بعد انتهاء العصر الذهبي.. 4 أسباب للتوتر بين بريطانيا والصين

time reading iconدقائق القراءة - 9
العلمان الصيني والبريطاني في الحي الصيني في العاصمة البريطانية لندن- 19 أكتوبر 2015 - REUTERS
العلمان الصيني والبريطاني في الحي الصيني في العاصمة البريطانية لندن- 19 أكتوبر 2015 - REUTERS
دبي-الشرق

دخل التوتر بين لندن وبكين منعطفاً جديداً بعد أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الثلاثاء، "نهاية العصر الذهبي" للعلاقات بين البلدين، التي توجد 4 أسباب على الأقل لتوترها.

وفي وقت سابق، الثلاثاء، استدعت الحكومة البريطانية السفير الصيني، وسط خلاف دبلوماسي بشأن اعتقال وضرب صحافي من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، كان يغطي الاحتجاجات المتعلقة بقيود الإغلاق لمواجهة جائحة كورونا في مدينة شنغهاي.

وفي أول خطاب له بشأن السياسة الخارجية، قال سوناك إن "العصر الذهبي للعلاقات الصينية- البريطانية، الذي ساد في عهد رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون، انتهى، إلى جانب الفكرة الساذجة بأن التجارة ستؤدي تلقائياً إلى إصلاحات سياسية واجتماعية".

ونقلت "بلومبرغ" عن مصدر من وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية قوله إن "وزير الخارجية جيمس كليفرلي، استدعى السفير الصيني زينج تسيجوانج بسبب معاملة المصور إدوارد لورانس".

كانت "بي بي سي" قالت إن لورانس تعرض لـ"الضرب والركل" على يد الشرطة الصينية في شنغهاي أثناء تغطيته الاحتجاجات، لافتةً إلى أنه "اعتقل وكُبلت يديه أثناء عمله كصحافي معتمد".

من جانبها، اعترضت وزارة الخارجية الصينية على بيان الهيئة، وقالت إن لورانس "لم يُعرف عن نفسه كصحافي".

المراجعة الجديدة للعلاقات مع الصين بدأتها بريطانيا في الأسابيع الأخيرة، على خلفية ضغوط من البرلمان لتبني سياسة أكثر صرامة، فيما تواجه حكومة سوناك خياراً صعباً بين معالجة المخاوف الأمنية والحفاظ على المصالح الاقتصادية مع الصين.

وبحسب بيانات حكومية، بلغ إجمالي التجارة في السلع والخدمات (الصادرات والواردات) بين بريطانيا والصين 92.9 مليار جنيه إسترليني حتى نهاية الربع الثاني من عام 2022، بانخفاض 1.6% أو 1.5 مليار جنيه إسترليني من نهاية الربع الثاني من عام 2021.

أزمة الطيارين البريطانيين

في أكتوبر الماضي، شهدت العلاقات بين بريطانيا والصين حالة من التوتر عقب مشادّة بين متظاهر من هونج كونج ودبلوماسيين في قنصلية بكين بمدينة مانشستر، في وقت حذرت وزارة الدفاع البريطانية من انخراط طيارين بريطانيين سابقين في برامج تدريب في الصين.

وأطلقت لندن إنذاراً استخباراتياً، بعدما تبيّن أن الصين نجحت في استقطاب قرابة 30 طياراً بريطانياً سابقاً للمشاركة في تدريب عسكرييها.

وفي حين لا تمنع القوانين البريطانية عسكرييها من المشاركة بشكل دوري في مهام تدريبية مع جيوش أجنبية، إلا أن وزارة الدفاع أعربت عن قلقها البالغ من تكثيف استقطاب الصين للطيارين المتقاعدين منذ عام 2019، وأكدت اتخاذ "خطوات حاسمة" للحد منه.

ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية قوله: "نتخذ خطوات حاسمة لوقف خطط التجنيد الصينية، التي تحاول البحث عن الطيارين العاملين والسابقين في القوات المسلحة البريطانية لتدريب أفراد جيش التحرير الشعبي في الصين".

وأضاف: "يخضع جميع الموظفين الحاليين والسابقين بالفعل لقانون الأسرار الرسمية، ونحن نراجع استخدام عقود السرية واتفاقيات عدم الإفشاء عبر وزارة الدفاع، في حين أن قانون الأمن القومي الجديد سيخلق أدوات إضافية لمواجهة التحديات الأمنية المعاصرة، بما في ذلك هذا التحدي".

وآنذاك، نقلت "بي بي سي" عن مصدر غربي قوله إن "المقابل المالي الذي تُقدمه بكين يلعب دوراً تحفيزياً مهماً لاستقطاب طيارين بريطانيين، لافتة إلى أن بعض العروض تجاوزت قيمتها 270 ألف دولار أميركي".

وتابع المصدر أن الصين تستفيد من الطيارين البريطانيين المتقاعدين للمساعدة في فهم الطريقة التي تعمل بها الطائرات والطيارون الغربيون، وهي معلومات قد تكون حيوية في حالة حدوث أي احتكاك حول تايوان على سبيل المثال.

ولطالما وصفت بريطانيا الصين بأنها "التهديد الأول" للأمن المحلي والعالمي.

وحذر مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينج من تزايد الهيمنة التكنولوجية الصينية، داعياً إلى التحرك من أجل الدفاع عن قيم ونفوذ المملكة المتحدة.

أشباه الموصلات

في وقت سابق من نوفمبر، اعتبرت الصين أن بريطانيا تجاوزت سلطاتها وانتهكت حقوق شركة "نيكسبريا"، عندما قررت لندن منع استحواذ الشركة على مصنع ويلزي لأشباه الموصلات، بحسب وكالة "بلومبرغ" الأميركية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينج، في مؤتمر صحافي، إن "بريطانيا تمادت في مفهوم الأمن القومي وأساءت استخدام سلطة الدولة للتدخل مباشرة في تعاون استثماري لشركة صينية في بريطانيا".

وأضافت: "هذا الأمر يمثل انتهاكاً لحقوق الشركة المعنية ومصالحها المشروعة، ومبادئ اقتصاد السوق، وقواعد التجارة الدولية التي لطالما ادعت (بريطانيا) الدفاع عنها".

وأمر وزير الأعمال البريطاني جرانت شابس، مالك شركة "نيكسبريا" التابعة لشركة "وينجتك تكنولوجي" المدرجة في بورصة شنغهاي، الأربعاء الماضي، ببيع حصتها في منشأة "نيوبورت ويفر فاب" في ويلز.

وكانت "نيكسبريا" اشترت "نيوبورت ويفر فاب"، أكبر منشأة لتصنيع الرقائق في بريطانيا، العام الماضي. وقالت الشركة الصينية إنها ستطعن على قرار الحكومة البريطانية.

ويجبر قرار شابس شركة "نيكسبريا" على بيع حصتها البالغة 86% في"نيوبورت ويفر فاب"، والتي اشترتها في يوليو 2021 مقابل 75 مليون دولار.

ووجد المسؤولون البريطانيون بعد مراجعة مطولة أن قدرة المنشأة على إنتاج أشباه الموصلات المركبة التي يمكن استخدامها في صناعة السيارات الكهربائية وشبكات الجيل الخامس، تُمثل خطراً على الأمن القومي، وفقاً للقرار الحكومي.

الكاميرات الصينية

وفي نوفمبر أيضاً، منعت بريطانيا تركيب كاميرات مراقبة صينية الصنع في مواقع حكومية "حساسة" وتفكر في إزالة الكاميرات بالكامل، لأسباب اعتبرتها تهديداً للأمن القومي.

وكانت مجموعة الأمن الحكومي توصلت بعد مراجعة أمنية إلى أن هناك حاجة لضوابط إضافية "في ضوء التهديد الذي تتعرض له المملكة المتحدة والقدرة المتزايدة وتوصيل هذه الأنظمة"، لا سيما المعدات التي تصنعها الشركات الخاضعة لقانون الاستخبارات الوطني الصيني.

وفي بيان موجه إلى البرلمان، قال أوليفر دودن، مستشار دوقية لانكستر، إنه "نظراً لأن الاعتبارات الأمنية دائماً ما تكون ذات أهمية قصوى حول هذه المواقع، فإننا نتخذ إجراءات الآن لمنع حدوث أي مخاطر أمنية".

وأشار دودن إلى أن قانون الشركات المسجلة في الصين أو التي لديها عمليات في البلاد، يُلزم الشركات بتسليم المعلومات والبيانات إلى وكالات الاستخبارات الصينية إذا طُلب منها ذلك.

وقالت أليسيا كيرنز، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية ورئيسة مجموعة الأبحاث الصينية المدعومة من حزب المحافظين، "إن إزالة كاميرات المراقبة الصينية من المؤسسات الحكومية خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن يمكننا الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير".

جاء القرار بعد دعوات سابقة من أعضاء محافظين في البرلمان البريطاني يعتقدون أن بعض شركات التكنولوجيا التي تصنع كاميرات مراقبة مثل "Hangzhou Hikvision Digital" متورطة في استخدام معداتها في مراقبة المسلمين الويجور في إقليم شينجيانج شمال غرب الصين.

وقال متحدث باسم الشركة: "كنا دائماً شفافين تماماً بشأن عملياتنا في بريطانيا وعملنا مع الحكومة البريطانية لتوضيح أي سوء تفاهم بشأن الشركة وأعمالنا ومعالجة مخاوفهم".

وهناك ما يُقدر بنحو 1.3 مليون كاميرا "هيكفيجن" مستخدمة في بريطانيا.

سكان هونج كونج

في يناير 2021، عرضت بريطانيا تأشيرة جديدة تفتح أمام سكان هونج كونج طريقاً للحصول على جنسيتها بعد حملة الصين على الجزيرة، لكن بكين قالت إنها لم تعد تعترف بجوازات السفر البريطانية الخاصة الممنوحة لسكان المستعمرة السابقة.

وهناك خلافات بين الصين وكل من بريطانيا والولايات المتحدة بشأن ما تقول لندن وواشنطن إنها محاولة صينية لإسكات المعارضة في هونج كونج، على الرغم من أن بكين تعتبر أن آراء الغرب يشوبها التضليل والهوس الاستعماري.

وتقول بريطانيا إنها توفي بالتزام تاريخي وأدبي نحو سكان هونج كونج بعد أن طبّقت الصين قانوناً صارماً للأمن القومي على المدينة، تقول لندن إنه ينتهك بنود اتفاقات تسليم المستعمرة السابقة للصين في عام 1997.

وكان لحاملي جواز السفر البريطاني لما وراء البحار في الماضي حقوق محدودة لزيارة بريطانيا لفترة تصل إلى 6 شهور، ولم يكن يسمح لهم بالعمل أو الإقامة الدائمة فيها.

وجواز السفر لما وراء البحار متوفر لعدد كبير من الناس، حوالي 70% من سكان هونج كونج البالغ عددهم 7.5 مليون نسمة.

وخلال العقد الأخير، تدهورت العلاقات بين لندن وبكين إلى حد كبير، إذ لطالما عبرت بريطانيا عن قلقها من أن فتح الباب أمام الاستثمار الصيني يمكن أن يُعرض الأمن القومي للخطر، إلى جانب انتقاد الممارسات التجارية لبكين، وسجل حقوق الإنسان في هونج كونج وشينجيانج.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات