قال أمين سر مجلس تشخيص مصلحة النظام في إيران، محسن رضائي، إن بلاده ستكون مستعدة لاستئناف المحادثات بشأن الاتفاق النووي، فقط إذا أرسلوا "إشارة واضحة" بشأن رفع العقوبات في غضون عام، بينما ردّت الخارجية الإيرانية بالقول إن هذه التصريحات لا تمثلها.
وجاءت تصريحات رضائي، الذي يعد من بين المرشحين المحتملين للانتخابات الرئاسية في إيران، في مقابلة مع صحيفة "فاينانشيال تايمز"، التي اعتبرت حديث رضائي "أوضح إشارة حتى الآن على استعداد إيران للتواصل مع الولايات المتحدة".
في المقابل، نفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن يكون الموقف الذي عبر عنه رضائي، هو موقف الدولة الإيرانية الرسمية، وذلك دون أن يشير إليه بالاسم.
وكتب ظريف في تغريدة على تويتر، الجمعة عقب صدور المقابلة، أن "النظام السياسي الإيراني حيوي، والمسؤولون يعبرون عن آراء مختلفة، ولكن لا يجب الخلط بين هذه الآراء وسياسات الدولة".
وتابع ظريف: "بصفتي وزير خارجية إيران ومفاوضها النووي الأول سأقدم قريباً خطتنا البناءة للعمل من خلال القنوات الدبلوماسية المناسبة".
شرط مُسبق
وأكد محسن رضائي، خلال مقابلته مع "فاينانشل تايمز" أن إيران ستكون مستعدة للانخراط في محادثات الاتفاق النووي، فقط عندما تقدم الولايات المتحدة ضمانات برفع العقوبات، التي تؤثر بشكل كبير في الاقتصاد الإيراني.
واعتبر رضائي أن التحركات الأميركية الأخرى التي تهدف إلى تشجيع إيران على بدء المحادثات، مقابل المساعدة في إلغاء تجميد مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المحتجزة في البنوك الخارجية، لا تعدو أن تكون بمنزلة إعطاء إيران "قطعة حلوى".
وقال رضائي: "يمكنهم أن يُعلنوا ويُؤكدوا لنا أن جميع العقوبات التي فُرضت بعد الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 (معروف بخطة العمل الشاملة المشتركة) ستُرفع خلال أقل من عام واحد، بعد ذلك فقط، يمكنهم أن يطلبوا منها التفاوض".
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، أعلن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع القوى العالمية في عام 2018، وفرض عقوبات على إيران، حيث سعت إدارته إلى إبرام اتفاق جديد يتضمن سياسات طهران الإقليمية والعسكرية.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، استعداده للعودة إلى الاتفاق النووي بشرط عودة طهران إلى الامتثال الكامل بعد تراجعها عن معظم التزاماتها بموجب الاتفاق. ولكن إيران ترى أنه ينبغي للولايات المتحدة العودة إلى الاتفاق دون شروط؛ لأنها هي من انسحبت منه أولاً.
إلغاء تدريجي
وقال رضائي لـ "فاينانشيال تايمز" إن إيران تشترط على الإدارة الأميركية رفع العقوبات بشكل تدريجي، عن طريق إلغاء العقوبات الملحة بالنسبة لإيران الواحدة تلو الأخرى، خلال كل شهر من المحادثات.
وأضاف رضائي: "على سبيل المثال، العقوبات المفروضة على المعاملات المالية والقيود التي فرضتها البنوك الأوروبية يجب رفعها في الشهر الأول (من المحادثات). صادرات النفط أيضاً ضمن أهم الأولويات".
غير أن وزارة الخارجية الإيرانية قالت إن تصريحات رضائي لا تمثل موقف إيران الرسمي، إذ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، لـ"فاينانشل تايمز"، إن "جميع القضايا السياسة الخارجية تُنقل فقط من خلال القنوات الرسمية".
وأكد زادة أن وزير خارجية بلاده، محمد جواد ظريف، "هو المسؤول"، وليس رضائي "الذي ليس لديه مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة" في هذا الصدد.
الخطوة الأولى
وقالت "فاينانشيال تايمز" إن جميع الأطراف الدولية اتخذت خلال الأسابيع الأخيرة خطوات لإظهار عزمها على إيجاد مخرج، ضمنها قرار بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الخميس، إلغاء تقديم مشروع قرار في الوكالة الدولية للطاقة الذرية ينتقد خرق إيران للاتفاق النووي.
كما أكدت الولايات المتحدة إنها ستكون مستعدة لعقد اجتماع مع إيران ينظمه الاتحاد الأوروبي. لكنها اشترطت عودة إيران للالتزام ببنود الاتفاق النووي وتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم، وهو ما ترفضه إيران.
وقال رضائي إن إيران لن تتقدم خطوة إلى الأمام ما دامت لا ترى أي تحرك من الجانب الأميركي و"ما دام لا يوجد بناء للثقة"، مضيفاً أن البرنامج النووي الإيراني سيمضي قدماً".
وأضاف رضائي: "السيد بايدن ربما يكون لديه بعض الأمنيات، ولكن لا يمكن تحقيقها في هذه المجالات. إيران تتمتع بموقع جيوسياسي هام للغاية في المنطقة. ولا يمكن معالجة أي قضية في المنطقة دون تدخل إيراني".
وتابع رضائي أن إيران لا ترى أي سبب يمنعها من تطوير أسلحة دفاعية ضمن سياساتها الدفاعية التي لا تشمل القنابل والأسلحة الذرية؛ لأنها ليست مقبولة لدينا.
برنامج الصواريخ
وعند سؤاله عن نية إيران زيادة المدى الحالي للصواريخ الباليستية، قال رضائي: "نحن ندرس هذه القيود (الحفاظ على مدى الصواريخ الباليستية عند 2,000 كلم) الآن، ما دام أعداؤنا لا يطورون صواريخ تتجاوز هذا النطاق لضربنا".
وعلق رضائي على قلق القوى المؤيدة للإصلاح من تولي الشخصيات العسكرية أحد المناصب العليا في البلاد قائلاً: "ما المشكلة إذا وصلت الشخصيات العسكرية إلى السلطة (الرئاسة) من خلال السبل الديمقراطية؟ الإيرانيون توصلوا إلى استنتاج مفاده أنهم بحاجة إلى حكومة قوية، وفعالة، ومسوؤلة، وتخضع للمساءلة، وهذه الصفات تتوفر بقوة في الشخصيات العسكرية أكثر من الآخرين".
ورفض رضائي تكهنات بأن بعض الأطراف السياسية الإيرانية قد تدفع نحو تأجيل التعامل مع الولايات المتحدة لما بعد الانتخابات، مؤكداً أن توقيت المحادثات يعتمد على المصالح الوطنية للبلاد، وأن المرشد الأعلى هو من يُحدد سياسة التفاوض.