تقرير: انقسامات داخلية تهدد حكم طالبان لأفغانستان

time reading iconدقائق القراءة - 6
مسلحون من الوحدة الخاصة لـ"شبكة حقاني" المعروفة باسم "بدري 313" في أفغانستان - Twitter/@Natsecjeff
مسلحون من الوحدة الخاصة لـ"شبكة حقاني" المعروفة باسم "بدري 313" في أفغانستان - Twitter/@Natsecjeff
دبي -الشرق

ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية، أن الوحدة التي دفعت حركة طالبان إلى تحقيق النصر في أفغانستان، باتت تتراجع تحت ضغط الانقسامات الداخلية التي يمكن أن تهدد بقاء الحركة، في حال لم يتمكن الخصوم المختلفين من تسوية خلافاتهم أثناء إدارة هذا البلد المضطرب.

وأضافت المجلة، أن الكارثة الاقتصادية والإنسانية التي تلوح في الأفق في كابول، أدت إلى حدوث انقسامات وخلافات بين اثنين من كبار الشخصيات في طالبان، وهما الزعيم السياسي عبد الغني برادار، الذي شارك في تأسيس الحركة مع المُلا محمد عمر، وسراج الدين حقاني الذي يرأس شبكة "حقاني" المقربة من تنظيم "القاعدة".

وأشارت المجلة إلى أنه وفقاً لمصادر أمنية، فإنه في الوقت الذي تكافح فيه فصائل طالبان من أجل الحصول على شرائح أكبر من "كعكة كابول"، فإن الفرع المحلي لتنظيم داعش خراسان" يعمل على تجنيد المقاتلين الذين خاب أملهم من الاتجاه السياسي الذي تتخذه طالبان.

انقسامات

ولفتت المجلة إلى أن الانقسام بين برادار، الذي أبرم ما يسمى باتفاق السلام العام الماضي، مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، وحقاني، الذي شن هجمات انتحارية في ساحة المعركة الأفغانية، بات يتسع.

ولفتت المجلة إلى أنه بات يُنظر إلى برادار، نائب رئيس الوزراء المؤقت الآن، باعتباره "رجل أميركا"، بينما يمثل حقاني، القائم بأعمال وزير الداخلية، الوجه الأكثر معاداة للغرب في الحركة، والذي يروق لباكستان، وذلك وفقاً لرئيس المخابرات الأفغانية السابق رحمة الله نبيل.

وأضاف نبيل أن "الانقسامات بين الرجلين، اللذين يربطهما اتفاقاً غير مستقر لتقاسم السلطة، تدفع بجنود طالبان إلى أحضان "داعش"، كما أنها تمثل تحدياً لسيطرة الحركة على أفغانستان، وتخاطر باستقرار البلاد، وربما السلام الإقليمي كله".

ووفقاً لخبيرة النزاعات بجامعة "إكستر" ويدا مهران، فإن هذه الانقسامات باتت علنية في سبتمبر الماضي، بعد فترة وجيزة من سيطرة طالبان على البلاد.

وأضافت مهران أن هذه الانقسامات من الممكن أن تكون السبب وراء بعض الهجمات الأخيرة ذات الخسائر العالية، والمنسوبة إلى "داعش خراسان".

وذكرت بعض التقارير أن "داعش خراسان" يضم أفراداً من قوات أمن الدولة السابقة الذين يحاولون تجنب الهجمات الانتقامية من طالبان وكذلك كسب المال، إذ يقدم لهم التنظيم راتباً شهرياً يبلغ حوالي 300 دولار، ولكن تم نفي هذه التقارير من قبل أفراد سابقين في قوات الدفاع والأمن الأفغانية.

تحالفات داخلية

وتابعت "فورين بوليسي": "في خضم الصراع الداخلي على السلطة في قيادة طالبان، وحملة تجنيد المقاتلين التي يتبناها داعش، فإن هناك مؤشرات تظهر وجود تحالف من الجماعات المتطرفة الأصغر بقيادة المخابرات الباكستانية لجذب العناصر غير الراضية".

ولفتت المجلة إلى أنه في أوائل عام 2020 تم تشكيل "تحالف الدعوة الإسلامية"، بتمويل من وكالة الاستخبارات الباكستانية، بهدف ضمان انتصار طالبان، وذلك وفقاً لوثيقة أعدتها الحكومة الأفغانية السابقة، واطلعت عليها "فورين بوليسي".

ونقلت المجلة عن مصدر استخباراتي مشارك في كتابة الوثيقة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن "هدف هذا التحالف الآن هو زعزعة استقرار طالبان من خلال تمكين التطرف في جميع أنحاء أفغانستان".

مشهد معقد

ورأت المجلة أن ظهور "تحالف الدعوة الإسلامية" يزيد من تعقيد المشهد السياسي المنقسم في أفغانستان حيث يتصارع الحلفاء السابقون للبلاد حول كيفية التعامل مع حكومة يسيطر عليها أشخاص يخضعون للعقوبات ومتحالفين مع "القاعدة".

وكشفت الوثيقة، التي لم يتم الإعلان عنها، أن تنظيمي "داعش خراسان" و"القاعدة" هما جزء من نسيج سياسي معقد بشكل متزايد تواصل المخابرات الباكستانية من خلاله ضمان بسط نفوذها على طالبان، إذ أنه تم اختيار كلا التنظيمين للعمل تحت مظلتها، حيث خرج "تحالف الدعوة الإسلامية" من رحم دعم المخابرات الباكستانية لجماعة تسمى "كروان أبو عبيدة"، والتي انشقت عن شبكة حقاني بعد توقيع اتفاق ترمب وطالبان في فبراير 2020.

وبحسب الوثيقة فإن جماعة "كروان أبو عبيدة" تضم أتباع حقاني الذين أصيبوا بخيبة أمل لعدم اتخاذ الشبكة إجراءات ضد برادار وقادة طالبان الآخرين لتفاوضهم مع الولايات المتحدة.

أهداف باكستانية

وتابعت الوثيقة "قامت الاستخبارات الباكستانية في البداية باستخدام مجموعة (كروان أبو عبيدة) لتمديد حملة الاغتيالات، والتي كان لها تأثير مدمر على الحكومة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في أفغانستان طوال عام 2020، ثم قررت توسيع نفوذها على الجهات الفاعلة خارج طالبان للإطاحة بحكومة الرئيس السابق أشرف غني".

وأشارت الوثيقة إلى أن الأهداف الرئيسية لـ"تحالف الدعوة الإسلامية"، الذي يقدر عدد مقاتيله بنحو 4500 شخص، هي "ضمان استمرار حركة الجهاد في أفغانستان، والعمل كأداة لدى وكالة الاستخبارات الباكستانية للضغط على طالبان من أجل ضمان حماية مصالح إسلام أباد".

يقوم "تحالف الدعوة الإسلامية" بتوجيه تمويل المخابرات الباكستانية إلى المجموعات الأعضاء في التحالف، ويعطي داعش دفعة قوية من خلال تمكينه من إعلان المسؤولية عن الهجمات التي ارتكبتها الجماعات الأخرى في التحالف، وهو ما يمكن "داعش خراسان" من بناء صورة لنفسه باعتباره "تنظيم صاعد في أفغانستان"، وفقاً للوثيقة.

وذكرت "فورين بوليسي" أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الباكستانية، ومسؤول العلاقات العامة والإعلام، وسفارتي إسلام أباد في كابول ولندن رفضوا الرد على طلبها للحصول على تعليق على المعلومات الواردة في تقريرها.

اقرأ أيضاً: