قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الأربعاء، إن "الولايات المتحدة ستواصل التحليق في أي مكان يسمح به القانون الدولي"، فيما أفاد نظيره الروسي سيرجي شويجو، بأن موسكو سترد "بشكل متناسب" على أي "استفزاز" أميركي، وذلك في أعقاب تحطم مسيّرة أميركية من طراز "MQ-9" في البحر الأسود.
وذكرت واشنطن وموسكو، الأربعاء، أن وزيري الدفاع أجريا اتصالاً هاتفياً، بشأن تحطم المسيّرة الأميركية، إذ قالت وزارة الدفاع الروسية إن "شويجو تحدث مع أوستن عبر الهاتف بمبادرة من الجانب الأميركي".
والواقعة هي الأولى من نوعها بين موسكو وواشنطن منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وجاء في بيان الوزارة الروسية أن "تحليق طائرات استراتيجية أميركية غير مأهولة قبالة سواحل القرم هو فعل ذو طبيعة استفزازية، ما يهيّئ الأجواء لتصعيد الأوضاع في منطقة البحر الأسود"، مؤكدةً أن روسيا "ستستمر بالرد بشكل متناسب على كل الاستفزازات".
وقال شويجو لنظيره الأميركي لويد أوستن إن "تزايد النشاط الاستخباراتي ضد مصالح الاتحاد الروسي" إضافة إلى "عدم التقيد بمنطقة حظر الطيران" المعلنة من موسكو، أديا إلى الحادثة مع مسيرة أميركية، وفق بيان لوزارة الدفاع.
رغبة في "تواصل مفتوح"
بدوره، أعلن أوستن خلال مؤتمر صحافي أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع نظيري الروسي، وأبلغه أن "واشنطن ستواصل تحليق طائراتها في أي مكان يسمح لنا به القانون الدولي"، لافتاً إلى أنه "يتعين على روسيا تشغيل طائراتها العسكرية بطريقة آمنة ومهنية".
وقال أوستن: "نأخذ أي تصعيد محتمل بشكل جدي، لذا أعتقد أنه من المهم إبقاء قنوات التواصل مفتوحة بين البلدين"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر سيساعد في الحؤول دون حدوث سوء تقدير في المستقبل".
كما أعرب وزير الدفاع الأميركي عن ارتياحه للاتصال بعد أكثر من عام على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، علماً بأن التواصل المباشر بين كبار المسؤولين العسكريين الروس والأميركيين أصبح نادراً جداً.
وأعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، سقوط مسيَّرة من طراز "MQ-9" كانت تقوم بعملية روتينية فوق البحر الأسود، بعدما اعترضتها مقاتلتان روسيتان من طراز "Su-27"، اصطدمت إحداهما بمروحة المسيرة، وألقتا عليها وقوداً، ما أدى لسقوطها، وهي الرواية التي نفتها موسكو، إذ أشارت الأخيرة إلى أنهما لم تصطدما.
"غير مقصود"
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، في تصريحات لقناة "إم إس إن بي سي" الإخبارية، إن "تحطم المسيّرة في البحر الأسود كان على الأرجح عملاً غير مقصود من الجانب الروسي".
وذكر برايس أن الولايات المتحدة استدعت السفير الروسي إلى واشنطن عقب الحادث، قائلاً إن "السفيرة الأميركية لدى موسكو نقلت رسالة قوية إلى وزارة الخارجية الروسية، كما أطلع المسؤولين الأميركيين الحلفاء والشركاء على الحادث".
فيما قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارك ميلي إن "البنتاجون لا يزال بصدد تحليل الفيديو وبيانات المسيّرة لكشف ملابسات ما حدث"، مضيفاً: "هل كان الأمر متعمّداً أم لا؟ لم نعرف بعد".
وتابع: "نعلم أن الاعتراض كان متعمّداً.. نعلم أن السلوك العدائي كان متعمداً، ونعلم أيضاً أن الأمر كان بغاية اللامهنية وبغاية الخطورة". مشيراً إلى عدم اتّضاح الصورة ما يتعلّق بالتماس بين جناح المقاتلة الروسية والمسيّرة الأميركية.
وأجرى مارك ميلي اتصالاً هاتفياً مع رئيس هيئة الأركان العامة الروسية الجنرال فاليري جيراسيموف، وناقش القائدان العسكريان العديد من القضايا محل الاهتمام ذات الصلة بالأمن.
وقال المتحدث باسم هيئة الأركان المشتركة الكولونيل ديف في بيان الأربعاء، إنه وفقاً للممارسات المتبعة سابقاً، ستبقى التفاصيل المحددة لمحادثتهما سرية.
وأعلنت الولايات المتحدة، الثلاثاء، سقوط مسيَّرة من طراز "MQ-9" كانت تقوم بعملية روتينية فوق البحر الأسود، بعدما اعترضتها مقاتلتان روسيتان، اصطدمت إحداهما بمروحة المسيرة، وألقتا عليها وقوداً، ما أدى لسقوطها، وهي الرواية التي نفتها موسكو، إذ أشارت الأخيرة إلى أنهما لم تصطدما.
"علاقات في حالة مؤسفة"
واعتبر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، في وقت سابق الأربعاء، أن العلاقات مع الولايات المتحدة في أدنى مستوياتها، وأصبحت "في حالة مؤسفة"، عقب حادثة المسيرة.
وأشار إلى أنه لم تحدث أي اتصالات رفيعة المستوى مع واشنطن عقب حادثة المسيرة، مشدداً على أن روسيا "لن ترفض أبداً الحوار البناء". وقال إنه لا شيء لديه ليضيفه بشأن الحادثة بجانب ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية.
روسيا: لا نريد مواجهة
وكانت مساعدة وزير الخارجية الأميركي كارين دونفريد، التقت السفير الروسي في واشنطن لدى استدعائه للوزارة، وقال السفير إن روسيا "لا تريد مواجهة مع الولايات المتحدة"، ولكن "لا سبب للمسيرة الأميركية لتكون بالقرب من الحدود الروسية".
وأضاف أنتونوف للصحافيين بعد استدعائه إلى الخارجية الأميركية: "هل يمكنكم تخيل ما إذا ظهرت مسيَّرة كهذه بالقرب من نيويورك أو سان فرانسيسكو؟"
وتابع في تصريحات نقلتها شبكة "سي إن إن": "هل يمكنكم تخيل رد فعل الصحافة الأميركية والبنتاجون على هذه المسيرة؟ ما نوع هذه المسيرة؟ فكروا قبل أن تستدعوني إلى وزارة الخارجية. إنها مسيَّرة متعددة الأغراض، مع قدرات لشن ضربات، مع شحنة متفجرة تبلغ 1700 كيلوغرام، أخبروني كيف سترد أي وزارة دفاع في أي دولة على ظهور تهديد خطر كهذا على حدودها؟".
وقال أنتونوف إنه يريد أن يوضح "مهنية الطيارين الروس في أفعالهم، إذ إنهم لم يتلامسوا مع المسيرة، ولم يستخدموا أسلحة مقاتلاتهم".
وأضاف أنه يعتقد أنه من الأفضل أن تناقش وزارة الخارجية "مناطق التعاون والعمل المشترك، ولكن للأسف تواصلي مع وزارة الخارجية أخيراً كان عبارة عن رد على احتجاجاتهم على أفعال الاتحاد الروسي".
وبيّن أن الاتحاد الروسي "ليس مهتماً بمواجهة. الجانب الروسي مهتم بعلاقات براجماتية مع الولايات المتحدة، تراعي مصالح الشعبين الروسي والأميركي".
الرواية الأميركية
وقال بيان للقيادة الأميركية في أوروبا إن مقاتلتين روسيتين من طراز "SU-27" نفذتا عملية اعتراض "غير آمنة وغير مهنية" ضد مسيرة من طراز ريبر "MQ-9"، موضحاً أن إحدى الطائرتين الروسيتين اصطدمت بمروحة الطائرة الأميركية، ما اضطر القوات الأميركية إلى إسقاط طائرتها في المياه الدولية.
وتابع البيان أنه ولعدّة مرات قبل الاصطدام "ألقت الطائرتان الروسيتان كميات من الوقود على الطائرة الأميركية وحلقت أمامها في تصرف متهور، وضار بالبيئة وغير مهني".
واعتبرت القيادة الأميركية في أوروبا أن الحادث "يُعبّر عن عدم الكفاءة، بالإضافة إلى كونه تصرفاً غير آمن وغير مهني".
وقال الجنرال جيمس هيكر، قائد القوات الجوية الأميركية في أوروبا: "طائرتنا MQ-9 كانت تنفذ عمليات روتينية في المجال الجوي الدولي عندما اعترضتها واصطدمت بها الطائرة الروسية، ما أدّى إلى تحطم وخسارة الطائرة الأميركية بالكامل".
وأضاف أن "السلوك غير الآمن وغير المهني من قبل الروس، كاد يؤدي إلى تحطم كلتا الطائرتين".
وتابع هيكر أن "طائرات الولايات المتحدة وحلفاءها سوف تستمر في العمل في المجال الجوي الدولي، وندعو الجانب الروسي إلى التصرف بشكل احترافي وآمن".
رواية روسيا
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أنها رصدت المسيرة تحلق فوق البحر الأسود باتجاه الحدود الروسية، وأكدت أن المقاتلات الروسية لم تصطدم مع المسيرة، حسب ما أوردت وكالة "سبوتنيك" الروسية للأنباء.
وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية: "تم تحليق الطائرة من دون طيار مع إيقاف تشغيل أجهزة الإرسال والاستقبال في انتهاك لحدود منطقة النظام المؤقت لاستخدام المجال الجوي، والتي تم إنشاؤها لغرض إجراء العملية العسكرية الخاصة، وتم إبلاغ جميع مستخدمي المجال الجوي الدولي بذلك ونشره وفق المعايير الدولية".
وأضاف البيان: "من أجل التعرف على المتسلل، انطلقت مقاتلات روسية في الجو، ونتيجة للمناورة الحادة حوالي الساعة 9.30 (بتوقيت موسكو)، خرجت المسيرة الجوية من دون طيار "MQ-9" عن السيطرة واصطدمت بسطح الماء، دون استخدام أي أسلحة من القوات الروسية".
وتابع البيان أن المقاتلين الروس لم يستخدموا أسلحة محمولة جواً ولم يتلامسوا مع الطائرة من دون طيار وعادوا بأمان إلى مطار قاعدتهم.
اقرأ أيضاً: