من أميركا إلى الصين.. "دلتا" تثير المخاوف من موجة وبائية جديدة

time reading iconدقائق القراءة - 11
سيدة تضع كمامة وسط مانهاتن في نيويورك. 30 يوليو 2021. - AFP
سيدة تضع كمامة وسط مانهاتن في نيويورك. 30 يوليو 2021. - AFP
دبي-وكالاتالشرق

بدأت سرعة تفشي سلالة كورونا المتحورة "دلتا" تثير مخاوف من موجة عالمية جديدة للفيروس، مع اكتشاف الصين بؤراً جديدة وإعلان الولايات المتحدة فشل اللقاحات في منع انتشار السلالة المتحورة، وتسجيل اليابان وتايلاند أعداداً قياسية في الإصابات.

 التطورات الجديدة تأتي في أعقاب تحذير "منظمة الصحة العالمية"، الخميس، من أن السلالة المتحورة "دلتا" التي رُصدت للمرة الأولى في الهند، باتت تهدد نحو 15 دولة بموجة وبائية رابعة.

وسجلت تايلاند، السبت، عدداً قياسياً في الإصابات الجديدة بفيروس كورونا بلغ 18912 حالة، ما يرفع العدد الإجمالي إلى 597287.

وسجل البلد الآسيوي أيضاً عدداً قياسياً جديداً في الوفيات اليومية بالفيروس عند 178، ليصل العدد الإجمالي للوفيات منذ ظهور الوباء إلى 4857.

وأفادت صحيفة "غارديان" بأن هذا الارتفاع القياسي يعود إلى تفشي المتحورة "دلتا" سريعة الانتشار، فضلاً عن بطء توزيع اللقاحات، إذ لا يتجاوز عدد المطعمين بالكامل 5% من مجموع السكان في البلاد.

قفزة في اليابان

قالت سلطات طوكيو، السبت، إن عدد الإصابات الجديدة بكورونا في العاصمة اليابانية التي تستضيف دورة الألعاب الأولمبية قفز قفزة قياسية بلغت 4058 إصابة، لتتجاوز عتبة 4000 حالة للمرة الأولى، وهو ما يلقي بظلاله على المنافسات.

تأتي الزيادة القياسية الجديدة بعد يوم من قرار اليابان تمديد حالة الطوارئ في طوكيو حتى نهاية أغسطس، وتوسيع نطاقها إلى ثلاث مقاطعات بالقرب من طوكيو ومقاطعة أوساكا الغربية، نظراً للزيادة الأخيرة في حالات العدوى.

وسط تصاعد المخاوف، قال منظمو أولمبياد طوكيو السبت إنهم سحبوا بطاقات الاعتماد من شخص أو أكثر مرتبطين بالألعاب بسبب مغادرة قرية الرياضيين لمشاهدة معالم المدينة، في انتهاك للإجراءات المفروضة، حرصاً على إقامة المسابقات بأمان في خضم الجائحة.

ولم يكشف المنظمون عن عدد الأشخاص الذين تم سحب بطاقاتهم، وما إذا كانوا من اللاعبين أو متى حدثت الانتهاكات.

وأفادت "غارديان" بأن رياضيين من ترينيداد وتوباغو أعلنا، السبت، انسحابهما من أولمبياد طوكيو بعدما ثبتت إصابتهما بفيروس كورونا في القرية الأولمبية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه تم نقل الرياضيين، وهما لاعب الوثب الطويل أندويل رايت وعداءة سباق 400 متر حواجز سباركل آن ماكنايت، إلى جانب المدرب وينديل ويليامز، إلى فندق بطوكيو وعزلهم فيه، بعدما جاءت نتائج فحوصهم إيجابية.

بؤر جديدة في الصين

من جهتها، أعلنت السلطات الصينية أنها رصدت بؤراً وبائية جديدة لفيروس كورونا في منطقتين إضافيتين، إحداهما تضم مدينة يبلغ عدد سكانها 31 مليون نسمة، في أخطر تفشٍّ للفيروس يشهده العملاق الآسيوي منذ أشهر. 

وقالت لجنة الصحة الوطنية إن الإصابات الجديدة بالفيروس رُصدت في مقاطعة فوجيان وبلدية تشونغتشينغ، لتضاف بذلك هاتان المنطقتان إلى العاصمة بكين وأربع مقاطعات أخرى سبق أن سجلت إصابات بالمتحورة "دلتا" من فيروس كورونا.

وبلغت حصيلة الإصابات الجديدة التي سجلت في هذه المناطق مجتمعة 55 إصابة ليرتفع عدد الإصابات المسجلة في الصين إلى أكثر من 200 منذ 20 يوليو، حين رصدت أول بؤرة وبائية في مقاطعة جيانغسو الشرقية، مع تأكد إصابة تسعة موظفين في مطار نانجينغ بالفيروس.

والسبت، أمرت السلطات في نانجينغ جميع المرافق السياحية والأماكن الثقافية بعدم فتح أبوابها، بسبب ارتفاع معدل العدوى على المستوى الوطني.

وفرضت السلطات حجراً صحياً على مئات آلاف السكان في مقاطعة جيانغسو، وعاصمتها نانجينغ، في حين أخضعت المدينة سكانها البالغ عددهم 9.2 مليون نسمة للفحص مرتين.

قلق في فرنسا وأستراليا

ويثير تفشي الوباء قلقاً في فرنسا أيضاً حيث تنتشر متحورة "دلتا" في أماكن العطلات، وخصوصاً أراضي ما وراء البحار.

وتستعد منطقتان فرنسيتان في أراضي ما وراء البحار، وهما المارتينيك ولاريونيون، لإعادة فرض حجر لمواجهة الارتفاع السريع في عدد الإصابات بكورونا.

وتسعى الحكومة الفرنسية إلى منع تطبيق هذا السيناريو الكارثي في بقية أنحاء البلاد بأي ثمن، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وفي أستراليا، دخل إغلاق صارم حيز التنفيذ بعد ظهر السبت في بريزبن ثالث أكبر مدينة في البلاد، وأجزاء من ولاية كوينزلاند. 

وأدت إجراءات العزل العام في مدينة سيدني، والتي تستمر حتى نهاية أغسطس على الأقل، إلى اندلاع مظاهرات عنيفة مطلع الأسبوع الماضي وتعهد المحتجون بالعودة إلى الشوارع السبت.

لكن الشرطة أغلقت محطات القطارات ومنعت سيارات الأجرة من إنزال الركاب وسط المدينة، ونشرت نحو ألف من أفرادها لإقامة نقاط تفتيش وتفريق أي تجمعات.

وذكرت وسائل إعلام أسترالية أن القائمين على تنظيم الاحتجاج حضوا أتباعهم اليوم على تجنب الاحتشاد، على أن يتم التظاهر في موعد لاحق.

خطر "دلتا" على الحوامل

وحضت سلطات الصحة البريطانية النساء الحوامل على تلقي اللقاح المضاد لفيروس كورونا، بعدما أظهرت دراسة وطنية أن السلالة المتحورة "دلتا" تضاعف مخاطر إصابتهن بعوارض شديدة.

وقالت هيئات الصحة العامة في إنجلترا إنها توصي بتحصين الحوامل بلقاحي موديرنا وفايزر لأنهما أعطيا لأكثر من 130 ألف حامل في الولايات المتحدة.

وخلصت دراسة استندت إلى معطيات وطنية جمعها نظام مراقبة التوليد في المملكة المتحدة، ونشرت على الإنترنت في 25 يوليو، إلى أن نسبة الحوامل اللواتي يدخلن المستشفى بعوارض متوسطة إلى شديدة ارتفعت "بشكل كبير" بعدما أصبحت المتحورة "دلتا" هي الطاغية في مايو.

والدراسة التي أعدها باحثون من "جامعة أكسفورد" وجدت أن الحوامل اللواتي أدخلن المستشفى، خلال موجة الإصابات بـ "دلتا"، كنّ أكثر عرضة للإصابة بالتهاب رئوي، وثلثهن بحاجة لمساعدة أجهزة التنفس.

"دلتا" ومناعة القطيع في أميركا

وفي الإطار، كشفت وثيقة داخلية في "مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها" الأميركي، نشرتها "واشنطن بوست"، أن فشل اللقاحات في منع نقل الفيروس كان وراء قرار عودة فرض ارتداء الكمامات على الأشخاص المطعمين في البلاد.

وقالت الصحيفة إن المركز استند إلى بيانات جديدة لم تُنشر بعد، ومن تحقيقات تفشي متحورة "دلتا" في الولايات المتحدة ودراسات خارجية تبيّن أن الأشخاص المطعمين الذين يُصابون بـ "دلتا" ربما ينقلون الفيروس بالسهولة نفسها التي يمكن أن ينقله بها غير المطعمين، ولديهم أحمال فيروسية قابلة للقياس مماثلة لمن لم يتم تطعيمهم والذين يصابون بالفيروس. 

وقال شخص يعمل بالشراكة مع المركز الصحي في التحقيقات بشأن متحورة "دلتا"، لـ"واشنطن بوست" شرط حجب هويته، إن هذه البيانات جاءت من "موجة التفشي التي شهدتها مدينة بروفينستاون بولاية ماساتشوستس" في 4 يوليو، حيث أظهرت التحليلات الجينية أن الأشخاص المطعمين كانوا ينقلون الفيروس إلى أفراد آخرين مطعمين. وأضاف أن تلك البيانات كانت "مقلقة جداً"، وجاءت بمثابة "طلقة تحذيرية" للعلماء الذين اطلعوا عليها لاتخاذ إجراءات جديدة. 

ووفقاً لما نقلته "واشنطن بوست" عن خبراء في الأمراض المعدية، فإن متحورة "دلتا" جعلت مناعة القطيع هدفاً أكثر صعوبة. 

وقال عالم الأوبئة في "جامعة كولومبيا"، جيفري شامان، بعد مراجعته عرض "مركز مكافحة الأمراض والوقاية منها"، إن "التطعيم أصبح الآن مرتبطاً بالحماية الشخصية، حيث يحمي المرء نفسه فقط من الإصابة بحالة حرجة من المرض. أما مناعة القطيع فلم يعد لها علاقة بالأمر لا من قريب ولا من بعيد، لأننا نرى الآن الكثير من الأدلة على الإصابات الاختراقية".