
يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء، في أول خطاب له حول حال الاتحاد أمام الكونجرس إلى طمأنة بلاد تعيش قلقاً بالغاً من جراء الحرب في أوكرانيا، في كلمة سينصب التركيز فيها على الأوضاع في العالم، أكثر مما ستتمحور حول الوضع في الولايات المتحدة.
وكان بايدن قد وجّه كلمة أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين في أبريل 2021، لكنّ الخطاب لم يكن حول "حال الاتحاد"، المحطة البارزة على الساحة السياسية الأميركية.
وفي الخطاب المعدّ بدقة متناهية، يقدّم الرئيس تقريراً سنوياً حول إنجازاته للسلطة التشريعية. وعادة ما تطغى على الخطاب الاعتبارات الوطنية، لكن الوضع هذا العام سيكون مختلفاً.
والثلاثاء أعلن البيت الأبيض، أن بايدن أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استمر أكثر من 30 دقيقة، وتناول البحث فيه زيادة المساعدات الأميركية للجيش الأوكراني لتمكينه من الصمود بوجه الغزو الروسي.
وجاء في تغريدة نشرها زيلينسكي الموجود في كييف التي تتعرض لقصف روسي: "علينا أن نوقف المعتدي بأسرع ما يمكن".
ومن المرجح أن يطغى هذا النداء على خطاب بايدن. وأعلنت السيدة الأميركية الأولى جيل بايدن أن السفيرة الأوكرانية أوكسانا ماركاروفا ستكون بين الحاضرين وستجلس في المكان المخصص للشخصيات الهامة.
الغزو الروسي
وأظهر استطلاع أجرته شبكة "سي.بي.اس" أن 73% من الأميركيين يريدون أن يتطرّق الرئيس بايدن إلى غزو روسيا لأوكرانيا، قبل أي حديث عن الاقتصاد أو عن جائحة كورونا.
وقد أدرك بايدن ذلك جيداً، إذ أكد الاثنين أن الولايات المتحدة يجب ألا تخشى اندلاع نزاع نووي.
ويعطي غزو أوكرانيا الرئيس الأميركي فرصة لامتداح نهجه الدبلوماسي، وهو كان قد تعهّد لدى تسلّمه السلطة تشكيل تحالف واسع مع قوى ديمقراطية في مواجهة ما وصفه بـ"الأنظمة الاستبدادية".
لكن في المقابل يمنعه هذا الغزو من التركيز على الطبقة الوسطى الأميركية والصين، وهما عنوانان كان يعتزم صب جهوده في إطارهما لدى توليه سدة الرئاسة.
لكن على الرغم من كل شيء سيؤكد الرئيس الديمقراطي البالغ 79 عاماً للأميركيين أن البلاد بأيد أمينة في عهده، علماً بأن آخر الاستطلاعات يفيد بأن نسبة الأميركيين المقتنعين بذلك أقل من 40%.
وفي مؤشر إضافي إلى أنَّ جائحة كورونا بدأت تنحسر، سيكون وضع الكمامة خلال خطاب الرئيس في مبنى الكابيتول اختيارياً.
مخاوف الديمقراطيين
وتسجل الولايات المتحدة نمواً كبيراً وتراجعاً للبطالة. والمحكمة العليا ستضم قريباً أول أميركية متحدرة من أصول إفريقية هي كيتانجي براون جاكسون التي اختارها بايدن للمنصب منفّذا بذلك تعهّداً كان قد قطعه.
لكن شيئاً من ذلك لا يفيد إلى الآن بايدن والديمقراطيين المتخوّفين من نكسة في الانتخابات التشريعية المقررة في الخريف.
وفي عام ونيّف، لم ينجح بايدن الذي يقدّم نفسه على أنه دائم التفاؤل، في رفع معنويات الأميركيين المحبطين للغاية، حتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وأظهر استطلاع نشره في نهاية يناير "معهد غالوب" أن 85% من الأميركيين يبدون رضاهم عن معيشتهم، لكن 17% منهم فقط يعتقدون أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.
تضخّم وانقسامات
على الصعيد الاقتصادي، يثير التضخّم المتسارع قلق الأسر الأميركية. وحول المسائل الاجتماعية الكبرى سواء تشريع الإجهاض أو تنظيم قطاع الأسلحة النارية أو مكافحة العنصرية، الانقسامات بين الحزبين أكثر حدة من أي وقت مضى.
وبهدف تهدئة المخاوف السائدة في البلاد، سعى بايدن بادئ الأمر إلى تمرير تشريعات تحولية كبرى، لكن استراتيجيته لم تثمر.
وفي حين نجح في تمرير خطته الكبرى للاستثمار في البنى التحتية، اضطر في نهاية المطاف إلى التخلي عن مشروعه للإنفاق الاجتماعي وخطّته لتعزيز حق التصويت، بسبب عدم توفر الغالبية البرلمانية المطلوبة.
ويسعى البيت الأبيض إلى تغيير التوجه. ومن المتوقع أن يطلق الرئيس الأميركي الثلاثاء أمام الكونغرس مواقف محدّدة الأهداف وملموسة وتوافقية إذا أمكن، بشأن الهواجس اليومية للأميركيين، فهو، على سبيل المثال، سيتعهّد بإيلاء اهتمام أكبر لمشاكل الصحة الذهنية في الولايات المتحدة، والتي تفاقمت منذ أن بدأت جائحة كورونا.
والثلاثاء اعتبر البيت الأبيض أن "بلادنا تواجه أزمة غير مسبوقة على صعيد الصحة الذهنية، لدى مختلف الفئات العمرية"، مشيراً إلى دراسات إحصائية تفيد بأن أعدادهم كبيرة.