لماذا لا ترغب موسكو وكييف في توجيه "الضربة الأولى" بدونباس؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
قوات انفصالية موالية لروسيا في قرية بتروفسك على بعد نحو 50 كيلومتراً من دونيتسك الأوكرانية على الحدود الروسية - 3 أكتوبر 2016 - AFP
قوات انفصالية موالية لروسيا في قرية بتروفسك على بعد نحو 50 كيلومتراً من دونيتسك الأوكرانية على الحدود الروسية - 3 أكتوبر 2016 - AFP
دبي- الشرق

تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا خلال الأيام الأخيرة، إذ حشد كلا البلدين قوات وآليات عسكريةعلى جانبي منطقة دونباس المتنازع عليها، وسط مخاوف من دخول التصعيد مرحلة جديدة.

وقال مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية السبت، إن الاشتباكات بين القوات الأوكرانية والانفصاليين المدعومين من روسيا في إقليم دونباس، تصاعدت خلال الأسابيع الأخيرة.

وتتهم موسكو وكييف بعضهما البعض بـ"السلوك الاستفزازي"، وتستعدان مرة أخرى لاحتمالية نشوب صراع مباشر بينهما.

وأضافت المجلة أن موسكو  عززت وجود قواتها على طول حدود دونباس، كما نقلت قطارات محملة بمركبات قتالية ومدافع "هاوتزر" إلى شبه جزيرة القرم.

"تحرك دفاعي"

وأشارت المجلة إلى أنه طوال الصراع، ظل الكرملين يؤكد مراراً وتكراراً بأن لروسيا الحرية في نشر قواتها في أي مكان تريده داخل أراضيها. 

ونقلت المجلة عن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، قوله: "نخشى استئناف حرب أهلية في أوكرانيا، ففي حال نشوب عمل عسكري واسع النطاق بالقرب من حدودنا، فإن ذلك سيهدد أمن الاتحاد الروسي، والتصعيد المستمر للتوترات هناك بات غير مسبوق الآن".

وفي مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أوكرانيا مرة أخرى بأعمال عسكرية "استفزازية".

ورفض بوتين اتهامات كييف بأن التحركات العسكرية الروسية هي حيلة لصرف الانتباه عن الغضب الدولي بشأن سجن المعارض الروسي أليكسي نافالني، ووصف تحركات الجيش الروسي بأنها "دفاعية بحتة".

وتابعت "ناشونال إنترست": "بينما أعربت واشنطن عن دعمها لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، فقد رفضت دعم تطلعات كييف للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كما عارضت ألمانيا وفرنسا علناً خطة العمل الخاصة بها للانضمام إلى الحلف".

صراع بدون نهاية

ومن جانبها، أعلنت كييف، الجمعة، أنها لن تشن هجوماً عسكرياً كبيراً على منطقة دونباس، وقال رئيس أركان القوات المسلحة الأوكرانية، روسلان خومتشاك: "إن تحرير الأراضي المحتلة بشكل مؤقت بالقوة سيؤدي حتماً إلى مقتل عدد كبير من المدنيين، وسقوط ضحايا في صفوف الجيش، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لأوكرانيا". 

وقالت المجلة إنه مع استمرار الصراع في دونباس مع عدم وجود نهاية واضحة في الأفق، فإن بوتين يواجه ضغوطاً متزايدة من السياسيين، والمعلقين الروس البارزين، لتبني نهج سياسي أكثر قوة.

ولفتت إلى أن رئيس الحزب الشيوعي الروسي، غينادي زيوغانوف، حث الكرملين على الاعتراف الفوري بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبية، وهي الخطوة التي قالت إنها من المرجح أن تكون مصحوبة بغارات عسكرية روسية صريحة في منطقة دونباس.

سيناريو الحرب

وتساءلت "ناشيونال إنترست" قائلة: إذن أين يمكن أن تذهب الحرب في دونباس؟ ورأت المجلة أنه لا يوجد حالياً أي مؤشر على أن روسيا تستعد لدفع قواتها المسلحة إلى منطقة دونباس المتنازع عليها، أو على الأقل لن تقوم بالأمر بشكل استباقي، موضحة أن ذلك سيكون بمنزلة إلغاء روسي علني لاتفاقات مينسك للسلام، ما سيؤدي لمزيد من العقوبات والعواقب العسكرية المحتملة.

وتابعت: "ولذا فإنه يمكن تفسير تحركات القوات الروسية الأخيرة على أنها مجرد إجراء رادع، أو إشارة إلى رغبة موسكو في الرد على أي هجوم أوكراني باتجاه الشرق بقوة ساحقة".

ولفتت إلى أن كييف تتبنى ذات النهج أيضاً، إذ تخاطر حكومة فولوديمير أولكساندروفيتش زيلينسكي بفقدان الدعم الأميركي والأوروبي، إذا حاولت استعادة مناطقها الانفصالية بالقوة، ما "سيؤدي إلى تكرار الحسابات الاستراتيجية الخاطئة المشؤومة التي أدت إلى الحرب الروسية الجورجية عام 2008".

وختمت المجلة تقريرها قائلة إنه "إذا قامت أي من روسيا وأوكرانيا بالخطوة العسكرية الأولى فإنها ستعاني عواقب سياسية كبيرة، ولذا فإنه على الرغم من هذه الجولة الأخيرة من التصعيد، والصخب المصاحب لها، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن الحسابات الجيوسياسية في هذه المنطقة قد تغيرت".