الأول منذ 42 عاماً.. ماذا يعني تعديل "الاتفاق الأمني" بين مصر وإسرائيل؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جيمي كارتر والرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن أثناء الاحتفال بتوقيع معاهدة السلام - 26 مارس 1979 - REUTERS
الرئيس الأميركي جيمي كارتر والرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجن أثناء الاحتفال بتوقيع معاهدة السلام - 26 مارس 1979 - REUTERS
القاهرة - الشرق

يمثل اتفاق مصر وإسرائيل على تعديل الاتفاقية الأمنية، التي تنظم عملية تأمين الحدود بين البلدين، أول تعديل "معلن" لمعاهدة السلام بين البلدين، التي تم توقيعها في مارس من عام 1979، فما الذي يعنيه هذا التعديل؟

وبحسب بيان للمتحدث باسم الجيش المصري، فإنه بموجب التعديل، الذي تم التوصل له في اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة بين مصر وإسرائيل، سيتم زيادة عدد قوات حرس الحدود المصرية وإمكاناتها بالمنطقة الحدودية في رفح بشمال سيناء، في حين قال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي إنه  "تمت المصادقة على هذا التعديل من قبل المستوى السياسي".

وتحدد معاهدة السلام التي تم توقيعها في عام 1979، عدد وتسليح القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء، التي قُسمت إلى ثلاث مناطق، هي "أ" و"ب" و"ج"، وتقع منطقة رفح التي يشملها التعديل الجديد ضمن المنطقة "ج"، التي نصت الاتفاقية على تواجد قوات شرطية فقط بها، إلى جانب قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.

وبحسب موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإن التواجد الإسرائيلي في المنطقة "د" داخل الحدود الإسرائيلية يتمثل في قوة إسرائيلية محدودة من 4 كتائب مشاة فقط، بالإضافة إلى مراقبي الأمم المتحدة.

أول تعديلات اتفاقية السلام

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي، أكد أن ذلك التعديل هو الأول في معاهدة السلام منذ توقيعها قبل أكثر من 42 عاماً، مشيراً في تصريحات لـ"الشرق"، إلى أنه يتم عقد لقاءات دورية بين المسؤولين العسكريين من مصر وإسرائيل لبحث تطورات الأوضاع وتطبيق معاهدة السلام، لكن للمرة الأولى يعلن البلدان عقد هذا اللقاء.

وأوضح الأكاديمي المختص في الشؤون الإسرائيلية، أن إسرائيل قبلت بانتشار الجيش المصري في سيناء لمواجهة العناصر الإرهابية، وذلك منذ الأحداث الأمنية التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، مشيراً إلى أن تعديل الاتفاقية يضع إطاراً دائماً لزيادة عدد القوات في منطقة رفح.

واستبعد أن تعلن مصر وإسرائيل، أعداد القوات وإمكانياتها بعد الزيادة، مشيراً إلى أن معاهدة السلام كانت تنص على تواجد 750 عنصراً أمنياً مصرياً في المنطقة "ج"، المحاذية للحدود مع إسرائيل.

وقال فهمي إن تعديل الاتفاقية يؤكد أن علاقات القاهرة وتل أبيب "تمر بمرحلة جديدة من التفاهم والتعاون على المستويات السياسية والاستراتيجية"، لافتاً إلى أن هناك جهوداً إسرائيلية حالياً لتوسيع اتفاقية "الكويز" للتعاون الاقتصادي بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة.

رسالة لواشنطن

وأشار فهمي إلى تزامن الإعلان عن تعديل الاتفاقية، مع الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي، الذي بدأ في واشنطن في وقت سابق، الاثنين، مؤكداً أن مصر وإسرائيل أرادتا إيصال رسالة لواشنطن، التي رعت ووقعت على اتفاقية السلام عام 1979، بأن علاقاتهما "في مستوى جيد".

كان وزير المالية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، قد أكد في تصريحات صحافية عام 2012، أنه "لا يوجد أدنى احتمال بأن توافق إسرائيل على تعديل اتفاقية السلام مع مصر"، وذلك حينما كان يشغل حقيبة الخارجية.

وبشأن تغير مواقف القوى السياسية الإسرائيلية تجاه تعديل معاهدة السلام مع مصر، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن ذلك التغير يدل على التقارب السياسي بين مصر وإسرائيل مؤخراً، لافتاً إلى الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء نفتالي بينيت إلى شرم الشيخ، سبتمبر الماضي، ولقائه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

"إجراء طبيعي"

الخبير العسكري اللواء نصر سالم، أوضح في تصريحات لـ"الشرق"، أن تعديل الاتفاقية الأمنية يعد "إجراءً طبيعياً"، "بعد استعادة الجيش المصري الأمن ودحر الإرهابيين في سيناء"، مشيراً إلى أنه منذ تزايد العمليات الإرهابية في سيناء في عام 2012، قبلت إسرائيل بوجود قوات من المدرعات والمشاة وغيرها، بأعداد غير محدودة، على الرغم من أن المنطقة "ج" يجب أن تتضمن قوات شرطية وأعداداً محدودة من حرس الحدود، وفقاً لمعاهدة السلام.

وأوضح سالم أن التعديل الجديد يضع إطاراً دائماً لزيادة القوات، بعد الزيادات المؤقتة في السنوات الماضية، والتي ارتبطت بتطورات الحالة الأمنية، مؤكداً أن ذلك سيؤدي لضبط الحدود وإحكام السيطرة الأمنية، و"هو ما سيعود بالنفع على مصر وإسرائيل في جهود مكافحة الإرهاب"، طالما هناك "حسن نوايا" من البلدين.

وأشار القائد العسكري السابق في الجيش المصري، إلى أن "عدم حدوث ما يتخوف منه الجانب الإسرائيلي" طيلة سنوات من التواجد العسكري المصري المكثف، أدى إلى توافق القاهرة وتل أبيب على تعديل الاتفاقية الأمنية وزيادة قوات حرس الحدود، لافتاً إلى أنه من مصلحة مصر ضبط الأمن في كلا الاتجاهين، طالما هناك اتفاقية سلام، مشدداً على أن زيادة القوات المصرية "لن يؤثر بالسلب على إسرائيل، وإنما سيضبط الحالة الأمنية". 

"إعلان نادر"

صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أوضحت أن تل أبيب وافقت مراراً على طلبات مصر بإرسال قوات إضافية إلى المنطقة الحدودية، في الوقت الذي واجهت فيه زيادة في عمليات تنظيم "داعش" في سيناء.

وقالت الصحيفة الإسرائيلية، في تقرير، الاثنين، إنه من النادر الإعلان عن عقد اجتماع بين مسؤولين عسكريين مصريين وإسرائيليين، مشيرة إلى أن ذلك يأتي "في الوقت الذي انخرطت فيه مصر في علاقات مفتوحة بشكل متزايد مع إسرائيل"، إذ استضاف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في سيناء في سبتمبر الماضي.

كان السيسي قد قال في تصريحات تليفزيونية، في مايو 2014 خلال ترشحه للرئاسة، إنه سيتم تعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل، إذا تطلبت ذلك الحالة الأمنية في سيناء. وأضاف أن الجانب الإسرائيلى أدرك أن القوات الموجودة في سيناء لفرض السيطرة الأمنية فى المنطقة.

وتابع أن "ما يريده الجيش يقوم به، ولو تطلب الأمر أن تعدل اتفاقية كامب ديفيد سنفعل، وإسرائيل ستتفهم لأنهم يتعاملون مع جيش دفاعي، ولا يتعامل إلا مع من يهدد أمن مصر القومي والعربي".

نص معاهدة السلام

حدد ملحق لمعاهدة السلام ترتيبات الأمن في سيناء وعملية انتشار القوات، حيث تم تقسيم شبه الجزيرة إلى ثلاث مناطق، بحيث يكون في المنطقة "أ" قوات عسكرية مصرية تضم ثلاثة ألوية مشاة ميكانيكية، ولواء مدرع واحد، و 7 كتائب مدفعية ميدانية و7 كتائب مدفعية مضادة للطائرات، ودبابات تصل إلى 230 دبابة، إلى جانب 480 مركبة أفراد مدرعة من كافة الأنواع.

ولا تتجاوز القوات المتواجدة في المنطقة "أ" 22 ألف فرد، بحسب نص الاتفاقية المنشور على موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية.

أما المنطقة "ب" فيتم السماح بتواجد 4 كتائب عسكرية مجهزة بأسلحة خفيفة، لا تجاوز 4 آلاف فرد، وفي المنطقة "ج" المحاذية للحدود مع إسرائيل وقطاع غزة، تتمركز قوات الأمم المتحدة والشرطة المدنية المصرية فقط، مع تسلح الشرطة بالأسلحة الخفيفة فقط.

اقرأ أيضاً: