
بعد يومين من سقوط أكثر من 20 شخصاً في حادث اقتحام السياج الفاصل بين مدينتي الناظور المغربية ومليلية الخاضعة للسيادة الإسبانية في شمال المغرب، عقدت وزارة الخارجية المغربية اجتماعاً الأحد، مع سفراء عدد من الدول الإفريقية، للتباحث بشأن الإجراءات المتعلقة بملف الهجرة، ولتقديم توضيحات بشأن ملابسات الأحداث.
وقدم المسؤولون المغاربة توضيحات بشأن تلك الأحداث، وملابسات وفاة المهاجرين غير النظاميين الذين يرجع أغلبهم لدول إفريقيا جنوب الصحراء. وتقول السلطات المغربية إنهم قضوا بسبب سقوط بعضهم من أعلى السياج، أو جراء علميات التدافع لمحاولة اقتحام مدينة مليلية.
وأعرب عدد من السفراء الأفارقة المعتمدين في المغرب عن "التضامن الإنساني مع ضحايا شبكات التهريب والاتجار في البشر"، وتحميل الحادث لشبكات تهريب البشر التي "تستغل الظروف الاجتماعية لمواطني بعض بلدان إفريقيا جنوب الصحراء".
وقال سفير نيجيريا بالرباط البشير إبراهيم صالح لـ"الشرق" إن المملكة المغربية "قامت بإنجاز لحماية حدودها وحدود إفريقيا"، مؤكداً أن هؤلاء المهاجرين غير النظاميين "متسللون من خلال مافيات وشبكات إجرامية"، وأضاف "لا أظن أن أي دولة تسمح بهذا الشيء".
الاتجار بالبشر
واعتبر السفير النيجيري أن ما حدث "مؤسف جداً، ونحن مع السلطات المغربية حكومة وشعباً، كما نعزي أهالي الضحايا الأفارقة الذي قضوا في هذه الكارثة".
من جانبه، قال سفير مالي، محمد محمود بن لابات لـ"الشرق" إن الأمر "أصبح يمثل تحدياً حقيقياً بالنسبة لحكومات بلداننا جميعاً"، مشيراً إلى أنه "من خلال المعلومات التي أحاطتنا بها السلطات المغربية، فقد أصبح التهديد أكبر مما يتصور".
وحمّل السفير المالي المسؤولية لـ"شبكة مافيات للاتجار بالبشر، تستغل الشباب وتدفع بهم إلى الموت"، مضيفاً أن ما حدث "يمثل خسارة حقيقية تسائل ضميرنا الجمعي".
بدوره، ندد سفير الجابون في الرباط، سيلفر أبوبكار مينكو مي-نسيمي، بما حدث، وقال إنه "غير مقبول". وأشار إلى أنه "بعد الاجتماع اتضحت الصورة بشأن ما حدث، وهو ما سنعمل على نقله إلى حكوماتنا".
وأكد سفير الجابون "دعم السياسة التي تنتهجها الحكومة المغربية"، مشيراً لدعوته المغرب "لإشراكنا باستمرار للتعاون لمواجهة مثل هذه الأحداث وضمان عدم تكرارها، مع العلم أن أمثال هؤلاء المقتحمين، هم أناس من دون ضمير ولا أخلاق".
وقال إنه "بعد الصور التي شاهدناها للأحداث، فإن السلطات المغربية لم تقم سوى بمحاولة ردعهم"، مشيراً إلى أن الوفيات التي حدثت "كانت بسبب التدافع للدخول من بوابة ضيقة، لا يمكن أن يمر منها سوى شخص واحد، حاول المئات العبور من خلالها.. لذلك كان هناك تدافع أدى إلى الوفيات. وهو أمر مؤسف".
وأضاف سفير الجابون بالرباط "نحن رهن إشارة السلطات المغربية كي لا يتكرر مثل هذا الحادث، وندعمها في مواصلة سياستها في تدبير تدفقات الهجرة في المغرب".
كان رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز قال السبت إن "المافيات التي تعمل في مجال الاتجار بالبشر" تتحمل مسؤولية المأساة، التي حدثت في جيب مليلية الذي تسيطر عليه مدريد وأودت بحياة 23 مهاجراً من إفريقيا جنوب الصحراء، مستنكراً "الاعتداء على وحدة أراضي" البلاد.
بحسب السلطات الإسبانية، اقتحم نحو 2000 مهاجر سياجاً يطوق جيب مليلية، الذي تسيطر عليه مدريد، معلنةً تمكّن عشرات الأشخاص من العبور، بعد مناوشات عنيفة استمرت ساعتين مع ضباط حرس الحدود.
ويعد هذا الاقتحام أول محاولة جماعية من نوعها منذ تطبيع العلاقات بين مدريد والرباط في مارس الماضي، حين تبنت إسبانيا موقفاً مؤيداً للمغرب بشأن قضية الصحراء.
وأصبح جيب مليلية، وكذلك سبتة وهو جيب تسطير عليه إسبانيا أيضاً على الساحل الشمالي لإفريقيا، نقطتي عبور معروفتين للمهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا.