تحقيق لـ"واشنطن بوست" يرجح قتل الجيش الإسرائيلي لشيرين أبو عاقلة

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة مراسلة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة في مبنى المقر الرئيسي للقناة بالعاصمة القطرية الدوحة - 11 مايو 2022 - REUTERS
صورة مراسلة "الجزيرة" شيرين أبو عاقلة في مبنى المقر الرئيسي للقناة بالعاصمة القطرية الدوحة - 11 مايو 2022 - REUTERS
دبي - الشرق

رجحت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، أن يكون جندياً إسرائيلياً أطلق النار على الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة وقتلها، مشيرة إلى أنها توصلت لهذه النتيجة بعد فحص أكثر من 50 مقطع فيديو ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وصوراً للواقعة، وإجراء عمليتي فحص حي لمكان الحادث، وتحليلين مستقلين لصوت الطلقات النارية.  

ونقلت الصحيفة، في تحقيق مطول نشرته، الأحد، عن الصحافي في قناة "الجزيرة" الإخبارية، والذي كان موجوداً مع شيرين وقت الحادث، علي السمودي، قوله إن "الصحافيين كانوا يرتدون خوذات وسترات واقية مكتوب عليها (صحافة) بأحرف بيضاء كبيرة، وأنهم توقفوا لمدة 5 دقائق في مكان اعتقدوا أنه يمكن خلاله لجنود المركبات الإسرائيلية الموجودة أن يحددوا بوضوح أنهم صحافيين".

وأضاف: "كنا على ثقة تامة من عدم وجود مسلحين فلسطينيين في المكان، ولا تبادل لإطلاق النار أو اشتباكات مع الإسرائيليين". 

وأشارت الصحيفة إلى أن الأجواء كانت هادئة تماماً، ولكن بات هناك وابل من الرصاص بشكل مفاجئ، فأصابت إحدى الرصاصات الصمودي، وأصابت أخرى أبو عاقلة ما أسفر عن وفاتها. ويقول الصمودي إن "الطلقات جاءت على ما يبدو من المركبات العسكرية". 

"دحض المزاعم"

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه من المحتمل أن يكون أحد جنوده أطلق الرصاصة على الصحافية، لكنه ادعى أن إطلاق النار كان موجهاً نحو مسلح فلسطيني كان يقف بين الجنود الإسرائيليين والصحافيين، وأنه ربما يكون قد تم إطلاق النار على الصحافيين "عن غير قصد". 

وذكرت الصحيفة، أن الجيش الإسرائيلي لم ينشر أي دليل على وجود مسلحين فلسطينيين في مكان الحادث، كما أن الفيديوهات والأدلة الصوتية المتوفرة تدحض مزاعمه بحدوث تبادل لإطلاق النار في الدقائق التي سبقت قتل أبو عاقلة، فيما تدعم الأدلة روايات الشهود الذين أجرت مقابلات معهم، والذين قالوا إنه لم يكن هناك تبادل لإطلاق النار في ذلك الوقت.

وتابعت: "تشير التحليلات الصوتية لإطلاق النار الذي يُرجح أنه قتل أبو عاقلة إلى أن شخصاً أطلق النار من مسافة تتطابق تقريباً مع المسافة بين الصحافيين ومركبات الجيش الإسرائيلي، واستناداً إلى مقطع فيديو تم تصويره من قبل (واشنطن بوست) في جنين، فإنه في الغالب تم تحديد أبو عاقلة والصحافيين الآخرين باعتبارهم صحافيين، من موقع الجيش الإسرائيلي، الذي كان على بُعد حوالى 182 متراً". 

ونقلت الصحيفة عن بث مباشر على تطبيق "تيك توك" تم تصويره قبل 7 دقائق من إطلاق النار، والذي يُظهر مشهداً هادئاً نسبياً مع وجود أشخاص يتجولون، ثم يتم سماع طلقات نارية منفردة من مسافة بعيدة، ولكن لا يوجد أي دليل على وقوع معركة بالأسلحة النارية.

كما يُظهر مقطع فيديو آخر صورته "واشنطن بوست" من موقع مركبات الجيش الإسرائيلي أن الجنود استطاعوا رؤية أبو عاقلة وقت الحادث دون عائق.

وقال الجيش الإسرائيلي في رد مكتوب على أسئلة "واشنطن بوست"، والنتائج التي توصلت لها، إنه "سيواصل التحقيق في الحادث للوصول إلى حقيقة هذا الحدث المأساوي، ولكن وجود الرصاصة يعد أمراً ضرورياً للتوصل إلى نتيجة حول مصدر إطلاق النار الذي أودى بحياة أبو عاقلة، كما أنها مصدر مهم للوصول إلى نتيجة مبنية على الأدلة".

وكرر البيان الإسرائيلي، نقلاً عن رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال أفيف كوخافي، مزاعم تل أبيب السابقة بأنها تحقق في ما إذا كانت الرصاصة قد أطلقها الجيش الإسرائيلي أو مسلح فلسطيني، مشيراً إلى أن "هناك شيء واحد يمكن تحديده على وجه اليقين وهو أنه لم يقم أي جندي إسرائيلي بإطلاق النار عمداً على الصحافيين"، وتابع: "لقد حققنا في الأمر، وهذا هو الاستنتاج الوحيد التي توصلنا له". 

تقرير مفصل

ووفقاً للصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي لم يذكر كيف توصل إلى نتيجة مفادها أن جنوده لم يعرفوا بوجود الصحافيين، أو أنه لم يتم استهدافهم عمداً، كما لم يرد على سؤال بشأن ما تظهره اللقطات الإسرائيلية للحادث، سواء من الطائرات بدون طيار أو الكاميرات التي يتم تثبيتها على أجساد الجنود، إن وجدت.

وفي بث مباشر آخر على "تيك توك"، تظهر المركبات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي على بُعد 600 قدم من المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة في جنين. كما سجل الفيديو طلقات نارية فردية بعيدة من وقت لآخر، لكن المشهد هادئ نسبياً.

وفي حوالي الساعة 6:31 صباحاً، بدأ الصحافيون في السير اتجاه المركبات العسكرية، وقال الصمودي لـ"واشنطن بوست": "قررنا أن نتحرك عبر الشارع ببطء لنقترب أكثر من الجيش لتغطية الأحداث". وبعد أقل من 30 ثانية من توجه الصحافيين نحو الجيش، تم إطلاق 6 طلقات نارية. 

وبناءً على طلب الصحيفة الأميركية، أجرى ستيفن بيك، خبير في التحليل الصوتي ومقدم المشورة لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" لأكثر من 10 سنوات، تحليلاً لإطلاق النار الذي تم سماعه في مقاطع الفيديو التي حصلت عليها الصحيفة.

ووجد بيك، أن أول دفعتين من الرصاص، 13 طلقة في المجموع، تم إطلاقهما من مسافة 175-195 متراً من الكاميرات التي سجلت المشهد، وهي تقريباً نفس المسافة بين الصحافيين والمركبات العسكرية الإسرائيلية. وأضاف: "يبدو أن الموجة الصوتية الناتجة عن طلقات الرصاص كانت متسقة بشكل ملحوظ، ما يشير إلى أن شخصاً واحداً مَن سحب زناد البندقية التي أطلقت هذا الرصاص". 

ورجحت الصحيفة، أن تكون أبو عاقلة قُتلت في إحدى دفعتي إطلاق النار الأولى أو الثانية، إذ يشير التحليل الصوتي لأول دفعتين إلى أن الرصاص قد تم إطلاقه في اتجاه الصحافيين وعلى مسافة قريبة جداً منهم، ومع ذلك، فإن التحليل لم يستطع تحديد مكان إطلاق النار بدقة. 

وبينما قالت السلطات الفلسطينية، التي لديها الرصاصة، إنها طلقة من عيار 5.56 × 45 ملم، قال بيك إنه استخدم عدداً من الأسلحة المختلفة التي تطلق نفس عيار القذيفة هذا في تحليله، لكن لا يوجد فرق كبير بينهما في تحديد المسافة بين أبو عاقلة ومُطلق النار. 

تحليل ثان

وفي تحليل ثانٍ، تم إجراؤه بواسطة نموذج حاسوبي صممه باحثون في "جامعة كارنيجي ميلون" الأميركية، وجد الباحثون أن أول دفعتين من الرصاص تم إطلاقهما على مسافة حوالي 233 متراً من الكاميرا، وهو ما يتوافق تقريباً مع تحليل بيك وموقع المركبات العسكرية الإسرائيلية.

ولكن لم يحدد النموذج ما إذا كانت الدفعتان الأوليتان أطلقهما واحد أو اثنان من الرماة، ولكن تظل المسافة بين مُطلق النار والكاميرا هي نفسها تقريباً. 

وتظهر مقاطع الفيديو التي حصلت عليها الصحيفة لمسلحين فلسطينيين في جنين، أنهم لم يكونوا موجدين بين أبو عاقلة والجيش الإسرائيلي، كما لم يكن لديهم القدرة على رؤية الصحافيين وقت إطلاق النار.

ويٌظهر أحد المقاطع أنه تم التقاطه قبل أن يتم إطلاق النار على أبو عاقلة بـ14 دقيقة، وتم تصويره من مسافة بعيدة، فيما تم التقاط مقطعي فيديو آخرين يظهران مسلح فلسطيني في نفس المنطقة بعد أكثر من 10 دقائق من إطلاق النار على أبو عاقلة.

ولكن لم تستطع الصحيفة تأكيد الوقت الدقيق لتسجيل الفيديو، إلا أن الطلقات النارية التي تم سماعها فيه لا تتطابق مع تلك التي تم سماعها عند إطلاق النار على الصحافية الفلسطينية، وهو ما يشير إلى أنه على الأرجح تم تسجيل الفيديو في وقت مختلف. 

ورداً على افتراض السلطات الإسرائيلية، بأن أبو عاقلة ربما تكون أصيبت برصاصة من جندي أطلق النار على مسلح فلسطيني كان متمركزاً في مكان ما على بُعد 200 متر تقريباً بينها وبين المركبات العسكرية، قالت "واشنطن بوست"، إنه وفقاً للصور المتوفرة لديها، فإن المركبات الإسرائيلية امتدت لما يقرب من 182 متراً إلى 243 متراً من الصحافيين بمن فيهم أبو عاقلة، ولكن رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على ما إذا كانت المركبات التي حددتها الصحيفة هي نفسها التي تخضع للتحقيق. 

وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن "المسلح الفلسطيني أطلق وابل من القذائف تجاه المركبات، قبل أن يرد الجندي الإسرائيلي على النيران"، ولكن لم يجد تحليل الصحيفة أي دليل على وقوع معركة بالأسلحة النارية في اللحظات التي سبقت قتل شيرين أبو عاقلة. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات