تحديد سن الرشد "الإلكتروني" بـ13 عاماً يقلق الأهل والخبراء

time reading iconدقائق القراءة - 5
شعار فيسبوك ثلاثي الأبعاد فوق لوحة مفاتيح في رسم توضيحي، 25 مارس 2020 - REUTERS
شعار فيسبوك ثلاثي الأبعاد فوق لوحة مفاتيح في رسم توضيحي، 25 مارس 2020 - REUTERS
واشنطن-أ ف ب

علّقت "فيسبوك" أخيراً مشروعها المثير للجدل لتطوير نسخة للأطفال من إنستجرام، غير أن القصّر في سن 13 عاماً وما فوق لا يزالون عرضة لمخاطر الشبكات الاجتماعية، إذ يمضون ساعات طويلة في استخدامها مع قليل من الضوابط، ما يثير قلق الأهالي والخبراء.

وقال جوش غولين، من منظمة "فير بلاي" غير الحكومية الناشطة في سبيل حماية الأطفال من مساوئ حملات التسويق" "على أرض الواقع، يعامل الإنترنت الأشخاص في سن الثالثة عشرة على أنهم بالغون". وأضاف "لا أظن أنّ كثيرين يعتقدون أن الوقت مناسب الآن لرمي الأطفال في عرين الأسد".

واعتبر غولين أن قانون حماية الأطفال الصادر قبل عقدين في الولايات المتحدة، والذي يحدد الثالثة عشرة سن البلوغ الرقمي، لم يعد يتماشى مع العصر رغم أنه بات جزءاً من العادات.

وتفرض فيسبوك وإنستجرام وتيك توك وسنابتشات، وهي منصات رائجة بشدة لدى المستخدمين الأصغر سناً، أن يكون المستخدمون قد أتموا سن 13 عاماً كحد أدنى.

استجواب الكونجرس

ويوجه أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس، أسئلة إلى مسؤولة شؤون سلامة المستخدمين والطفولة لدى فيسبوك أنتيغون ديفيس، خلال جلسة استماع بشأن "الآثار السلبية لفيسبوك وإنستجرام".

ويتكرر الجدل بشأن هذا الموضوع كثيراً في الآونة الأخيرة. لكن موجات التنديد وصلت إلى أشدّها منذ كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الشبكة الاجتماعية العملاقة كانت على دراية، من خلال بحوثها الخاصة، بالأذى النفسي الذي يلحقه إنستجرام بالمراهقات.

وبعد هذه المقالة، أعلنت فيسبوك أنها تبحث عن وسائل لمكافحة الهوس بالجسم المثالي، معلنة أنها علقت تطوير نسخة من إنستجرام للأطفال دون سن الثالثة عشرة بغية تنظيم مشاورات مع خبراء.

غير أن المشكلة لا تزال قائمة للأطفال الذين يستخدمون أصلاً الشبكات الاجتماعية، وفق رئيس جمعية "سنتر فور هيوماين تكنولوجي" تريستان هاريس الذي يعدد بعضاً من هذه المشكلات ومنها "وضع مفاهيم للانتحار، والعقد الجسدية والقلق والاكتئاب".

قلق الأهل

وتثير هذه الآثار الضارة المحتملة للشبكات الاجتماعية قلقاً خاصاً لدى الأهل، نظراً إلى أن نمو بعض مناطق الدماغ يكون غير مكتمل لدى الأطفال في سنوات المراهقة الأولى، بما يشمل خصوصاً مناطق أساسية مرتبطة بالقدرة على اتخاذ قرارات أو التحكم بالأهواء.

وقد توفي الأميركي مايسون بوغارد عن سن 15 عاماً بعد أيام على العثور عليه في حال غيبوبة في الحمام مع حزام ملفوف حول الرقبة.

وتقول والدته جوان إن ابنها توفي بعدما حاول تنفيذ "تحدي الخنق"، وهي "لعبة" زادت الشبكات الاجتماعية من انتشارها. وأوضحت أن "الأطفال ليسوا مستعدين لمواجهة الأمور التي نجدها على الإنترنت"، مضيفة "هم لا يفهمون ما يشاهدون ولا يدركون خطورته".

وبمواجهة المعلومات الصادمة عن حوادث مأسوية ناجمة عن التحديات الرائجة عبر الشبكات الاجتماعية ومشكلات التحرش الإلكتروني وتدهور الصحة العقلية للمستخدمين، تنقسم الآراء بين الخبراء.

أطفال تحت السن

ويدعو بعض الخبراء الشبكات الاجتماعية إلى رفع السن القانونية الدنيا لاستخدامها إلى 16 عاماً، أو على الأقل بذل جهود حقيقية لتطبيق القواعد القائمة، ومنع الأطفال الأصغر سناً من الاتصال بالشبكة.

وتقر فيسبوك بأنها تضم بين مستخدميها الكثير من الأطفال دون سن الثالثة عشرة ممن يكذبون بشأن عمرهم الحقيقي. وهي تعتبر أن هذا الأمر يشكل دافعاً إضافياً لاستحداث منصة مخصصة لهذه الفئة.

وقد اختارت تيك توك من ناحيتها السماح للأشخاص من هذه الفئة العمرية باستخدام منصتها شرط موافقتهم على حمايات إضافية للخصوصية وسرية البيانات.

لكن في هذه المرحلة، وفي غياب التدقيق المعمق في هويات المستخدمين، تقع المسؤولية بشكل رئيسي على عاتق الأهل.

وقال المسؤول السابق عن الأمن لدى فيسبوك أليكس ستاموس، إن الأطفال في سن ما قبل المراهقة "يجب على الأرجح ألّا يحوزوا هواتف، لكنّ الأهل يعطونها لهم في كل الحالات، الأطفال في سنوات المراهقة الأولى يجب ألا يكونوا على الأرجح على الشبكات الاجتماعية، لكنّ أهلهم يسمحون لهم بذلك".

وتُجمع المنظمات غير الحكومية والشركات أيضاً على نقطة أخرى: في بعض الحالات، تؤدي الشبكات الاجتماعية دوراً إيجابياً للغاية لدى المراهقين الذين تفتح لهم المنصات الإلكترونية -على سبيل المثال- مجالات لتلقي الدعم لمواجهة مشكلاتهم النفسية.

لكن إيجاد علاقة متوازنة مع التطبيقات الاجتماعية يبقى مهمة صعبة المنال. كما أن تعريض الأطفال لمخاطر هذا العالم الافتراضي في سن أبكر ليس عاملاً مساعداً، وفق تريستان هاريس.

ويوضح هاريس أن "المشكلة الحقيقية تكمن في النموذج الاقتصادي للشبكات" الذي قال إنه "يغوص أكثر فأكثر في دماغ المستخدمين الذين يسجل معدل أعمارهم تراجعاً مطرداً، مثل مصنعي التبغ الذين بذلوا قصارى جهدهم لجعل الأشخاص اليافعين مدمنين على منتجاتهم في أصغر سن ممكنة".