وضعت الأطراف المشاركة في مؤتمر اتفاق "جوبا لسلام السودان" توصيات لـ"خارطة طريق عملية" لتنفيذ اتفاق السلام واستكمال السلام مع الحركات غير الموقعة على الاتفاق، وسط دعوات للجان المقاومة السودانية لتكوين "مجلس تشريعي ثوري" و"إلغاء منصب قائد الجيش ليكون رئيس الوزراء بديلاً عنه".
وقال البيان الختامي الصادر عن المؤتمر، الذي انعقد بين 31 و3 فبراير في الخرطوم، السبت، إن "تنفيذ اتفاق جوبا للسلام واجهته عقبات، تمثلت في: ضعف الإرادة السياسية، وعدم الالتزام بالجداول الزمنية، وتحديد الأولويات، وإجازة القوانين المرتبطة باتفاق السلام"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا).
وأشار البيان كذلك إلى عدم إقامة المؤتمرات الواردة في الاتفاق، وغياب المجلس التشريعي، وعدم تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية كـ"استحقاق للعدالة"، وعدم توفير التمويل اللازم لتنفيذ الاتفاق، وعدم تكوين آلية لمراقبة وتقييم التنفيذ.
ويعدُّ المؤتمر الذي انعقد في الخرطوم، ثاني مؤتمرات المرحلة النهائية للعملية السياسية الخاصة بالقضايا الخمس المحددة في "الاتفاق الإطاري" الموقع في ديسمبر الماضي، بين القوى السياسية والمكون العسكري، لتأسيس سُلطة انتقالية مدنية في السودان، وإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ أكثر من عام.
وكانت الحكومة السودانية وقعت في عام 2020 مع تحالف "الجبهة الثورية"، التي تضم حركات مسلحة، اتفاق سلام نهائي في جوبا، يحتوي على 8 بروتوكولات تناقش قضايا تقاسم السلطة، والثروة، والترتيبات الأمنية، والعدالة والمحاسبة، والتعويضات وجبر الضرر، والرُّحل والرعاة، والأرض.
ونُظم المؤتمر بدعوة وتيسير من الآلية الثلاثية التي تضم (هيئة الإيقاد والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة)، وبمشاركة واسعة للمكونات السياسية والمدنية والمهنية واللاجئين والنازحين والمهجرين، وغيرهم من أصحاب المصلحة.
خارطة طريق
وأكد البيان الختامي للمؤتمر أن اتفاق جوبا للسلام يحتاج إلى "روح وإرادة سياسية جديدة تحشد الدعم السياسي والشعبي والموارد لتحقيقه على أرض الواقع وفق تشريعات وسياسات تمس حياة الناس وضحايا الحروب".
وشدد البيان على "ضرورة الانتقال من سلام المحاصصات إلى سلام حقيقي شامل يخاطب جذور الحرب، ويدير بحكمة قضايا التنوع"، داعياً لـ"بناء عقد اجتماعي جديد وفق رؤية قومية وشاملة، تخاطب قضايا التهميش البنيوي، والوفاء بالمواثيق والعهود بمشاركة أصحاب المصلحة والمتضررين من الحروب في كافة مراحل التنفيذ وبناء السلام".
وأشار إلى "ضرورة إقامة مؤتمر نظام الحكم أولاً ومن ثم بقية المؤتمرات المنصوص عليها في اتفاق السلام، والوفاء بالنسب المقررة في الاتفاق حول الثروة وفق إستراتيجية قومية للتنمية المتوازنة الشاملة ونظام الفيدرالية المالية ومبادئ الحوكمة الرشيدة".
وقال البيان إنه "بختام المؤتمر تكون المرحلة النهائية للعملية السياسية قد عبرت محطاتها الرئيسية الثانية في طريق الوصول الى اتفاق سياسي نهائي وعادل، وترتيبات دستورية جديدة يتأسس عليها استعادة الحكم المدني الديمقراطي الكامل".
وذكر أنه يجري التحضير والإعداد لتنظيم "مؤتمر قضية شرق السودان" خلال الأيام المقبلة، بمشاركة أصحاب المصلحة كافة من الإقليم من قوى ثورة ديسمبر ومن التنظيمات السياسية والمدنية وتنظيمات النساء والإدارات الاهلية والمجموعات الشبابية ولجان المقاومة.
"نافذة أمل"
من جهته، وصف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" مؤتمر "جوبا لسلام السودان" بـ"الخطوة المهمة في طريق إكمال القضايا الـ5 للمرحلة النهائية للعملية السياسية".
وأكد دقلو حرصه على مواصلة الجهود لـ"استصحاب كل فاعل يرغب في استقرار البلاد وأمنها، وتحولها للحكم المدني الديمقراطي، خاصة أطراف السلام ممن لم يشاركوا في الورشة".
ولفت إلى أن "الاتفاق الإطاري" يمثل "نافذة أمل لشعبنا في هذا الوقت الحرج"، مضيفاً: "سنعمل أقصى جهدنا للإسراع بخطوات الوصول لاتفاق سياسي نهائي يؤسس لسلطة مدنية تعبّر عن آمال وتطلعات الشعب السوداني، وتقود المرحلة الانتقالية حتى نصل لانتخابات حرة ونزيهة".
وسادت أخيراً حالة من التفاؤل بكسر الجمود والتوصل لتسوية شاملة، لا سيما بعد إعلان الوساطة الدولية رغبة أطراف ممانعة في الالتحاق بـ"الاتفاق الإطاري" الذي سعى لعقد لقاءات وورش عمل بشأن القضايا الـ5 التي تضمنها الاتفاق، وهي: "مسألة العدالة، والعدالة الانتقالية"، و"اتفاق السلام المبرم في جوبا"، إلى جانب "إعادة هيكلة وإصلاح منظومة الأمن"، بالإضافة إلى "إزالة التمكين واسترداد أموال نظام الرئيس السابق عمر البشير"، فضلاً عن قضية "شرق السودان".
مطالب لجان المقاومة السودانية
وعلى الجانب الآخر، أعلنت الجهات الرافضة لـ"الاتفاق الإطاري" وبينها لجان المقاومة السودانية التي تقود الاحتجاجات ضد "الحكم العسكري"، في مؤتمر صحافي، السبت، "الميثاق النهائي لتأسيس سلطة الشعب" والذي أعدته لإدارة البلاد والمرحلة الانتقالية.
ونص الميثاق على "تكوين مجلس تشريعي ثوري لاستلام السلطة عقب الاطاحة بانقلاب"، مشيراً إلى أن المجلس سيعمل على "اختيار رئيس الوزراء لإدارة الفترة الانتقالية" إلى جانب بقية هياكل السلطة والتي تم تقسيمها لـ3 مستويات وهي تشريعية وتنفيذية وقضائية.
وفي ما يتعلق بالمكون العسكري، نصت الوثيقة على "تكوين مفوضية الإصلاح الأمني وهيكلته وإلغاء منصب قائد الجيش ليكون رئيس الوزراء بدلًا عنه كقائد للجيش".
ونص الميثاق على "إلغاء الوثيقة الدستورية الصادرة في العام 2019 إلى جانب اتفاق جوبا لسلام السودان" والعمل على وثيقة جديدة تستند إلى الميثاق الثوري لتأسيس سلطة الشعب".
وتضمن الميثاق على تكوين 11 مفوضية للسلام والعدالة الانتقالية ومفوضية للمرأة والطفل إلى جانب مفوضية مكافحة الفساد وترسيم الحدود والانتخابات وغيرها، مع تحديد مهام كل مفوضية على حدا وذلك لتجنب إخفاق الجهاز التنفيذي في حل القضايا الجوهرية، بحسب لجان المقاومة.
وترفض لجان المقاومة السودانية أي اتفاق أو تسوية سياسية يكون المكون العسكري طرفاً فيها وتطالب بحكم مدني، في حين دعت تنسيقية لجان مقاومة ولاية الخرطوم تسيير 4 مواكب احتجاجية، خلال فبراير الجاري للمطالبة بالحكم المدني ومحاسبة قتلة المتظاهرين.