"الفاو": أزمة غذائية متفاقمة تلوح في الأفق بالسودان

time reading iconدقائق القراءة - 5
تاجر سوداني يقف بجوار قطيع من الأبقار في سوق المواشي بأم درمان- 29 يناير 2022 - REUTERS
تاجر سوداني يقف بجوار قطيع من الأبقار في سوق المواشي بأم درمان- 29 يناير 2022 - REUTERS
الخرطوم-الشرق

حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن التأثيرات المجتمعية الناجمة عن النزاع والأزمة الاقتصادية في السودان ستؤثر بشكل كبير في إمكانية حصول الناس على الغذاء، حيث من المرجح ازدياد أعداد الأشخاص، الذين يواجهون الجوع الحاد إلى أكثر من 18 مليون شخص بحلول سبتمبر هذا العام.

وقال ممثل برنامج الأغذية العالمي والمدير القطري في السودان، إيدي رو، في بيان نشرته "الفاو"، إن "هناك بالفعل علامات مقلقة على تقلص إمكانية الحصول على الغذاء والقدرة على تحمل تكاليفه وتوفره بالنسبة لمعظم الناس في السودان، ما يدفع عدداً أكبر من الناس إلى المزيد من الفقر والجوع".

وخلال الأشهر الأخيرة شهد السودان ارتفاعاً بأعداد النازحين بسبب الصراع في أجزاء من دارفور ومنطقة كردفان، كما أدى انعدام الأمن إلى تآكل سبل كسب العيش، وإلحاق الضرر بالمزارع، وكذلك انتشار البطالة على نطاق واسع.

وتسبب انخفاض قيمة الجنيه السوداني وارتفاع تكاليف الغذاء والنقل في زيادة صعوبة توفير الأسر للطعام على موائدها، وسط مخاوف من أن يؤدي عدم إمكانية الحصول على العملات الصعبة إلى مزيد من الانخفاض بقيمة الجنيه السوداني.

ويتوقع تقرير بعثة تقييم المحاصيل والأمن الغذائي "CFSAM"، الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي، أن يكون الإنتاج المحلي من الحبوب في الموسم الزراعي (2021-2022) نحو 5.1 مليون طن متري، ما يغطي فقط احتياجات أقل من ثلثي عدد السكان، ما سيترك الكثيرين يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية، وعلى واردات الحبوب الأساسية بأسعار تفوق قدرة معظم الناس.

بدوره، حذر ممثل منظمة الأغذية والزراعة في السودان باباغانا أحمدو من أن "ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرة المدخلات الزراعية الأساسية مثل الأسمدة والبذور يعني أن المزارعين ليس لديهم خيار آخر سوى التخلي عن إنتاج الغذاء، إذا لم يتلقوا الدعم الفوري، ومن المحتمل أن يكون لذلك عواقب وخيمة ليس فقط على أمنهم الغذائي، لكن أيضاً على مدى توفر الغذاء في السودان، وقد يؤدي ذلك في نهاية المطاف إلى مزيد من الصراع والنزوح".

تداعيات الحرب الأوكرانية

وفق البيانات الحالية للمنظمات الدولية، يبدو الوضع بالنسبة لملايين السودانيين قاتماً، وذلك، إضافة إلى ما سبق، نتيجة تداعيات الصراع في أوكرانيا، الذي تسبب في مزيد من الارتفاع لتكاليف الغذاء، لا سيما أن السودان يعتمد على واردات القمح من منطقة البحر الأسود.

ويشير تقرير المنظمة الدولية إلى أن انقطاع تدفق الحبوب إلى السودان سيؤدي إلى زيادة الأسعار، وزيادة صعوبة استيراد القمح، مشيراً إلى أن أسعار القمح في السودان تبلغ في الوقت الحالي أكثر من 550 دولاراً أميركياً للطن، بزيادة قدرها 180% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأضاف ممثل برنامج الأغذية العالمي إيدي رو أن "تداعيات الرصاص والقنابل التي تسقط على أوكرانيا ستظهر على نطاق واسع، بما في ذلك هنا في السودان، حيث من المتوقع أن تعاني العائلات أكثر بعد أن تصبح الوجبات الأساسية رفاهية للملايين. ولكن في الوقت نفسه، يجد برنامج الأغذية العالمي نفسه في موقف سيئ يتمثل في عدم وجود موارد كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة".

شريان الحياة للملايين

في عام 2021 كان برنامج الأغذية العالمي يُمثل شريان الحياة لنحو 9 ملايين شخص في السودان عانوا من الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي.

وفضلاً عن المساعدات الغذائية المنقذة للحياة، فإن الدعم النقدي ودعم سبل كسب العيش ساعد الأسر ليس فقط على البقاء على قيد الحياة، بل أيضاً على الازدهار، لكن هذا العام، انخفضت مخزونات الغذاء التابعة لبرنامج الأغذية العالمي في السودان بشكل خطير.

وبحسب التقرير، ستبدأ مخزونات الغذاء في النفاذ بحلول شهر مايو المقبل، إذا لم تتوفر مصادر جديدة للتمويل، إذ أجبر العجز الحالي الذي يبلغ 270 مليون دولار أميركي، برنامج الأغذية العالمي على إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، ما يعني أن الآخرين المحتاجين سيحرمون من الدعم، وقد يكون من الضروري إجراء المزيد من التخفيضات إذا لم يتلقَّ البرنامج أموالاً جديدة على الفور.

وفي العام الماضي، وصلت "الفاو" إلى ما يقرب من 1.5 مليون شخص من الفئات الضعيفة في السودان، ووفرت لهم سبل كسب العيش القائمة على الزراعة.

وباتت المنظمة تحتاج هذا العام إلى 51.4 مليون دولار أميركي لدعم مليوني أسرة زراعية ورعوية ضعيفة، وتمكينها من إنتاج غذائها، والحفاظ على ماشيتها حية ومنتجة، وتعزيز قدرتها على الصمود.

ولفت تقرير المنظمة الدولية إلى ضرورة الحصول على الدعم العاجل لتوفير المدخلات الزراعية الضرورية للأسر الضعيفة قبل بدء موسم الزراعة الرئيسي، في يونيو، حتى يتمكنوا من إنتاج ما يكفيهم من الغذاء والاعتماد على الذات.

تصنيفات