أظهر تقرير أكاديمي بريطاني، أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" أدى إلى تفاقم أزمة نقص العمالة العام الماضي، مشيراً إلى أن القطاعات الصناعية الأكثر تأثراً كانت تلك التي تعتمد بدرجة أكبر على "حرية التنقل" بين دول الاتحاد. 

ورصدت الدراسة التي قام بها أكاديميون من جامعة أكسفورد البريطانية، ونشرت نتائجها صحيفة "فاينانشيال تايمز"، تراجعاً كبيراً في أعداد عمالة الاتحاد الأوروبي في قطاعات مثل الفنادق وخدمات دعم الشركات، مقابل "زيادة هائلة" في الوظائف الشاغرة و"فرص قليلة" أمام أصحاب الأعمال لاستقدام عمال من خارج الاتحاد الأوروبي.

وقالت الدراسة إن أصحاب الأعمال لم يتصدوا لتلك الأزمة عن طريق "رفع الأجور" لجذب العمال المولودين في المملكة المتحدة لسد الفراغات التي شغلها في السابق "عاملون مولودون في الكتلة".

أسباب أخرى

ورغم ذلك، حرص مؤلفو الدراسة على عدم إلقاء مسؤولية نقص العمالة بكاملها على عاتق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مع وجود عوامل أخرى أدت لصعوبات في التوظيف في قطاعات مثل السفر في العديد من الدول التي تعافت من جائحة كورونا.

وأشار التقرير إلى أن التقاعد المبكر للعاملين فوق سن الـ50 تسبب أيضاً في خلق مشكلات معقدة في سوق العمل في المملكة المتحدة لا علاقة لها بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. 

لكن التقرير وجد أن النقص في القوى العاملة وزيادة الوظائف الشاغرة بلغ أعلى معدلاته في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العاملين من الاتحاد الأوروبي "قبل تفشي الجائحة" في 2020. 

ولم يتمكن أرباب الأعمال في هذه القطاعات من استخدام برامج التأشيرات الجديدة لتوفير عمال أجانب، ما أرجعه التقرير في الغالب إلى "انخفاض معدلات الأجور". 

تضمنت هذه القطاعات الفنادق ووظائف الخدمات مثل العاملين في المستودعات والأمن.

مهاجرون من خارج الاتحاد

وذكر التقرير أنه في قطاعات الصحة والزراعة، التي يملك أصحاب الأعمال حق الوصول إلى عمال من خارج الاتحاد الأوروبي عن طريق برامج التأشيرات الخاصة، كان هناك "تحول كبير" من العاملين من الاتحاد الأوروبي إلى المهاجرين من خارجه. 

وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن البيانات التي راجعتها الدراسة غطت الفترة حتى يونيو 2021 فقط.

ورغم ذلك، رصدت الدراسة تراجع عدد العاملين من مواطني الاتحاد الأوروبي بنسبة 6% مقارنة بالشهر ذاته قبل عامين عندما زاد عدد العاملين من المهاجرين من خارج الاتحاد بنسبة 9%".

صعوبة استقطاب عمالة

ونقلت الصحيفة عن مادلين سومبشن، مديرة مرصد الهجرة، التابع لجامعة أكسفورد، والمؤلفة الرئيسية للتقرير، قولها إن هذه الأرقام أظهرت أن "إنهاء حرية التنقل جعلت من الصعب على أصحاب الأعمال في الصناعات منخفضة الأجور استقطاب موظفين".

ولكنها حذرت من أن الاستجابة لهذا التحدي "ليست بالضرورة عن طريق زيادة عدد التأشيرات المتاحة للعاملين ذوي المهارات المتدنية المولودين في الخارج". 

وأوضحت سومبشن أن برامج تأشيرات الأعمال منخفضة الأجور "يصعب مراقبتها، وغالباً ما تجعل العمال عرضة للاستغلال وسوء المعاملة". 

وأضافت أنه "من الصعب أيضاً قياس حجم العجز، والعمل على توجيه سياسة الهجرة تجاهه".   

والنقص الملحوظ في السيطرة على الهجرة كان عاملاً مهماً في التصويت لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي في 2016، بحسب "فاينانشيال تايمز".

لا زيادة في الأجور

ومن بين أهم النتائج التي توصل إليها التقرير، والتي جاءت عكس توقعات مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أن أصحاب الأعمال لم يواجهوا أزمة نقص العمالة بزيادة الأجور. 

في هذا السياق، قال التقرير إن "الأرقام المبكرة لم تظهر أي دليل على أن الاختناق الذي واجهته أسواق العمل، أدى إلى نمو الأجور في الوظائف متدنية المهارات"، مشيراً إلى أنه "بدلاً من ذلك، لجأ أصحاب الأعمال في الغالب إلى خفض الإنتاج".

وخلص التقرير إلى أن الحكومة قد ترغب في "الانتظار" على أمل أن يختفي نقص العمالة بمرور الوقت مع تكيف الشركات والاقتصاد.

وسيؤدي هذا إلى "تجنب الصعوبات المتعلقة بإصدار برامج تأشيرات جديدة للعمالة متدنية المهارات"، ولكنه قد يكلف الاقتصاد "اضطرابات في بعض الأعمال على المدى القصير إلى المتوسط"، وفقاً للتقرير.

إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية البريطانية إنها قلصت الوقت الذي تمنحه لأصحاب الأعمال لتعيين عاملين من الخارج من المؤهلين للحصول على تأشيرات. 

وأضافت: "ومع ذلك، يجب على أصحاب الأعمال النظر في سوق العمالة المحلي بدلاً من الاعتماد على عمال من الخارج، وذلك من خلال الاستثمار في المملكة المتحدة عبر التدريب، وزيادة الأجور، وتنويع خيارات التوظيف".

اقرأ أيضاً: