أمر قاضي التحقيق في محكمة جزائرية، مساء الأحد، بحبس نائب سابق بتهمة الإساءة لشخصية الأمير عبد القادر بطل أول حملة لمقاومة الاستعمار الفرنسي، خلال برنامج تلفزيوني، ما تسبب في تعليق بثه لمدة أسبوع، بحسب ما أعلنته منظمة حقوقية.
وذكرت اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، على صفحتها في "فيسبوك"، أن "قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة أمر بوضع عمران آيت حمودة، المعروف بنور الدين، في الحبس المؤقت".
وأضافت اللجنة أن لائحة الاتهام ضمت "المساس برموز الدولة والثورة (حرب الاستقلال) وإهانة رئيس جمهورية سابق والمساس بالوحدة الوطنية".
المسّ برموز الدولة
وأفادت وسائل إعلام محلية بأن تحرك العدالة جاء بعد شكوى تقدم بها محامون، إثر برنامج بثه تلفزيون "الحياة" وصف خلاله النائب السابق الأمير عبد القادر بأنه "خائن"، في وقت تحظى هذه الشخصية التاريخية بتقدير كبير.
وقال إن الأمير عبد القادر، وبتوقيعه على معاهدة التافنة (التي أنهت القتال مع الجيش الفرنسي) "باع الجزائر لفرنسا"، وأضاف: "بعدما قاتل فرنسا بكل بسالة لنحو 20 عاماً، أصبح فيما بعد صديقها المقرّب والمدافع عنها".
وخلال البرنامج نفسه، اتهم آيت حمودة، وهو نجل العقيد عميروش أحد قادة حرب الاستقلال عن فرنسا، الرئيس الجزائري الأسبق هواري بومدين والقيادي الوطني مصالي الحاج بالخيانة.
وأثارت تصريحاته موجة سخط واسعة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً إزاء شخص الأمير عبد القادر الذي يوصف في التاريخ الجزائري بـ"مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة".
إجراءات
وجرى توقيف نور الدين آيت حمودة مساء السبت في بجاية شرق البلاد، وفق ما أعلنته الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان.
والاثنين، علّقت السلطات الجزائرية بث تلفزيون "الحياة" لمدة أسبوع، كما تم التحقيق مع مديره هابت حناشي، لكن من دون متابعته قضائياً.
وكان حناشي الذي حاور آيت حمودة في البرنامج نشر توضيحاً أكد فيه أن تصريحات النائب السابق لا تمثل وجهة نظر المؤسسة.
الأمير عبد القادر وفرنسا
يعتبر الأمير عبد القادر (1808-1883) مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة، إذ حاول توحيد المناطق الجزائرية تحت حكم واحد لمحاربة الاستعمار الفرنسي، وتمكن من هزم الجيوش الفرنسية التي أُجبرت على توقيع اتفاقيات هدنة أشهرها "معاهدة دي ميشال" و"معاهدة التافنة".
وبعد حرب دامت قرابة 20 عاماً، وقع الأمير عبد القادر على معاهدة "التافنة" منهياً الحرب، وسلّم سلاحه عام 1847 في مدينة الغزوات (غرب الجزائر) بعدما خاض 116 معركة، واجه فيها 120 جنرالاً و5 ملوك فرنسيين.
وبعد انتقاله إلى منفاه الاختياري في دمشق، نال الأمير عبد القادر شهرة كبيرة، خصوصاً لدى الغرب، بعد إيقافه الاقتتال الطائفي بين الموارنة والدروز، وحمايته آلاف المسيحيين في منطقة باب تومة بدمشق عام 1860.
وحظي الأمير عبد القادر بإشادة من قادة الولايات المتحدة وملوك فرنسا وألمانيا وبريطانيا وروسيا، واعتبر من أبرز الشخصيات العالمية دفاعاً عن حقوق الإنسان.