بوتين رفض الغرب تلبية مطالبه التي تتضمن وضع حد لتوسع حلف شمال الأطلسي والتعهد بعدم نشر أسلحة هجومية قرب الحدود الروسية، وسحب البنى التحتية العسكرية للحلف الأطلسي وإعادتها إلى حدود عام 1997، أي إلى ما قبل انضمام جمهوريات سوفييتية سابقة إلى التكتل.

اتهامات روسية

وحمّل بوتين أوكرانيا مجدداً المسؤولية الكاملة عن المأزق الذي وصلت إليه محادثات السلام الرامية لحل النزاع بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا. وقال بوتين إن "كييف ترفض على الدوام كل فرص استعادة وحدة أراضيها سلمياً".

ونفى أن تكون بلاده بصدد التصعيد على الرغم من انتشار عشرات الآلاف من قواتها عند الحدود الأوكرانية منذ أسابيع، وهو ما أثار المخاوف من غزو روسيا لأوكرانيا.

وأضاف بوتين "القول إن روسيا تتصرف بطريقة عدائية غير منطقي"، مضيفاً: "لسنا من يتّجه نحو حدود الحلف الأطلسي".

وبدأ الاجتماع بين بوتين وضيفه قرابة الساعة 18:30 (15:30 ت غ)، بحسب مشاهد بثّها التلفزيون الروسي وبدا فيها الرئيسان جالسين أمام مائدة بيضاء طويلة جداً في الكرملين. واتّبع بوتين هذه الطريقة مؤخراً أثناء لقاءاته مع قادة أجانب، بسبب وباء كوفيد-19.

وتحشد روسيا عشرات الآلاف من الجنود على الحدود مع أوكرانيا، مثيرة مخاوف من اجتياح جديد لهذا البلد، فيما تطالب موسكو بضمانات أمنية لخفض التوتر تقضي بعدم توسيع الحلف الأطلسي شرقاً وانسحابه من محيطها.

ويعد ماكرون أول مسؤول غربي من الصف الأول يلتقي بوتين منذ تصاعد التوتر في ديسمبر، على أن يلتقي، الثلاثاء، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.

بموازاة ذلك، يلتقي المستشار الألماني أولاف شولتس، الاثنين، الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن، فيما تزور وزيرة خارجيته أنالينا بيربوك أوكرانيا.

كما يزور وزيرا الخارجية والدفاع البريطانيين موسكو، هذا الأسبوع، فيما تواصل الولايات المتحدة إرسال تعزيزات عسكرية إلى أوروبا.

الكرملين يستبعد "الحل السريع"

واعتبر الكرملين أن الاجتماع بين الرئيسين الفرنسي والروسي "مهم جداً" غير أن "الوضع أكثر تعقيداً من توقع اختراق حاسم خلال لقاء واحد". 

وذكر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن "ماكرون قال لبوتين إنه يأتي حاملاً أفكاراً من أجل خيارات محتملة لتحقيق انفراج في التوتر في أوروبا".

ويرتقب أن يعقد ماكرون الذي تتولى بلاده حالياً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع بوتين، بعد المحادثات التي قد تستمر عدة ساعات.

أمن روسيا مسألة "مشروعة"

وقال ماكرون في مقابلة أجرتها معه صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أن "كثافة الحوار الذي أجريناه مع روسيا وهذه الزيارة لموسكو من شأنهما منع" اندلاع نزاع مسلح، مشيراً إلى أنه يريد أن يبحث "شروط خفض التصعيد".

وأقرّ بأن القادة الغربيين "لن يحصلوا على خطوات أحادية" من بوتين، لكنّه أكد وجوب عدم تقديم أي تنازل بشأن "أمن وسلامة" أوكرانيا وأوروبا، لافتاً إلى أنه "من المشروع أن تطرح روسيا مسألة أمنها الخاص".

وتشدد موسكو على أن أمنها لن يكون مضموناً إلّا إذا انسحب الحلف الأطلسي عسكرياً من أوروبا الشرقية وأقف سياسة توسعه شرقاً.

ويرفض الغربيون هذه المطالب، مقترحين في المقابل إجراء محادثات حول المخاوف الروسية، واتخاذ خطوات لبناء الثقة مثل زيارات متبادلة لمواقع عسكرية، أو تدابير لنزع السلاح، وهي اقتراحات يعتبرها الروس "إيجابية" لكنها "ثانوية".

خطوط أوكرانيا حمراء

في المقابل، حدّدت أوكرانيا خطوطها الحمراء وهي بحسب وزير خارجيتها دميترو كوليبا "لا تنازلات على وحدة وسلامة أراضينا"، و"انسحاب دائم للقوات الروسية من الحدود الأوكرانية والمناطق المحتلة".

واجتاحت روسيا أوكرانيا عام 2014 وضمت شبه جزيرة القرم، رداً على ثورة موالية للغرب في كييف. ورد الغرب بفرض عقوبات لم يكن لها حتى الآن أي تأثير في سياسة الكرملين.

ويخوض انفصاليون موالون لروسيا ومدعومون منها، حرباً منذ 2014 ضد الجيش الأوكراني في شرق البلاد. 

وسمحت اتفاقات سلام تم التفاوض عليها بوساطة ألمانية فرنسية بتجميد المعارك على الجبهة، لكن التسوية السياسية للنزاع في طريق مسدود، وسيسعى ماكرون لتحريك هذه الآلية.

تحركات دبلوماسية

وسعياً لتنسيق الموقف الغربي، أجرى ماكرون خلال عطلة نهاية الأسبوع، محادثات مع الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج، وقادة دول البلطيق الثلاث، الرئيس الليتواني جيتانا نوسيدا، ورئيسي وزراء لاتفيا كريسيانيس كارينز، وإستونيا كاجا كالاس.

وقدّرت الاستخبارات الأميركية أن روسيا بات لديها فعلياً 70% من القوة اللازمة لتنفيذ غزو واسع النطاق لأوكرانيا.

وتنشر موسكو عدداً غير محدد من الجنود والمدرعات والطائرات في بيلاروس، حليفة روسيا المجاورة لأوكرانيا، حيث تجري تدريبات عسكرية ضخمة.

وفي موقف جديد مخالف للتحذيرات الأميركية، دعا وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى عدم تصديق "التوقعات المروعة"، مؤكداً في المقابل أن "أوكرانيا لديها جيش قوي ودعم دولي غير مسبوق".

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات