اليوم العالمي للمسرح.. سيطرة للعروض الافتراضية وحزن على غياب الجمهور

time reading iconدقائق القراءة - 6
شعار الاحتفال باليوم العالمي للمسرح - world-theatre-day.org
شعار الاحتفال باليوم العالمي للمسرح - world-theatre-day.org
بيروت-رنا نجار

يأتي احتفال العالم باليوم العالمي للمسرح (27 مارس) هذ العام، بعد سنة كاملة على إسدال الستارة على الخشبات في أنحاء المعمورة، جراء وباء كورونا الذي أصاب القطاع بخسائر تاريخية لم يعشها "أبو الفنون" منذ أزمة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918.

هذه المناسبة الفنية العالمية، التي تصادف يوم السبت المقبل، تتزامن مع نقاش وتفكّر في معنى المسرح وأشكاله وأبوابه الجديدة وهوية جمهوره، في ظل سطوة العروض الافتراضية على حساب العروض الحيّة، وهي القضية التي ناقشتها "الشرق" مع مسرحيات وأكاديميات خضن التجارب الافتراضية التي فرضها الوباء في العالم، وأجمعن على اختلاف المدارس التي ينتمين إليها، على أن "لا شيء يضاهي النظر في عيون الجمهور والتفاعل المباشر معه على الخشبة". وتوقعن أنه بعد انحسار كورونا، سيكون الجمهور متعطشاً للعروض الحية.

خسارة الجمهور

أستاذة المسرح في "الجامعة الأميركية في بيروت" الفنانة سحر عسّاف، قالت لـ"الشرق"، إن "المسرح ينشط عادة خلال الأزمات خصوصاً في لبنان، لأن الفنان ليس لديه سلاح آخر للتعبير عن ذاته وأفكاره سوى الخشبة".

وأشارت إلى أنه "خلال وباء كورونا، الذي ترافق مع أزمة اقتصادية وانفجار ضخم، شعر المسرحيون اللبنانيون بأنهم مشلولون ومعطوبون من الداخل"، لافتة إلى أن "كل ذلك الوقت الذي منحنا إياه الحجر المنزلي كان ديكتاتورياً وليس خياراً، وبالتالي هو وقت غير نوعيّ واخترق الصفاء الذهني التي يحتاجه الفنان".

عساف رأت أن "الخسارة التي مني بها القطاع المسرحي في العالم وخصوصاً في بلداننا حيث المسارح غير مدعومة من الحكومات، جعلت المسرحيين يبحثون عن حلول ما أو ينسحبون"، معتبرة أن "الجزء الأساسي في معادلة الخسارة، هو الجمهور الذي أصبح يشكّل خطراً صحياً في الفضاء بعد أن كان هو الجوهر، ما يعيد التفكّر في معنى المسرح وأشكاله وفضاءاته وبنيانه".

المخرجة والممثلة اللبنانية عايدا صبرا، المقيمة في كندا، رأت أن "هناك حاجة في أساس المسرح للعلاقة التي تنشأ بين الممثل والجمهور خلال العرض". 

وقالت: "هناك قوة يستمدّها المسرحيّ على الخشبة من المشاهد الذي ينظر في عيونه مباشرة ويسمع همهمته أو سكوته، يسمع تذمّره أو تنهّداته أو ضحكاته أو حتى نفسه". وأضافت: "كل هذا لم نستطع للأسف لمسه ولا رؤيته من ردّة فعل من يتابع عرضنا على تطبيق زوم، على الرغم من أن التعليقات التي كتبت على الهوامش كانت جميعها إيجابية، لكنها لا تفي التفاعل الإنساني والفني حقّه".

ورأت صبرا أن "التجارب الافتراضية التي نتابعها اليوم عبر المنصات في العالم، غير ناضجة ولا تزال قيد الدراسة"، مشدّدة على "وجوب البحث في مستوى التّلقي وأشكال العرض وطريقة الإخراج الافتراضي بطريقة خاصة، حتى لا يخسر العرض مقوّماته الأساسية وقيمته الفنية، لأن التصوير المباشر كما يحدث حالياً، يُضعف المشهد المسرحي ولا يلتقط مثلاً تفاصيل الوجه وروح الحوار الدائر بين أبطال العرض".

لا غنى عن المسرح الحيّ

المخرجة وأستاذة المسرح في "الجامعة اللبنانية الأميركية" لينا أبيض، وصفت تجربتها الأولى الافتراضية مع مسرحية "همسات" بأنها "جميلة"، لكنها أشارت إلى أن "لا شيء يُغني عن المسرح الحيّ أو يعوّض عنه".

وقالت: "ما نفعله اليوم من عروض تجمع بين التصوير السينمائي والمسرح، ما هو إلا نوع من تجميل المسرح ومحاولة الاستمرار بعلاقتنا مع الجمهور".

 ترفض أبيض، تسمية ما يؤدّى مباشرة على تطبيقات "زووم" حيث يجلس كل ممثل في بيته ويؤدي دوره من شباك افتراضي على الهواء، بأنه "مسرح"، داعية إلى "البحث عن تسمية جديدة له"، موضحة أنها استطاعت تنظيم ورش عمل حيّة مع فريق عمل "همسات" وإجراء التمرينات على الخشبة، كاشفة أن "أداء العمل كاملاً وتصويره، تم بطريقة بسيطة باستخدام 3 كاميرات تنقل 3 زوايا للمسرح ليكون أقرب ما يكون إلى المشاهد كأنه داخل القاعة". 

تجارب مخيبة للآمال

تتفق الباحثة ومدرّسة المسرح في "جامعة واشنطن" منى مرعي، مع صبرا وأبيض، في نقد تجربة العرض عبر منصة "زووم"، مؤكدة أن "ما من شيء يعوض اللقاء الحسي مع الجمهور".

وقالت: "كل ما تابعته في الولايات المتحدة والعالم العربي وبريطانيا، من تجارب مباشرة افتراضية كان مخيباً للآمال ولا يحمل ابتكاراً ولا يؤسس لاستدامة، بل هو مقتصر على الاستجابة للأزمة الصحية".

 

إمكانيات جديدة

مؤسِسة "فرقة زقاق" المسرحية اللبنانية، مايا زبيب، رأت أن "أزمة كورونا ضربت قطاع المسرح عالمياً، لكنها فتحت مساحة لإمكانيات جديدة تتعلق بالنقاشات وبناء القدرات الذاتية وتنظيم ورش عمل عابرة للقارات للحصول على المعرفة وتعزيز المهارات، وبالتالي خلق وسائل جديدة ومنصات لم نفكّر بها من قبل".

متطلبات السوق 

فنانة العرض ومصمّمة الرقص والمسرحية، بترا سرحال، المقيمة بين لندن وبيروت، رفضت المقارنة بين العرض الافتراضي والعرض الحيّ، لأنهما ببساطة مختلفان أساساً من حيث الشكل"، معتبرة أن "السوق هي التي توجّه الفنانين اليوم إلى شكل العرض، إذ إنه خلال فترة الحجر كانت هناك حاجة لعرض الأعمال افتراضياً". وقالت: "وجدنا أنفسنا مضطرين للتفكير بطريقة مغايرة لما كان عليه المسرح قبل كورونا والتكيّف مع الواقع".

اقرأ أيضاً: