"أصداء الحرب الباردة" تخيم على المحادثات الأميركية الروسية في جنيف

time reading iconدقائق القراءة - 6
علما روسيا والولايات المتحدة بالقرب من مصنع في مدينة لينينجراد - 27 مارس 2019 - REUTERS
علما روسيا والولايات المتحدة بالقرب من مصنع في مدينة لينينجراد - 27 مارس 2019 - REUTERS
واشنطن/ دبي -الشرق

فيما تنطلق محادثات بين دبلوماسيين أميركيين وروس في جنيف الاثنين المقبل (10 يناير)، لبحث أزمة نشر روسيا لقوات قرب الحدود مع أوكرانيا، اعتبرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن الاجتماع المنتظر "يعكس أصداء الحرب الباردة"، لافتة إلى أن روسيا "ستدخل المحادثات من وضع قوة لا يضاهيه موقف مماثل من الولايات المتحدة وأوروبا".

وقالت الصحيفة إن روسيا ستصل إلى طاولة المفاوضات التي ستلتقي خلالها ويندي شيرمان نائبة وزير الخارجية الأميركي مع نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، ولديها أكثر من 100 ألف جندي يتمركزون بشكل خطير على حدود أوكرانيا المجاورة لها، وهددت بعمل عسكري إذا لم تسفر المحادثات عن أي شيء، واعتبرت أن ذلك يعد جزءاً من نفوذها خلال جولة المحادثات المرتقبة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الأهم في ذلك، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حقق بالفعل هدف إجبار الولايات المتحدة على مناقشة عدد كبير من المطالب التي من شأنها أن تعيد تشكيل البنية الأمنية لأوروبا، مع القليل من مجالات اتفاق محتمل.

وتأتي القمة المرتقبة وسط تصاعد القلق الأميركي من تحركات موسكو، إذ إنه إضافة إلى تمركز جنود الأخيرة قرب الحدود الأوكرانية، أرسلت روسيا قوات لإخماد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في كازاخستان المجاورة الأسبوع الماضي.

وقالت جودي ديمبسي، الباحثة في مؤسسة كارنيجي أوروبا، إن "بوتين يخوض هذه المحادثات بيد قوية للغاية. ولن تسفر القمة إلا عن نجاح هامشي ما لم يتحد الغرب، وتكون لديه استراتيجية تفاوضية جادة".

وأوضحت ديمبسي أن "روسيا تنظر إلى أوروبا من منظور الحرب الباردة لقارة مقسمة بين قوى عظمى"، مشيرة إلى أن بوتين "ينتمي إلى المدرسة القديمة، ولن يتخلى عن مجالات النفوذ"، وهو ما سيجعل المفاوضات صعبة برأيها.

مطالب روسيا

وتشمل قائمتان من المطالب الروسية قدمتهما موسكو إلى الولايات المتحدة والناتو الشهر الماضي، حظراً على انضمام أوكرانيا ودول سوفييتية سابقة أخرى إلى التحالف العسكري الغربي، وحظر نشر أي صواريخ قريبة بما يكفي لضرب روسيا، واستخدام الكرملين حق الفيتو حول المكان الذي يمكن أن تتمركز فيه قوات الناتو أو أي أسلحة لدى جميع جيرانها الشرقيين تقريباً.

وبحسب "فاينانشال تايمز"، تتناغم المفاوضات مع هدفين أساسيين حددا حكم بوتين الممتد لعقدين، أولهما تبوء مقعد على الطاولة العلوية الجيوسياسية مقابل الولايات المتحدة، والثاني احتمال وقف التوسع الشرقي لحلف الناتو وتقليص الوجود العسكري الأميركي في أوروبا.

وقالت تاتيانا ستانوفيايا مؤسسة شركة "آر بوليتيك" للاستشارات السياسية التي تركز على الكرملين: "الحقيقة هي أن الضمانات الأمنية التي يجري التباحث بشأنها تشكل إنجازاً كبيراً لروسيا لم يحدث من قبل".

وقالت الصحيفة، إنه بالنسبة للمفاوضين الأميركيين، بقيادة شيرمان، فإن خفض التصعيد في الأزمة الأوكرانية هو الهدف الرئيسي. ولكن كيفية تحقيق ذلك دون منح نظرائهم الروس "جائزة العودة إلى موسكو" بأمور من شأنها أن تضعف أمن كييف أو حلفاء الناتو في أوروبا الشرقية، "تبدو مهمة محفوفة بالمخاطر".

الموقف الأميركي

متحدثة البيت الأبيض جين ساكي، صرحت هذا الأسبوع، بأن الرئيس جو بايدن يعتقد أن محادثات جنيف يمكن أن "تحقق تقدماً في بعض القضايا، بينما البعض الآخر غير قابل للتطبيق"، وأشارت إلى أن الولايات المتحدة "لن تستجيب" لمطالب موسكو "نقطة بنقطة".

وأضافت ساكي، "لا نعرف ما ستجلبه محادثات الأسبوع المقبل، لكننا نعتقد أن هناك مجالات يمكننا إحراز تقدم فيها مع موسكو إذا جاءت إلى الطاولة مستعدة للقيام بذلك".

وكان بايدن كرر خلال مكالمة هاتفية الأسبوع الماضي مع نظيره الروسي، أن الحلفاء الأميركيين والأوروبيين سيفرضون عقوبات غير مسبوقة، إذا اختارت روسيا غزو أوكرانيا. ورد بوتين بأن العقوبات قد تؤدي إلى "انهيار كامل للعلاقات".

وبحسب "فاينانشال تايمز"، يتعرض الرئيس الأميركي لضغوط متزايدة لنزع فتيل الأزمة التي تهدد بإيقاع إدارته في شرك، وهي تحاول التركيز على قضايا داخلية أخرى، وخاصة أزمة متحور "أوميكرون" وتهدئة حدة التضخم.

وأضافت أنه "في الوقت نفسه، يعلم البيت الأبيض أن أي اقتراح باستسلامه للمطالب الروسية من شأنه أن يقوض مزاعمه الخاصة بالوقوف في وجه القادة الاستبداديين، ومن المرجح أن يؤدي ذلك أيضاً إلى رد فعل عنيف من الحزبين في الكونجرس، ويقرع جرس الإنذار بين الحلفاء في جميع أنحاء العالم الذين يعتمدون على الضمانات الأمنية الأميركية".

وسيلتقي الوفد الروسي، برئاسة نائب وزير الخارجية سيرجي ريابكوف، بمسؤولي الناتو الأربعاء 12 يناير، في بروكسل وأعضاء منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في اليوم التالي، إلا أن موسكو أوضحت أنها تعتبر الولايات المتحدة شريكها التفاوضي الأساسي، وأن حلفاء الناتو سيحذون حذو واشنطن.

تنسيق معقد

وقالت الصحيفة إن التنسيق بين الولايات المتحدة وأوروبا يبدو معقداً بسبب الانقسامات المستمرة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع روسيا ودور بروكسل في الدفاع والأمن في القارة.

وتنظر بعض دول الاتحاد الأوروبي في شرق الاتحاد الأوروبي إلى فرنسا وألمانيا، اللتين أجرتا محادثاتهما الخاصة في موسكو هذا الأسبوع، بتشكك، حيث تعتبرهما راغبتين للغاية في إيجاد تسوية مع الكرملين.

وتقود فرنسا أيضاً حملة لتوسيع "الاستقلال الذاتي الاستراتيجي" والقدرات الدفاعية للاتحاد الأوروبي، وهي خطوة تعارضها الدول الأعضاء الأخرى التي ترفض أي شيء من شأنه إضعاف دور الناتو كضمان أمني أساسي لها.

وقالت جودي ديمبسي، الباحثة في مؤسسة كارنيجي أوروبا: "تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى قائمة واضحة بشأن ما يريدانه وليس فقط ما تريده روسيا.. هذه القمة تتعلق بشكل دقيق بما تحتاجه روسيا، وما زلنا لا نعلم ما يريده الغرب من روسيا".

وختمت بالقول: "نحن نذهب إلى الطاولة دون شيء.. لا شيء في أيدينا على الإطلاق".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات