انتقد وزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو إدارة الرئيس جو بايدن لما وصفه بـ"سوء التخطيط وقصور التنفيذ" في انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وهو الأمر الذي ربما يؤدي إلى سقوط عاصمة البلاد كابول في أيدي مسلحي حركة "طالبان" في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة.
وقال بومبيو في مقابلة مع برنامج "ذا ستوري"، المذاع على شبكة "فوكس نيوز" الأميركية، إنه والرئيس السابق دونالد ترمب حرصا على وجود "نماذج ردع متعددة وقابلة للتنفيذ من شأنها أن تحول دون الكارثة المحتملة التي قد تنتظر البيت الأبيض الحالي".
وأضاف بومبيو الذي ساعد في تخطيط وتنفيذ بدايات التحوّل نحو سحب القوات من البلاد بعد 20 عاماً هناك: "يظهر أنهم لم يتمكنوا من تنفيذ ذلك. الاستراتيجية تعتمد على التخطيط والتنفيذ. يبدو كأن هناك القليل من الذعر. آمل أن يكون لديهم العدد المناسب من الأشخاص وأن يصلوا إلى هناك بسرعة. آمل أن نتمكن من حماية الأميركيين بالطريقة التي كانت إدارة ترمب عاقدة العزم على القيام بها".
وقال بومبيو إن ترمب أوضح لكبير مفاوضي حركة "طالبان"، الملا عبد الغني بارادار، أنه ستكون هناك عواقب وخيمة ومفاجئة إذا تعرّض أي أميركي للتهديد أو الأذى في المستقبل.
وأشار إلى أن بارادار قيل له: "إذا هددت أميركياً وإذا أرهبت أميركياً وإذا آذيت أميركياً، فسنحشد كل القوة الأميركية للتأكد من أننا سنتوجه إلى قريتك، وإلى منزلك".
"نموذج للردع"
وأردف: "كنا واضحين للغاية بشأن الأمور التي كنا مستعدين للقيام بها لحماية أرواح الأميركيين. منذ أن بدأنا تلك المفاوضات أوائل عام 2020، لم يكن هناك أميركي واحد يُقتل على يد طالبان عندما كان يجري ذلك الأمر. لقد أرسينا نموذجاً للردع. آمل أننا لم نفقد ذلك بالنسبة للأميركيين الذين ما زالوا على الأرض هناك في كابول".
واعتبر أن القلق الحقيقي في أفغانستان ليس طالبان بحد ذاتها. الخوف الأساسي هو أن عودة حكم طالبان ستعيد أفغانستان لتكون "معقلاً" محتملاً لتنظيمي "القاعدة" و"داعش"، كما كانت قبل 11 سبتمبر 2001.
وأوضح أن "التهديد ليس من طالبان، بل من حقيقة أن طالبان ستلعب دوراً مع الإرهابيين مثل القاعدة"، مضيفاً :"حتى الآن، يوجد ما يقدر بنحو 200 أو أقل من إرهابيي القاعدة في البلاد".
ومضى قائلاً: "الرئيس ترمب أكد لي، ووزارة الخارجية، أن مهمتنا كانت واضحة. أردنا التأكد من أنه كان لدينا دائماً التحليل القائم على الظروف، وهو ما يكفل حماية أميركا أو تقليل خطر احتمال حدوث هجوم من ذلك المكان".
"شبح سايجون"
والخميس، حذر مايك روجرز النائب الجمهوري البارز عن ولاية ألاباما وعضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، من أن بايدن يخاطر بـ"لحظة (سقوط) سايجون"، في إشارة إلى انسحاب الولايات المتحدة من حرب فيتنام مع دخول قوات فيتنام الشمالية إلى القصر الرئاسي في 30 أبريل 1975.
وقال روجرز في بيان "لأشهر، ضغطت على الرئيس بايدن من أجل خطة لتجنب الوضع نفسه الذي يحدث حالياً في أفغانستان. والآن، حياة الأميركيين في خطر لأن الرئيس بايدن ليس لديه خطة".
وتابع: "قبل أسابيع، وعد الرئيس بايدن الشعب الأميركي بأنه لن يكون لدينا لحظة سايجون في أفغانستان. الآن، نحن نشاهد لحظة سايجون للرئيس بايدن تتكشف أمامنا".
تحرك أميركي
والخميس، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "بنتاجون"، جون كيربي، أن الولايات المتحدة تعتزم إرسال 3 آلاف جندي من المشاة إلى العاصمة الأفغانية كابول، خلال اليومين القادمين للمساعدة في إجلاء الدبلوماسيين الأميركيين.
وأضاف كيربي أن الجيش الأميركي سينقل الأفراد من السفارة إلى مطار كابول جواً، كما ستنقل الولايات المتحدة 1000 فرد من المتعاونين الأفغان إلى قطر للإسراع في نظر طلبات تأشيرات الهجرة.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض لشبكة "فوكس نيوز"، إن بايدن عقد اجتماعاً بشأن هذه المسألة مساء الأربعاء وكلّف مسؤوليه، ثم التقى بهم مجدداً صباح الخميس.
كما أطلع وزير الدفاع لويد أوستن ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، صباح الخميس، الرئيس بايدن على التفاصيل وأصدر الأمر. وقال المسؤول إن الرئيس كلّف وزير الخارجية أنتوني بلينكن بشكل منفصل بمناقشة الاستراتيجية الدبلوماسية.
سقوط مدن كبرى
يأتي ذلك مع استمرار تقدم حركة "طالبان" التي استولت على مدن كبرى في أفغانستان، في أكبر انتكاسة تتعرّض لها الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة منذ أن بدأت الحركة هجوماً جديداً مع انسحاب القوات الأجنبية.
والجمعة، قال مسؤول أمني كبير لوكالة "فرانس برس" إن حركة طالبان سيطرت على لشكركاه عاصمة ولاية هلمند جنوب أفغانستان، بعدما سمحت للجيش والمسؤولين السياسيين والإداريين بمغادرة المدينة.
وكانت طالبان أعلنت ليل الخميس استيلاءها على قندهار (جنوباً) وهرات (غرباً)، ثاني وثالث أكبر مدن أفغانستان. وأصبحوا على بعد 150 كيلومتراً عن كابل عبر استيلائهم على غزنة جنوب غربي العاصمة.
وخلال ثمانية أيام سيطرت الحركة على نحو عواصم نصف الولايات الأفغانية. وباتت تسيطر على الجزء الأكبر من شمال البلاد وغربها وجنوبها.
اقرأ أيضاً: