لمواجهة الضغوط.. بايدن يسعى لـ"توازن دقيق" في نهجه مع طهران

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض - 24 يونيو 2021 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض - 24 يونيو 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الرئيس الأميركي، جو بايدن يواجه "آراء متعارضة بشدة، وضغوطاً متزايدة" من الكونغرس، وإسرائيل، وحلفاء عرب بشأن سياسته الخارجية مع إيران.

واعتبرت الصحيفة الأميركية، أن قرار بايدن الأخير باستهداف فصائل مسلحة مدعومة من إيران في العراق وسوريا، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، يدل على "عملية تحقيق توازن دقيق" في النهج الذي يتبعه تجاه طهرانـ إذ يتعين عليه أن يُظهر استعداده لاستخدام القوة للدفاع عن المصالح الأميركية، وفي نفس الوقت إبقاء قنوات الاتصال الدبلوماسية "الهشة" مفتوحة، بينما يحاول إحياء اتفاق عام 2015 الذي يحد من برنامج إيران النووي.
 
لكن مسؤولي الإدارة أصروا على أن المسألتين منفصلتين، وقالوا، الاثنين، إن بايدن تصرف بموجب سلطته الدستورية للدفاع عن القوات الأميركية من خلال شن غارات جوية على مواقع مستخدمة لشن هجمات بطائرات مسيرة على القوات الأميركية في العراق، و"ذلك لا ينبغي أن يتعارض" مع الجهود المبذولة لإعادة البلدين إلى الامتثال للاتفاق النووي.

"انتكاسة مؤقتة"

الصحيفة أشارت إلى أن السعي نحو القدرة على بناء سلاح نووي يمثل بالنسبة للإيرانيين، وبشكل جزئي محاولة لإثبات أن "طهران قوة لا يستهان بها في الشرق الأوسط وخارجه". 

والوقت الراهن، عززت طهران، بحسب الصحيفة، قوتها من خلال ترسانة جديدة من الطائرات المسيرة عالية الدقة، والصواريخ بعيدة المدى والأسلحة الإلكترونية المتطورة بشكل متزايد، التي يتضمن بعضها تقنيات بدا وكأنها تتجاوز قدرات طهران عندما كان يجري التفاوض على الاتفاق النووي عام 2015.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن جزءاً من هدف بايدن في محاولة إحياء الاتفاق النووي هو استخدامه كخطوة أولى نحو الضغط على إيران لمعالجة قضايا أخرى، بما في ذلك دعمها للجماعات الإرهابية في المنطقة وترسانتها الموسعة. 

وعلى تلك الجبهة، لا يُتوقع أن تكون الضربات التي أمر بها بايدن، الأحد، ونفذتها قاذفات مقاتلة تابعة للقوات الجوية الأميركية، الاثنين، أكثر من "انتكاسة مؤقتة" بالنسبة لإيران.

مخاوف التصعيد

الصحيفة حذرت أيضاً من أخطار التصعيد، مشيرة إلى أنه في وقت لاحق، أعلن متحدث عسكري أميركي، أن قوات أميركية تعرضت لهجوم بعدة صواريخ الاثنين، يشتبه أن فصائل مسلحة مدعومة من إيران أطلقتها، لافتاً إلى أن القوات الأميركية ردت بإطلاق قذائف مدفعية "دفاعاً عن النفس". وقالت وسائل إعلام كردية سورية إن الأهداف كانت للقوات الأميركية بالقرب من حقل نفط.

ورجحت الصحيفة أنه في حال نجاح الإدارة في إنقاذ الاتفاق النووي، سيظل بايدن يواجه التحدي المتمثل في إيجاد سبل لمزيد من "كبح جماح الإيرانيين"، وهي خطوة قال إبراهيم رئيسي، في اليوم التالي لانتخابه رئيساً، إنه "لن يسمح بها أبداً".

ورأت الصحيفة أن الضربات الجوية، أبرزت فقط عدد الاتجاهات المتضاربة التي يواجهها بايدن، وهو يحاول صياغة سياسة متماسكة تجاه إيران، إذ يواجه ضغوطاً في اتجاهات مختلفة من الكونغرس، وإسرائيل وحلفاء عرب، فضلاً عن حكومة طهران المتشددة القادمة، بقيادة رئيسي، الذي فرضت الخزانة الأميركية عليه عقوبات في عام 2019، خلصت إلى أنه "شارك فيما يسمى بلجنة الموت التي أمرت بإعدام آلاف السجناء السياسيين خارج نطاق القضاء" منذ أكثر من 30 عاماً.

"تجاوز رئاسي"

واعتبر بعض الديمقراطيين في الكونغرس، أن الضربات العسكرية التي أمر بها بايدن، تمثل استمراراً لنمط "التجاوز الرئاسي" في استخدام سلطات الحرب دون استشارة الكونغرس أو الحصول على موافقته.

من جهته، تساءل السيناتور الديمقراطي عن ولاية كونيتيكت، كريستوفر إس مورفي،  الاثنين، عما إذا كانت هجمات إيران المتكررة من خلال وكلائها في العراق ترقى إلى ما سماه "حرباً منخفضة الحدة".

وقال مورفي: "لا يمكنك الاستمرار في إعلان سلطات المادة الثانية مراراً"، متحدثاً عن سلطة الرئيس الدستورية بصفته القائد الأعلى التي أشار إليها بايدن لتبرير الضربات، "دون تحفيز سلطات الكونغرس في وقت ما" لإعلان حرب.

وتابع: "الضربات الانتقامية المتكررة ضد قوات تعمل بالوكالة لإيران بدأت تبدو وكأنها ما يمكن اعتباره نمطاً من الأعمال العدائية" التي تتطلب من الكونغرس مناقشة إعلان حرب، أو تفويض آخر للرئيس لاستخدامه القوة العسكرية.

وأوضح، أن "كلاً من الدستور وقانون سلطات الحرب يلزمان الرئيس أن يأتي إلى الكونغرس لإعلان الحرب في ظل هذه الظروف".

"تجنب الحرب"

رداً على ذلك، كانت حجة بايدن، هي أن الضربات المستهدفة والعودة للاتفاق النووي الذي انسحب منه سلفه دونالد ترمب قبل ثلاث سنوات تدور حول "تجنب الحرب".

وعلاوة على ذلك، يقول مسؤولو البيت الأبيض، إنهم لا يعتزمون السعي لإعلان حرب ضد إيران أو وكلائها. 

في هذا السياق، وصف وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الذي يقوم حالياً بجولة أوروبية، الضربات بأنها "إجراء ضروري مناسب ومدروس، يهدف للحد من أخطار التصعيد، وكذلك أيضاً إرسال رسالة رادعة واضحة لا لبس فيها".

وفي الوقت نفسه، تعد مثل هذه الضربات أيضاً جزءاً من رد بايدن على الجمهوريين في الداخل، الذين عارضوا بأغلبية ساحقة اتفاق 2015، ويتطلعون إلى تصوير الرئيس على أنه "ضعيف في مواجهة العدوان الإيراني".

وفي البيت الأبيض، قالت المتحدثة جين ساكي، الاثنين، إن المنطق كان بسيطاً: "الهجمات ضد قواتنا يجب أن تتوقف، ولهذا السبب أمر الرئيس بالعملية الليلة الماضية، في إطار الدفاع الذاتي عن جنودنا".

وقالت إن وكلاء إيران شنوا خمس هجمات جوية بطائرات مسيرة على القوات الأميركية منذ أبريل، وقد حان الوقت لوضع حد لذلك.

طمأنة إسرائيل 

ولفتت "نيويورك تايمز"، إلى أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة أعربت عن تحفظاتها المستمرة والعميقة بشأن العودة إلى اتفاق عام 2015 والتعامل مع إيران، بنفس القدر الذي عبر عنه رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو عندما عارض الاتفاق الأصلي، بما في ذلك في خطاب إلى الكونغرس أثار غضب الرئيس السابق باراك أوباما، ونائبه آنذاك بايدن.

لكن بايدن استغل لقاءه في المكتب البيضاوي بالرئيس الإسرائيلي المنتهية ولايته، رؤوفين ريفلين، الاثنين، والذي كان بمنزلة جلسة وداع إلى حد كبير لشكره على سنوات من الشراكة مع الولايات المتحدة، ليكرر تعهده بأن "إيران لن تحصل أبداً على سلاح نووي في ولايتي"، بحسب الصحيفة. 

ووفقاً للصحيفة، كان الهدف من اللقاء أن يكون إشارة إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة تشتركان في نفس الهدف، حتى لو كان لديهما مفاهيم مختلفة للغاية بشأن سبل نزع سلاح الإيرانيين، لكن الاختلافات تدور حول مسألة نوع الاتفاق النووي المطلوب الآن، بعد ست سنوات من دخول الاتفاقية الأصلية حيز التنفيذ؛ لا سيما بعد تقدم قدرات إيران، بشكل كبير منذ دخول الاتفاقية الأصلية حيز التنفيذ.

واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى اعتراف كبار المسؤولين في إدارة بايدن، بداية من بلينكن ومن هم أدنى منه، بأن من بين أوجه القصور في الاتفاق النووي القديم أنه يجب أن يكون "أطول وأقوى"، وأن يعالج برنامج تطوير الصواريخ الإيراني ودعم الإرهاب.

اقرأ أيضاً: