غضب في لبنان وسط انهيار اقتصادي وانقسام سياسي

time reading iconدقائق القراءة - 7
متظاهر يلوّح بالعلم اللبناني قرب إطارات مشتعلة تقطع طريقاً رئيسياً في العاصمة اللبنانية بيروت، 2 مارس - AFP
متظاهر يلوّح بالعلم اللبناني قرب إطارات مشتعلة تقطع طريقاً رئيسياً في العاصمة اللبنانية بيروت، 2 مارس - AFP
بيروت-رويترز

أغلق محتجون بعض الطرق في لبنان الأربعاء لليوم الثاني على التوالي، بعد هبوط قيمة العملة إلى مستوى قياسي جديد، ما زاد من حالة الغضب في الأوساط اللبنانية، بسبب الانهيار المالي في البلاد.

وقال رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون في تغريدات على تويتر إنه طلب من حاكم المصرف المركزي إجراء تحقيق في أسباب أحدث انخفاض للعملة، وأكد على أن السماح للمودعين بالوصول إلى أموالهم هدف رئيسي.

وشدد عون على أن "الهمّ الأساسي يبقى استعادة أموال المودعين وحقوق الناس التي لا تجوز إضاعتها، لا عن طريق المضاربات غير المشروعة ولا عن طريق التحويلات المشبوهة إلى الخارج" وتابع :" الممارسات غير المشروعة والمشبوهة، هي التي أدت إلى فقدان قسم كبير من الودائع؛ ما تسبب بضائقة مالية واجتماعية".

واعتبر عون أن هذه الأسباب دفعت الناس للنزول إلى الشارع والتظاهر، وقال:"صرخة الناس عن حق، وأمر مشروع؛ لأنّ الإنسان لا يمكن أن يسكت عن حقه، ويتفرج على نهب أمواله وإفقاره من دون ردّة فعل".

وأطاحت الأزمة المالية بالوظائف، وزادت القلق من تزايد الجوع، ومنعت المودعين من الوصول إلى أموالهم في البنوك. وفي العام الماضي شهد لبنان انتفاضة شعبية ضد القادة السياسيين، إزاء إفلاس الدولة والقطاع المصرفي، كما شهد تفشي جائحة كوفيد-19، وفي أغسطس وقع انفجار ضخم قتل 200 شخص ودمر أجزاء من بيروت.

ومحا انهيار الليرة اللبنانية، التي هوت أمس إلى عشرة آلاف ليرة مقابل الدولار، نحو 85 في المئة من قيمتها في بلد يعتمد بشكل كبير على الواردات، لتكون هذه الأزمة الأخيرة بالنسبة لكثيرين شهدوا ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية إلى نحو ثلاثة أمثالها منذ بدء الأزمة.

انقسام سياسي

ذكرت وسائل الإعلام المحلية، الأربعاء، أن المتظاهرين واصلوا إغلاق أربعة شوارع رئيسية على الأقل في طرابلس، أفقر مدن لبنان، وكانت هناك احتجاجات على نطاق أصغر أمام متاجر الصرافة، وأحرق المتظاهرون الإطارات وصناديق القمامة في العديد من أرجاء البلاد وأغلقوا الشوارع الثلاثاء.

ولم يتمكن الساسة المنقسمون من الاتفاق على حكومة جديدة، منذ استقالة الحكومة السابقة في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس، ما ترك البلاد في مهب الريح مع انتشار الفقر.

وقال المحلل اللبناني سركيس نعوم، معلقاً على عدم تحرك المسؤولين منذ الثلاثاء "لأننا دولة فاشلة ننتظر أن تحدث مآسٍ أيضاً"، وذلك بحسب ما أوردت وكالة "رويترز".

وأضاف: "حكامنا فقدوا منذ زمن طويل قرارهم الحر. هم رهن لدول خارجية بإرادتهم ورهن مصالحهم الشخصية، وهذا محزن لكنه حقيقي".

ويمثل أمر تشكيل حكومة جديدة ضرورة من أجل تنفيذ إصلاحات مطلوبة لفتح الباب أمام تدفق مساعدات دولية بمليارات الدولارات لإصلاح الاقتصاد، إذ كُلف سعد الحريري في أكتوبر بتشكيل حكومة جديدة، لكن التوتر بينه وبين الرئيس عون أوصل الوضع إلى حالة جمود سياسي.

وقال دان قزي، المحلل الاقتصادي اللبناني "الوقت الذي يستغرقه تشكيل الحكومة، يؤشر إلى كيفية اتخاذها القرارات بعد تشكيلها".

تآكل القوة الشرائية

وتزامنت احتجاجات الثلاثاء مع تخفيف طال انتظاره لقيود احتواء فيروس كورونا التي أبقت أغلب الشركات مغلقة لمدة شهرين حتى هذا الأسبوع، كما ترك انهيار العملة أصحاب المتاجر، الذين يشكون من غياب الدعم الحكومي أثناء الإغلاق، في حالة معنوية أشد قتامة، إذ تآكلت القوى الشرائية للزبائن بدرجة أكبر.

وقال أندريه أنتيبا، صاحب محل ملابس في منطقة برج حمود ببيروت،" الشارع فارغ من الزبائن، إنهم يبحثون فقط عن الطعام والماء"، وأضاف:" لا يوجد حل، الدولار عند 10 آلاف وسيصل إلى 15 ألفاً و 20 ألفاً والكل يعلم".

وقال سام يغيايان صاحب محل ملابس كذلك: "لا يمكننا الاستمرار، إذا لم يكن هناك حل لمشكلة الدولار. ستغلق الكثير من المتاجر وسنكون نحن من الأوائل".