رصدت الدورة الثامنة والسبعين لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، الواقع الجديد المتغير في أنماط الإنتاج السينمائي في الوطن العربي، والتي فرضت نفسها بقوة على سينما عربية جديدة تبحث لنفسها عن نافذة ومساحة في المهرجانات الدولية.
وتظهر المشاركات العربية في المهرجانات الدولية خلال السنوات الماضية، نقطتين أساسيتين في هذا الصدد، الأولى هي سيطرة الشباب على المشاركات بأعمال بها قدر كبير من الجرأة في الطرح عن السينما السائدة، والثانية هي التمويل المشترك لأغلب الأعمال.
ويعتبر الفيلم المصري "ريش" للمخرج عمر زهيري، وهو تجربته الروائية الطويلة الأولى، أبرز مثال على الجرأة واختلاف الطرح، إذ قدم زهيري فكرة غير تقليدية عن مصير أسرة يتحول عائلها الوحيد إلى دجاجة، واستعان بشخصيات حقيقية لتجسيد الأدوار الرئيسية بعيداً عن الممثلين المحترفين، وهو ما قاده إلى الفوز بجائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي، لأول مرة في تاريخ السينما المصرية.
وزاد اعتماد عدد كبير من الأفلام على التمويل المشترك أو مشاركة جهات إنتاج مختلفة، في الفترة الماضية، وهو نمط انتشر على استحياء في بعض التجارب العربية في سنوات سابقة، لكنه زاد مع انتشار صناديق دعم الأفلام سواء في المهرجانات الدولية، أو من خلال مؤسسات مثل "المورد" و"آفاق" وغيرهما.
نمط إنتاجي مختلف
وتعتمد الأفلام العربية المشاركة في الدورة الحالية من مهرجان فينيسيا، على نفس النمط الإنتاجي، إذ جاءت أفلام مثل المصري "أميرة"، واللبناني "كوستا برافا"، والسوري "الغريب"، واليمني "لن ترتاح كثيراً"، والوثائقي السوري "جمهورية الصمت"، من خلال مشاركات صناعها في الجلسات والمناقشات التي تجري على هامش المهرجانات، أو من خلال سوق الفيلم، أو عبر التقديم في منح صناديق الدعم المختلفة.
واعتبر الموزع السينمائي علاء كركوتي، مدير مركز السينما العربية، أن هذه التغييرات التي تشهدها خريطة تمويل السينما العربية تتطلب تحركاً مختلفاً من القائمين على الصناعة.
وقال كركوتي لـ"الشرق": "نحتاج إلى توحيد جهودنا من أجل إنجاح المشروعات السينمائية العربية، أسوة بما يحدث في أوروبا وآسيا وأميركا، وهذا ما نسعى إليه في مركز السينما العربية، من خلال المشاركة في المهرجانات الهامة، لتسليط الضوء على أهم اللاعبين الرئيسيين في صناعة السينما العربية، ومحاولة توصيلهم بصناع السينما من جميع الدول العربية، وبالتالي تنفيذ مشروعات من خلال نقاشات ولقاءات".
وأشارت المنتجة سارة جوهر، إلى أن تمويل بعض الأفلام التي تنتمي للسينما المستقلة، تواجه بعض الصعوبات طوال الوقت.
وقالت لـ"الشرق": "العمل على الفكرة من الأساس هو المرحلة الأصعب في صناعة أي فيلم مستقل، لأن هذه الفكرة ستكون الوسيلة الأهم للحصول على التمويل اللازم للتنفيذ، وهو ما حدث معنا على سبيل المثال في فيلم (أميرة)، إذ عملنا لفترة طويلة على أكثر من نسخة، قبل أن نتوجه به لجهات الإنتاج والتمويل، وكنا سعداء الحظ باشتراك أكثر من جهة في الإنتاج".
البحث عن التنوع
ودفع التغير الذي تشهده أنماط الإنتاج، جهات راسخة في سوق السينما مثل شركة "روتانا" إلى محاولة البحث عن التنوع في ما تساهم في إنتاجه أو اقتنائه في مكتبتها.
وقال عاصم بدر مدير العمليات في الشركة: "وجودنا في السوق منذ أكثر من 16 عاماً، يجعلنا في عملية بحث دائم عن الأفضل لصناعة السينما، وهذا يأتي عبر اللقاءات والنقاشات في المهرجانات بوجه عام".
وأضاف لـ"الشرق": "أثيرت نقطة من قبل أننا في الشركة نهتم فقط بنوعية معينة من الإنتاج في الوطن العربي، لكننا في السنوات الأخيرة صار لدينا انفتاح أوسع على أنواع مختلفة، بهدف إحداث تنوع أكبر على أفلام وتجارب من دول عربية مختلفة".
وأشار بدر إلى أن جودة المشروعات هي الفيصل الأساسي في إقدام الشركة على الدعم، مع الوضع في الاعتبار العائد الاقتصادي بنسبة ما تتفق مع سياسة الشركة.
اقرأ أيضاً: