"نيويورك تايمز": قمع المعارضة يهدد حكم رئيس أوغندا

time reading iconدقائق القراءة - 9
أبرز مرشحي المعارضة الأوغندية في  انتخابات الرئاسة بوبي واين بعد مؤتمر صحافي في منزله - 26 يناير 2021 - AFP
أبرز مرشحي المعارضة الأوغندية في انتخابات الرئاسة بوبي واين بعد مؤتمر صحافي في منزله - 26 يناير 2021 - AFP
دبي – الشرق

أوردت صحيفة "نيويورك تايمز"، أن وزارة الخارجية الأميركية تدرس اتخاذ تدابير ضد رئيس أوغندا يوري موسيفيني، بعد فوزه بولاية سادسة من 5 سنوات، في انتخابات الرئاسة التي نُظمت أخيراً، وشهدت مقتل عشرات الأشخاص، وإخضاع أبرز مرشحي المعارضة لإقامة جبرية بحكم الأمر الواقع.

وموسيفيني حليف قوي للولايات المتحدة، وكان من أبرز المستفيدين في إفريقيا من مساعداتها، وبلغت مليارات الدولارات، رغم إحكام قبضته على بلاده، منذ توليه منصبه في عام 1986.

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن موسيفيني (76 عاماً) قمع معارضيه منذ سنوات، غالباً بالقوة، لافتة إلى أن الحملة التي سبقت الانتخابات النيابية، التي نُظمت في 14 الشهر الجاري، شهدت عنفاً وترهيباً لمرشحي المعارضة وموظفيهم، ولا سيّما بوبي واين، وهو نجم موسيقي تحوّل إلى نائب، ثم إلى أقوى خصم للرئيس، علماً أن مراقبي الاقتراع وشخصيات معارضة، يؤكدون أن تزويراً أسهم في إعادة انتخاب موسيفيني.

"خيارات مستهدفة"

ووَرَدَ في بيان أرسله ممثل للخارجية الأميركية إلى "نيويورك تايمز": "لدينا مخاوف كبرى بشأن الانتخابات الأخيرة في أوغندا. أوضحت الولايات المتحدة أننا سندرس خيارات مستهدفة، بما في ذلك فرض قيود على التأشيرات (الممنوحة) لأوغنديين يتبيّن أنهم مسؤولون عن العنف المرتبط بالانتخابات، أو تقويض العملية الديمقراطية".

وأضاف البيان أن "سلوك السلطات الأوغندية خلال تلك الانتخابات، هو أحد العوامل التي ستؤخذ في الاعتبار لدى اتخاذنا قراراتنا بشأن المساعدة الأميركية المستقبلية".

في السياق ذاته، قال ناطق باسم الاتحاد الأوروبي، إن التكتل "قلق جداً من مضايقات مستمرة لفاعلين سياسيين وأجزاء من المجتمع المدني"، مضيفاً أنه يواصل "اهتمامه بالوضع على الأرض".

والتقى موسيفيني دبلوماسيين أجانب في الأيام الأخيرة، علماً أن دولاً غربية وإفريقية شريكة لأوغندا، لم تهنئه رسمياً بعد. وحذفت الرئاسة الكينية منشوراً على موقع "فيسبوك"، تهنئه فيه بفوزه، بعد تعرّضها لانتقادات واسعة، كما أن الموقع وسم المنشور خطأً بأنه يتضمّن معلومات "كاذبة".

موسيفيني وجنوب السودان

وأشارت "نيويورك تايمز" إلى منع الصحافيين والمراقبين المستقلين من مراقبة إجراءات الاقتراع عن كثب، قبل تنظيمه وأثنائه وبعده، كما رفضت الحكومة منح اعتمادات لمعظم المراقبين الذين أرادت البعثة الأميركية في أوغندا نشرهم. كذلك أدى قطع الإنترنت على المستوى الوطني، إلى تقييد تدفق المعلومات في البلاد.

ومع ظهور نتائج الانتخابات، حاصرت السلطات منزل واين، ورفضت السماح له بالخروج، ومنعت السفير الأميركي من زيارته. وانسحب شرطيون من المنزل هذا الأسبوع، تنفيذاً لحكم قضائي، لكنهم واصلوا نصب حواجز على طرق قريبة، كما أنهم يحاصرون مقرّ حزب واين.

ويؤكد واين (38 عاماً)، واسمه الحقيقي روبرت كياغولاني، تزوير الانتخابات لمصلحة موسيفيني، ويخطط لتقديم أدلة أمام محكمة الاثنين، للطعن بالنتائج.

وطيلة عقود، تلقى موسيفيني دعماً مالياً ودبلوماسياً من الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، مروّجاً لنظامه باعتباره ضامناً للاستقرار، ليس فقط في أوغندا، التي شهدت انقلابات وعنفاً قبل تولّيه الحكم، ولكن أيضاً في مناطق محيطة، في شرق إفريقيا ووسطها.

وخلال حكمه، أرسلت أوغندا مرات قوات للمشاركة في نزاعات بدول مجاورة. ورغم ترحيب موسيفيني باللاجئين من جنوب السودان في بلاده، أفاد باحثون مستقلون بأن حكومته قدّمت سراً أسلحة استُخدمت في تأجيج الحرب هناك، التي أوقعت نحو 400 ألف ضحية.

"هوس" بإشعال الحرائق

ونقلت "نيويورك تايمز" عن هيلين إبستين، معدّة كتاب "فوضى جميلة أخرى: أميركا وأوغندا والحرب على الإرهاب"، قولها في إشارة إلى موسيفيني: "كان مصاباً بهوس (إشعال) الحرائق في المنطقة منذ توليه السلطة، سواء كنا نتحدث عن السودان أو جنوب السودان أو رواندا أو جمهورية الكونغو الديمقراطية. تدخل جيشه في كل مكان، على حساب السلام".

وتقدّم الولايات المتحدة لأوغندا سنوياً أكثر من 970 مليون دولار، وتدعم جيشها، وقطاعَي التعليم والزراعة، وعلاجاً مضاداً للفيروسات لنحو مليون أوغندي مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة.

في المقابل، تشارك أوغندا الولايات المتحدة في حربها على "الإرهاب"، ونشرت أكثر من 6200 جندي في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، التي تقاتل جماعة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة". وخدم آلاف من الأوغنديين حراساً في قواعد أميركية في العراق وأفغانستان. كما أُشيد بأوغندا، باعتبارها واحدة من أفضل الأماكن للاجئين.

لكن مايكل موتيابا، وهو باحث مستقل في الشؤون الأوغندية، لفت إلى أن موسيفيني واصل كسب ودّ الغرب، وتلقي دعم من مؤسسات مالية، مثل البنك الدولي، فيما أن حكومته "استغلّت هذه الموارد والصور الإيجابية (عن البلاد)، لتقويض مصالح نالت إشادات لحمايتها، والسعي (إلى تنفيذ) جدول أعمالها بدل ذلك".

فضائح اختلاس

وفي أوغندا، تعرّض موسيفيني لانتقادات، نتيجة تضييقه على المعارضة، وإطلاقه قوات الأمن على المدنيين. كما أظهرت فضائح، اختلاس مسؤولين ملايين الدولارات من أموال حكومية، ناهيك عن تقارير عن تحويل مساعدات تنموية، إلى الجيش.

وفي عام 2005، أشرف موسيفيني على إلغاء قيود على ولايات الرئيس، كي يتمكّن من البقاء في السلطة. وفي عام 2018، وقّع قانوناً ألغى الحدّ الأقصى لعمر الرئيس، وهو 75 عاماً.

وذكرت "نيويورك تايمز"، أن مراقبين، مثل إبستين، يعتبرون أن العنف الذي شاب الانتخابات، وقمع شخصيات معارضة، مثل واين، بما في ذلك سحبه من سيارته أثناء حديث مباشر مع مراسلين، أثارا إدانة عالمية، ما قد يبدّل الوضع.

وقبل الانتخابات وبعدها، تعرّضت الحكومة الأوغندية لانتقادات، بما في ذلك من عضوَي مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، بوب مينينديز وكريس كونز، وجيك سوليفان، مستشار الرئيس الأميركي جو بايدن لشؤون الأمن القومي، إضافة إلى دول مانحة، بما في ذلك كندا وأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وخبراء في الأمم المتحدة. وقالت إبستين: "أعتقد بأن الناس بدأوا يستيقظون أخيراً" على واقع أوغندا في عهد موسيفيني.

تقويض مكانة موسيفيني؟

ورجّح المحلل السياسي الأوغندي أنجيلو إيزاما أن يؤدي التوجيه المستمرّ لهذه "الضربات" التي تستهدف موسيفيني، إلى تقويض "سمعته" في بلاده، وخسارته "مكانته، ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً تدريجاً (دعم) القوى الغربية التي باتت مصمّمة بشكل متزايد على الاصطفاف وتغيير كيفية تعاملها مع أوغندا".

لكن كين أوبلو، وهو أستاذ مساعد في "كلية الخدمة الخارجية" في "جامعة جورجتاون"، ذكّر بأن الدول الغربية حافظت دوماً على علاقاتها مع حكومة موسيفيني، بدل دفعه إلى إجراء إصلاحات تمسّ الحاجة إليها. وأضاف: "يدرك موسيفيني هذا التقلّب، واستغلّه ببراعة طيلة سنوات".

ورجّح أوبلو أن "تقول إدارة بايدن الأشياء الصحيحة" بشأن أوغندا، مستدركاً أنه "أقلّ تفاؤلاً بشأن ما يمكنها فعله، وهل أن إجراءً مشابهاً سيؤدي بالضرورة إلى تغيير للأفضل في أوغندا".

إقرأ أيضاً: