أيفون بلا شاحن.. التزام تجاه الكوكب أم حيلة تسويقية؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" تيم كوك خلال تقديمه لـ"آيفون 12" - AFP
الرئيس التنفيذي لشركة "أبل" تيم كوك خلال تقديمه لـ"آيفون 12" - AFP
القاهرة-الشرق

أثارت شركة "أبل" الأميركية ردود أفعال واسعة لدى مستخدمي علامتها للهواتف النقالة "أيفون"، بعد إفصاحها عن الإصادر الجديد الذي يحمل اسم "أيفون 12"، والذي سيتم تسويقه داخل علبة محدودة، لا تتسع إلا للجهاز من دون شاحن أو سماعات. وبررت الشركة الأميركية قرارها بـ"أغراض بيئية".

وامتدت ردود الأفعال لتشمل شركات منافسة لـ"أبل"، إذ علقت شركة "سامسونغ" الكورية الجنوبية، على حسابها في فيسبوك على الأمر ببعض السخرية، وأشارت إلى أن هواتفها لازالت تصل مستخدميها مرفقة بشواحن.

أخف على الكوكب

ويدعم "أيفون 12" شبكات الجيل الخامس، ويأتي تصميمه بحواف مسطحة وليست دائرية كما الإصدارات الأخيرة، مع درع خزفية مقاومة للصدمات. وعلى رغم أن دعم أيفون 12 لشبكات الجيل الخامس يُعد الخاصية الجوهرية التي تميّز الهاتف الجديد، إلا أن أغلبية التعليقات التي صاحبته اهتمت بإصداره من دون سماعات أو شواحن.

ويفسر البعض خطوة "أيفون"، أنها تمهيد لتقديم تكنولوجيا الشحن اللاسلكي في الإصدارات المقبلة (هاتف ذكي من دون أية فتحات)، أما الاحتمال الآخر كما ترشحه منصة "ماك رومرز" الخاصة بأخبار "أبل"، هو أن كلفة دعم شبكات الجيل الخامس كان من المتوقع أن تُسهم في رفع سعر بيع الإصدار الجديد، ما تحاول الشركة تلافيه بتعويض الكلفة من الإكسسوارات الرئيسية الغائبة عن صندوق "أيفون 12".

إلا أن شركة التكنولوجيا الأميركية فضّلت أن تسوّغ خيارها على أنه انحياز بيئي، إذ قالت ليزا جاكسون، متحدثة باسم "أبل"، عبر الحدث الافتراضي الأخير قبل يومين، إن "نحو 700 مليون زوج من السماعات، و2 مليار شاحن آيفون، لازالوا قيد الاستعمال حول العالم، مايحوّل إضافة هذه الإكسسوارات لصناديق أيفون لهدر بيئي".

وأضافت ليزا جاكسون أيضاً أن "العلب الصغيرة، تعني أيضاً مساحات شاغرة أوسع لشحن المزيد من وحدات آيفون، تحول من دون المزيد من الانبعاثات الكربونية أثناء عملية الشحن، مايصب أيضاً في انحياز أبل البيئي".

ويفض التحرك الأخير اشتباك قديم بين الهاتف والبطارية والسماعات، يرجع إلى عام 2007، حينما بدأت "أبل" في بيعهم كحزمة مجتمعة.

خطوات سابقة

"أيفون" وحيد العبوة، ليس الوحيد الذي تسوقه "أبل" بوصفه انحيازاً بيئياً، ففي سبتمبر، أعلنت الشركة الأميركية أن إصداراتها الجديدة من الساعات الذكية، ستأتي التي جاءت هي الأخرى من دون شواحن، علاوة على ذلك، شهدت السنوات العشر الأخيرة، ذروة تحركات "أبل" البيئية.

وبدأت سياسة آبل "الخضراء"، في الاتضاح منتصف عام 2013، حينما قررت تعيين ليزا جاكسون نفسها، والتي شغلت من قبل منصب مديرة "وكالة حماية البيئة الأميركية" خلال فترة باراك أوباما الرئاسية في الولايات المتحدة، كمسؤولة عن مبادرات "أبل" البيئية.

منذ ذلك الحين، خرجت الشركة الأميركية من حين إلى آخر على مستخدميها بعدد من المبادرات، التي تتقدمها أهداف بيئية، وتتعلق بالحفاظ على استدامة الموارد، تقليل انبعاثات الكربون، وعملت مثلاً على أن يكون مقرها الجديد في كاليفورنيا زاخراً بالأشجار، لإعادة تدوير الكربون المنبعث، مع الاهتمام بتوفيره في استهلاك الطاقة بنسبة 30%، فضلاً عن تفعيل "أبل" سياسة عامة، تقلل من الموارد المهدرة في منتجاتها قدر الإمكان.

وفي عام 2018، أعلن  المدير التنفيذي للشركة تيم كوك، أن مقرات "أبل" وجميع متاجرها، في جميع أنحاء العالم، أصبحت تستخدم مصادر متجددة للطاقة.

وأعلنت "أبل" في منتصف العام الحالي، أنها وضعت خطة استراتيجية للاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في عملها، بشكل كامل بحلول عام 2030، كنوع من أنواع الوفاء للكوكب، والمشاركة في تراجع التغير المناخي.

التزام بيئي أم حيل تسويقية؟

مدى ثقة المستهلكين في مزاعم الشركات الكبرى، بأنها تسعى خلف أهداف خضراء وصديقة للبيئة، كان موضوع استطلاع أجرته شركة تسويق أميركية في عام 2009، وأوضح أن نحو 77% من العينة المبحوثة من المجتمع الأميركي مؤمنون أن استهلاك منتجات تعود لشركات تولي أهمية تجاه الكوكب، قد يحدث فرقاً بالفعل.

ويعتقد واحد ضمن كل أربعة مستهلكين أميركيين، وفق الاستطلاع، أنهم لا يستطيعون التحديد على وجه الدقة ما إذا كانت إدعاءات هذه الشركات بشأن صداقة منتجاتها للبيئة حقيقية أم لا.

على صعيد آخر، بجولة سريعة في واجهة مستخدم قسم البيئة في الموقع الرسمي لـ"أبل" لعام 2020، تحتفي الشركة بكافة إنجازاتها البيئية، وتقدم عبر تقريرها البيئي السنوي دروساً مستفادة من تجربتها للمؤسسات التي قد تود أن تحذو حذوها.

على الجانب الآخر، تواجه الشركة بين الحين والآخر، تهماً بخصوص توظيف المصطلحات البيئية والأهداف المستدامة للتسويق، وتحقيق مكاسب اقتصادية، فيما يُعرف بـ GreenWashing.

فعلى سبيل المثال، واجهت تصاميم مقرات شركة "أبل" صديقة البيئة في 2013، تحفظات من مستخدمين، كونها تقدم وهماً زائفاً بأنها مقرات خضراء، بينما تتسع مساحات ركن السيارات التي تخدم موظفّي الشركة، لنحو 10 آلاف و500 سيارة، وهو ما ينافي الادعاء بأنها صديقة للبيئة.

وواجه إعلان "أبل" أيضاً باستخدام الألمونيوم المعاد تدويره في نوفمبر 2018، لصناعة جهازي "ماك ميني"، و"ماك بوك إير"، تشكيكاً في نوايا الشركة ومدى جدواها البيئية، إذ خرجت تقارير بالتزامن من قبل جهات فاعلة بيئياً (مثل تحالف الحق في التصليح بالولايات المتحدة)، تشير إلى أن الألمونيوم المعاد تدويره، هو أسهل المعادن من حيث إعادة للتدوير.

وأبرز "تحالف الحق في التصليح" أيضاً حقيقة أن غالبية المصنعين يستخدمون نحو 75% من الألومنيوم المعاد تدويره، بدون تسويق ذلك كجهد إضافي في صالح البيئة.

وأخيراً، رأى ناشطون بيئيون حول العالم، في تحرُك "أبل" الأخير لحذف الشواحن والسماعات، حيلة تسويقية أخرى، بدعوى الانحياز للكوكب وموارده.