أطلق الجيش في ميانمار، الثلاثاء، أعيرة مطاطية ومدافع المياه، على متظاهرين ضد الانقلاب في مدن عدة في البلاد، كما وسّع نطاق الحظر على التظاهرات والتجمعات الذي سبق وأعلنه الاثنين، في وقت تحدى محتجون هذا الحظر.
وأفادت السلطات، الثلاثاء، بأنها وسعت المناطق المشمولة بقرار حظر التظاهرات والتجمعات الذي فرض الاثنين، رغم تواصل التظاهرات لليوم الرابع على التوالي احتجاجاً على الانقلاب الذي أطاح الأسبوع الماضي، بالزعيمة المدنية للبلاد أونغ سان سو تشي، ورغم تحذير الجيش من أنه سيتخذ خطوات ضد المتظاهرين الذين يهددون "الاستقرار".
وخرجت التظاهرات الجديدة في مختلف أنحاء رانغون، ومن بينها مقر حزب "الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية" الذي تتزعمه سو تشي. ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها شعارات من بينها "نريد زعيمتنا" و"لا للديكتاتورية".
وفي سان تشونغ التابعة لرانغون، نزل عشرات المعلمين إلى الشارع الرئيسي وهم يلوحون بالتحية الثلاثية الأصابع التي باتت شعار المتظاهرين.
وقال المعلم ثين وين سو لوكالة "فرانس برس": "لسنا قلقين من تحذيرهم لذا خرجنا اليوم. لا يمكننا قبول أعذارهم عن احتيال انتخابي. لا نريد أي ديكتاتورية عسكرية".
في نايبيداو العاصمة الاقتصادية للبلاد، قال شهود إن الشرطة أطلقت أعيرة مطاطية على متظاهرين، بعدما حاولت تفريقهم بخراطيم المياه.
وقال أحد الأهالي لوكالة "فرانس برس": "أطلقوا طلقات تحذيرية في الهواء مرتين، ثم أطلقوا (باتجاه متظاهرين) أعيرة مطاطية"، مضيفاً أنه شاهد بعض الأشخاص الذين أصيبوا بجروح.
وبعدما نزل مئات آلاف المتظاهرين المعارضين للانقلاب، وجّه قائد المجلس العسكري مين أونغ هلاينغ خطاباً متلفزاً مساء الاثنين، لتبرير الأحداث الأخيرة.
وعود الجيش
في خطابة المتلفز، الأول له منذ الانقلاب، شدد مين أونغ هلاينغ على أن السيطرة على السلطة مبررة بسبب "التزوير في الانتخابات".
وكان حزب سو تشي قد حقق فوزاً كاسحاً في الانتخابات العامة في نوفمبر، لكن الجيش لم يعترف أبداً بشرعية الاقتراع.
بعد وقت قصير على الانقلاب أعلن الجيش حالة الطوارئ لعام وعد بعدها بتنظيم انتخابات جديدة.
وأكد مين أونغ هلاينغ، الاثنين، أن الجيش سيفي بوعوده ويعيد إرساء الديمقراطية. وأعلن أيضاً أن الأمور ستكون "مختلفة" عن الحكم السابق للجيش الذي استمر 49 عاماً، وانتهى في 2011.
وقال: "بعد تحقيق مهمات فترة الطوارئ، ستنظم انتخابات حرة ونزيهة ومتعددة الأحزاب وفقاً للدستور".
لكن تلك الوعود ترافقت مع تهديدات. فأمام تصاعد موجة التحدي، حذر الجيش من أن معارضة المجلس العسكري غير قانونية.
وفي بيان نشرته وسائل إعلام حكومية قال المجلس إنه "يتعين اتخاذ خطوات" في مواجهة الأنشطة التي تهدد الاستقرار والنظام العام.
غضب دولي
باتت نيوزيلندا، الثلاثاء، أول حكومة أجنبية تتخذ تدابير رسمية فعلية، إذ أعلنت تعليق محادثات عسكرية رفيعة المستوى واتصالات سياسية مع ميانمار.
وقادت الولايات المتحدة دعوات عالمية للجنرالات للتخلي عن السلطة، وأصدرت الاثنين بياناً جديداً في أعقاب تحذيرات الجيش ضد المتظاهرين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس الاثنين: "نقف إلى جانب الشعب البورمي وندعم حقه في التجمع في شكل سلمي، خصوصاً في التظاهر بشكل سلمي للمطالبة بحكومة منتخبة ديمقراطياً".
وأضاف أن الولايات المتحدة ورغم محاولاتها، لم تتمكن من التواصل مع أونغ سان سو تشي.
وقال مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إنه سيعقد الجمعة اجتماعاً طارئاً لمناقشة الوضع، فيما حضّ البابا فرنسيس السلطات في ميانمار على الإفراج "سريعاً" عن المسؤولين المسجونين.
وعلى الرغم من تشويه سمعتها في الغرب بسبب ردّ فعلها حيال أزمة الروهينغا، لا تزال سو تشي شخصية ذات شعبية كبيرة في البلاد، وقد حصد حزبها أكثر من 80% من الأصوات في انتخابات نوفمبر.
لكنّ الجيش يزعم أن الانتخابات شهدت عملية تزوير واسعة، وهي الحجّة التي استخدمها لتبرير الانقلاب العسكري.