"محاكمة غيابية" لبايدن خلال جلسة قادة البنتاجون في الكونجرس

time reading iconدقائق القراءة - 12
جانب من جلسة الاستماع إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، وقائد القيادة المركزية ماكينزي في مجلس النواب، 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
جانب من جلسة الاستماع إلى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، وقائد القيادة المركزية ماكينزي في مجلس النواب، 29 سبتمبر 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

بدت جلسة الاستماع الثانية لقادة البنتاجون أمام الكونجرس الأميركي، بشأن الانسحاب من أفغانستان، الأربعاء، أشبه بمحاكمة غيابية للرئيس الأميركي جو بايدن، بشأن مسؤوليته في فوضى الانسحاب.

وبعد ظهورهم الثلاثاء أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، خضع وزير الدفاع لويد أوستن ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، وقائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي، الأربعاء، أمام أعضاء لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، لتقديم شهادتهم بشأن الانسحاب من أفغانستان.

وطيلة أطوار الجلسة حاول نواب جمهوريون انتزاع شهادات من مسؤولي البنتاجون، تحمّل الرئيس بايدن مسؤولية تبعات الانسحاب السريع والفوضوي من أفغانستان.

وقال أوستن وميلي وماكنزي إنهم يعتبرون انتهاء الحرب في أفغانستان بشكل فوضوي "فشلاً استراتيجياً"، وألمحوا إلى أن بايدن رفض توصياتهم بالاحتفاظ بقوات في أفغانستان، والاستمرار بالتواجد في قاعدة "باغرام" الجوية قرب كابول.

مسؤولية البيت الأبيض

وقال النائب الجمهوري مايك روجرز، إن بايدن تعهد في السابق بأن الجيش الأميركي سيبقى في أفغانستان حتى يتمكن كل مدني أميركي في البلاد من المغادرة، "لكن هذا الأمر لم يحدث"، وطرح سؤالاً بشأن المسؤول عن تحديد مواعيد خفض الجنود وإجلاء المدنيين والمتعاقدين.

وقال وزير الدفاع أوستن، في إجابته على السؤال، إن "البيت الأبيض ووزارة الخارجية هما من كانا وراء تلك القرارات، لا وزارة الدفاع"، مشيراً إلى أنه "كان بالإمكان إجلاء المدنيين في وقت مبكر وقبل حدوث الفوضى إثر انهيار الجيش الأفغاني"، وأكد أن "قرار تحديد موعد البدء في الإجلاء كان لوزارة الخارجية".

وأضاف أوستن: "قدمنا المشورة لمسؤولي وزارة الخارجية، لكن كانت لديهم مخاوف من أن سحب المدنيين الأميركيين بسرعة كبيرة، قد يؤثر في معنويات الجيش الأفغاني، وأن الحكومة الأفغانية ستنهار بسرعة كبيرة".

واعتبر النائب مايك روجرز، أن جواب أوستن يفيد بأن بايدن لم يكن ينصت لجنرالاته، متهماً البيت الأبيض بالسماح لوزارة الخارجية باتخاذ قرارات عسكرية في أفغانستان.

وقال روجرز: "علينا أن نعترف بأن وزارة الخارجية والبيت الأبيض، هما من تسبب في هذه الكارثة، وليس وزارة الدفاع"، معتبراً أن "هذه الكارثة ستسجل في التاريخ كواحدة من أعظم إخفاقات القيادة الأميركية".

وأكد الجنرال مارك ميلي، أنه تلقى أمراً يوم 15 أبريل المنصرم "بتخفيض عدد الجنود من 2500 إلى 650. وطلبوا مني البدء في الأمر فوراً". 

وأضاف ميلي: "في مايو واصلنا هجماتنا ضد طالبان، دعماً للقوات الأفغانية، لكن لم تكن لدينا القدرات الكافية لإحداث أي تغيير استراتيجي في الميدان"، لكبح تقدم حركة طالبان نحو العاصمة كابول، مشيراً إلى أن "أوامر الإجلاء كانت تأتي من وزارة الخارجية، فيما كانت الأوامر التي تتعلق بسحب الجنود تأتي من البيت الأبيض".

اتهامات لبايدن بـ"الكذب"

بدوره شن النائب الجمهوري دون بيكون، هجوماً على بايدن، قائلاً إن "تصريحات الرئيس بأن عملية الانسحاب كانت ناجحة، وأنه لا يشعر بالندم، أمر يثير الغضب".

وأضاف أن نفي بايدن في حوار مع قناة "آي بي سي" تلقيه نصائح بالإبقاء على 2500 جندياً في أفغانستان "أمر غير صحيح. وكما تبين في جلسة الاستماع فإن قائد القيادة المركزية الأميركية، نصح بعدم التخفيض".

وتابع النائب بيكون، وهو من قدماء المحاربين في سلاح الجو الأميركي، أنه "لا يمكن إيجاد أي طريقة لوصف هذا الموقف، سوى أنها كانت كذبة كبيرة من جانب رئيسنا".

وتدخل رئيس جلسة الاستماع آدم سميث، وهو نائب ديمقراطي، معتبراً أن تأويل النائب بيكون لكلام الرئيس كان خاطئاً، مشيراً إلى أن الرئيس قصد في المقابلة أن الأوضاع "لم تكن مستقرة" لبقاء 2500 من الجنود الأميركيين.

وقال سميث إن الرئيس "كان مجبراً على اتخاذ قرار في موقف صعب. وقد صرح بأنه لم يتلق أي تأكيد بأن بقاء الجنود الأميركيين لن يشكل خطراً على حياتهم، وأنهم سيكونون في وضع مستقر. هذا هو الخيار الذي قال إنه لم يكن موجوداً، حين اتخذ قرار تقليص الجنود إلى 650".

وتفاعل البيت الأبيض مع جلسة الاستماع، إذ قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي خلال مؤتمر صحافي عقب الجلسة، إن بايدن "كان يركز في خياراته على عدم زيادة عدد القوات الموجودة في أفغانستان، ولا المخاطرة بخسارة المزيد من القوات، ولا العودة إلى الحرب مع طالبان، لذلك هو الذي قيّم أن ذلك لم يكن في مصلحتنا الوطنية".

وفي السياق، أيد وزير الدفاع لويد أوستن، خلال الجلسة قرار الرئيس بإنهاء الحرب في أفغانستان.  وقال: "لم أدعم البقاء في أفغانستان للأبد، ويمكنني القول إننا كنا نتحدث عن مسار (الانسحاب)، وكنا (في وزارة الدفاع) نقدم الأفكار والنصائح للرئيس، فيما يتخذ هو القرار".

وتابع أوستن: "سأبقي دائماً توصياتي للرئيس سرية، لكنني أود أن أقول إنه من وجهة نظري لم يكن هناك خيار للبقاء من دون مخاطر، أعتقد أن تهديدات طالبان كانت واضحة بأنه إذا بقينا هناك لفترة أطول، فإنها ستستأنف الهجمات ضد قواتنا".

وأكد وزير الدفاع أنه "في حال اتخذ قرار بالبقاء، فإن تطبيق ذلك كان سيتطلب نشر المزيد من القوات لحماية أنفسنا، وإنجاز أي مهام كان من الممكن تكليفنا بها. من وجهة نظري، أفضل طريقة لإنهاء هذه الحرب كان يجب من خلال تسوية تفاوضية، ولكن للأسف لم يحدث ذلك ".

الخروج من باغرام

وحظي الانسحاب من قاعدة باغرام الجوية ضواحي كابول بداية يوليو الماضي، باهتمام كبير من قبل النواب الجمهوريين، إذ طرح النائب جو ويلسون سؤالاً على قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينث ماكينزي، بشأن ما إذا كان يؤيد ترك القاعدة، أم إن بايدن اتخذ قراراً يناقض توصيات الجيش.

وقال ماكنزي إنه كان ينصح بالإبقاء على نحو 2500 جندي ونحو 6000 جندي من تحالف الناتو حتى انتهاء عملية الإجلاء، مشيراً إلى أن 2500 جندي كان هو العدد اللازم للحفاظ على قاعدة باغرام.

وتابع: "بمجرد ما انخفض عدد الجنود إلى أقل من 2500 أصبح من المستحيل الحفاظ على قاعدة باغرام"، مضيفاً أن قرار خفض الجنود "تم بطريقة تشاورية من قبل أعلى مستويات الحكومة".

وفي الصدد، قال الجنرال ميلي، إنه بمجرد اتخاذ قرار خفض الجنود "لم تعد لدينا القدرة على الدفاع عن القاعدة والسفارة والمطار". وأضاف: "كنا نحتاج إلى بقاء جنود إضافيين بينما لدينا أوامر بالانسحاب الكامل"، مؤكداً أن "الإبقاء على قاعدة باغرام كان سيمكننا من ربح الوقت لمواصلة التفاوض مع طالبان من أجل حل سياسي جديد".

دعوات للاستقالة

وشن النائب الجمهوري روني جاكسون، هجوماً لاذعاً على رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، وطالبه بالاستقالة من منصبه.

وقال جاكسون إن الجنرال ميلي ركز على الحوارات مع الصحافيين أكثر من التركيز على القيام بواجباته، في إشارة إلى الحوار الذي أجراه ميلر مع الكاتب الصحافي بوب وودوارد، لصياغة كتاب "الخطر" Peril، والذي تضمن انتقادات للرئيس السابق دونالد ترمب.

وقال جاكسون مخاطباً الجنرال ميلر: "لقد أصبح من الواضح جداً أن الشعب الأميركي فقد الثقة في قدراتك على القيام بواجباتك. فهل ستقدم استقالتك الآن؟"، ليرد ميلر قائلاً: "أنا أقوم بواجباتي وفقاً لإرادة الرئيس".

من جانبه، هاجم النائب الجمهوري مات جايتز، الجنرال ميلي ووزير الدفاع أوستن، قائلاً: "أعتقد أنكم لن تقدموا الاستقالة. تبدون سعداء بالفشل في أفغانستان. لكن لو كان لدينا رئيس ناضج لكان قد تم طردكم بالفعل".

وأضاف النائب الجمهوري: "أنتم تستحقون الإقالة، لأنكم خذلتم الشعب والجنود، فأنتم تركزون على تحسين صوركم في الكتب التي تصدر في واشنطن أكثر من التركيز على ربح الحرب".

 وانتهى الوقت المحدد للنائب جايتز في مساءلة مسؤولي البنتاجون، قبل أن يتسنى لأوستن أو ميلر الرد على اتهاماته، فيما تدخل مجدداً رئيس الجلسة الديمقراطي آدام سميث وانتقد تصريحات جايتز، التي اعتبرها "هجوماً لتحقيق أغراض سياسية" ضد إدارة بايدن.