تحركات صينية في المحيط الهادئ تثير مخاوف من "حرب باردة"

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الخارجية الصيني وانج يي يصافح وزير الخارجية السابق لفيجي إينيا سيروراتو في بكين - 11 يونيو 2019 - REUTERS
وزير الخارجية الصيني وانج يي يصافح وزير الخارجية السابق لفيجي إينيا سيروراتو في بكين - 11 يونيو 2019 - REUTERS
سيدني - وكالات

تسعى بكين إلى إبرام اتفاق مع 10 دول جزرية في المحيط الهادئ، تشمل التعاون في مجالات الشرطة والأمن واتصالات البيانات، خلال زيارة وزير الخارجية الصيني وانج يي لفيجي الأسبوع المقبل، حيث سيستضيف الاجتماع الثاني لوزراء خارجية الصين ودول جزر المحيط الهادئ.

وأثارت مسوّدة بيان وخطة عمل مدتها 5 سنوات، أرسلتهما بكين إلى الجزر العشر في المحيط الهادئ، قبل اجتماع فيجي المرتقب في 30 مايو، رفضاً من واحدة على الأقل من الدول المدعوة، وهي ميكرونيزيا التي اعتبرت أنهما يُظهران نية الصين في السيطرة على المنطقة و"يهددان الاستقرار الإقليمي"ويزيد من مخاوف "حرب باردة" جديدة. 

الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، وانج ونبين، قال، الأربعاء، إن الصين ودول جنوب المحيط الهادئ "صديقة وشريكة جيدة، في إطار احترام متبادل ومساواة ومنفعة متبادلة وتنمية مشتركة". وتابع: "لا أتفق إطلاقاً مع الحجة القائلة بأن التعاون بين الصين ودول جزر جنوب المحيط الهادئ، سيثير حرباً باردة جديدة".

واعتبر أن زيارة وانج يي للمنطقة "ستعزّز الثقة السياسية المتبادلة، وتوسّع التعاون العملي، وتعمّق العلاقات بين الشعبين، وتبني بشكل مشترك مجتمعاً لمصير أوثق بين دول جزر المحيط الهادئ الصينية".

أما وزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونج، فاعتبرت أن "الصين أوضحت نياتها"، وقالت: "وكذلك نيات الحكومة الأسترالية الجديدة. نريد المساعدة في بناء أسرة أكثر قوة في المحيط الهادئ، وجلب طاقة جديدة ومزيد من الموارد إلى المحيط الهادئ".

"حرب باردة" جديدة

ووجّه رئيس ميكرونيزيا، ديفيد بانويلو، رسالة إلى 21 من قادة دول المحيط الهادئ، ذكر فيها أن بلاده ستناقش ضرورة رفض "البيان المشترك المحدد مسبقاً"، إذ يخشى أن يشعل شرارة "حرب باردة" جديدة بين الصين والغرب، علماً أن لدى ميكرونيزيا اتفاقاً دفاعياً مع الولايات المتحدة، واتفاق تعاون اقتصادي مع بكين، بحسب "رويترز".

واعتبر بانويلو أن البيان سيجعل جزر المحيط الهادئ التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين "قريبة جداً من فلك بكين، وتربط بشكل جوهري اقتصاداتنا ومجتمعاتنا بأكملها بها".

ونبّه إلى خطر انزلاق جزر المحيط الهادئ إلى صراع جيوسياسي، مع تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، لافتاً إلى أن "التأثيرات العملية للسيطرة الصينية على بنيتنا التحتية للاتصالات وأراضي المحيطات ومواردها ومساحتنا الأمنية، إضافة إلى التأثيرات في سيادتنا، تفاقم فرص خوض الصين نزاعاً مع أستراليا واليابان والولايات المتحدة ونيوزيلندا". وأضاف أن تـأمين الصين لأنظمة الجمارك سيؤدي إلى "جمع بيانات حيوية، ومراقبة جماعية للمقيمين في جزرنا والداخلين إليها والخارجين منها".

الصين وجزر سليمان

يبدأ وانج، الخميس، جولة تشمل 8 دول جزرية في المحيط الهادئ، تقيم الصين علاقات دبلوماسية معها، وتستمر الجولة حتى 4 يونيو المقبل.

الوزير الصيني يزور، الخميس، جزر سليمان التي وقعت أخيراً اتفاقاً أمنياً مع الصين، متجاهلة اعتراضات أستراليا والولايات المتحدة واليابان ونيوزيلندا، التي تخشى أن يزعزع هذا الاتفاق الترتيبات الأمنية الإقليمية، ويمنح بكين موطئ قدم عسكرياً في المحيط الهادئ، لا سيما من خلال تشييد قاعدة عسكرية تبعد ألفي كيلومتر عن أستراليا.

لكن الصين ترفض ذلك، مشددة على أن الاتفاق يركز على ضبط الأمن الداخلي في جزر سليمان، معتبرة أن انتقادات الدول الغربية تشكّل تدخلاً في صنع قرارها السيادي.

وأوردت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية أن الصين تتفاوض على اتفاقين أمنيين مع دولتين أخريين في المحيط الهادئ. وأضافت أن ثمة محادثات متقدّمة لبكين مع كيريباتي التي تبعد 3 آلاف كيلومتر عن هاواي، حيث مركز قيادة القوات الأميركية في المحيطين الهندي والهادئ. كذلك أبرمت الصين اتفاقاً مع فانواتو لتحديث مطار دولي في لوجانفيل التي كانت قاعدة عسكرية أميركية أساسية خلال الحرب العالمية الثانية.

"حماية الأمن القومي"

من شأن اتفاق على مستوى المنطقة يشمل الأمن والتجارة بين الصين وجزر المحيط الهادئ أن يشكّل تحوّلاً في تركيز بكين، من العلاقات الثنائية إلى التعامل مع المحيط الهادئ على أساس متعدد الأطراف، كما يُرجّح أن يفاقم مخاوف واشنطن وحلفائها، وفق "رويترز".

واستبقت بكين الاجتماع الوزاري في فيجي، ووزّعت مسوّدة بيان "رؤية التنمية المشتركة بين الصين ودول جزر المحيط الهادئ"، إضافة إلى خطة عمل مدتها 5 سنوات. وينص البيان على أن الصين وجزر المحيط الهادئ "ستعززان التبادلات والتعاون في مجالات الأمن التقليدي وغير التقليدي".

ووَرَدَ فيه أن "الصين ستجري تدريبات شرطة، متوسطة وعالية المستوى، لدول جزر المحيط الهادئ من خلال وسائل ثنائية ومتعددة الأطراف". كذلك تحدّد خطة العمل حواراً وزارياً بشأن قدرات إنفاذ القانون والتعاون الشرطي، مرتقباً هذا العام، كما تؤمّن الصين مختبرات للشرطة الجنائية، بحسب "رويترز".

وتعهد البيان بالتعاون حول شبكات البيانات والأمن السيبراني وأنظمة الجمارك الذكية، لكي تعتمد جزر المحيط الهادئ "نهجاً متوازناً للتقدّم التكنولوجي والتنمية الاقتصادية وحماية الأمن القومي". كما يقترح إقامة منطقة تجارة حرة بين الصين وجزر المحيط الهادئ، ويدعم العمل بشأن الاحتباس الحراري وقطاع الصحة.

وأحبطت أستراليا والولايات المتحدة مساعي شركة "هواوي" الصينية لبناء كابلات بحرية أو تشغيل شبكات للهاتف الخلوي في جزر المحيط الهادئ، وطرحت عروضاً منافسة للبنية التحتية الحساسة، مبرّرة الأمر بمخاوف بشأن الأمن القومي، علماً أن دولاً حليفة لواشنطن منعت "هواوي" من تطوير شبكات الجيل الخامس للإنترنت.

جولة وزيرة الخارجية الأسترالية

رسالة بانويلو لقادة دول المحيط الهادئ انتقدت امتناع أستراليا عن مكافحة الاحتباس الحراري الذي اعتبره رئيس ميكرونيزيا أبرز تهديد أمني للمنطقة.

جاء ذلك فيما تعهد رئيس الوزراء الأسترالي الجديد، أنتوني ألبانيز، بزيادة تمويل جهود مكافحة تغيّر المناخ في جزر المحيط الهادئ، معتبراً أن الاحتباس الحراري أبرز تحدٍ اقتصادي وأمني للدول الجزرية المنخفضة.

في السياق ذاته تبدأ وزيرة الخارجية الأسترالية الجديدة، بيني وونج، الخميس، جولة في دول المحيط الهادئ بالتزامن مع "زيارة نادرة" لوانج يي تشمل 8 دول في المنطقة، بما في ذلك جزر سليمان وكيريباتي وتونجا وبابوا غينيا الجديدة، كما أفادت وكالة "بلومبرغ".

وستزور "وونج" فيجي حيث تلتقي رئيس الوزراء ووزير الخارجية، قبل إلقاء كلمة في العاصمة سوفا الجمعة، ثم ستلتقي الأمين العام لمنتدى جزر المحيط الهادئ، هنري بونا.

بعد فترة وجيزة على تعيينها وزيرة للخارجية، الاثنين، نشرت وونج تسجيلاً مصوّراً موجّهاً لدول المحيط الهادئ، ورد فيه: "نريد المساعدة في بناء أسرة أقوى في المحيط الهادئ، وهذا هو السبب في أننا سنفعل المزيد، ولكننا سنفعل ذلك بشكل أفضل أيضاً. سنستمع لأننا نهتم بما يجب أن يقوله المحيط الهادئ".

وانتقدت وونج بشدة الاتفاق الأمني الذي وقعته جزر سليمان مع بكين، ووصفته بأنه "أكبر خطأ فادح في السياسة الخارجية لأستراليا منذ الحرب العالمية الثانية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات