
تناقصت خلال العقود الأخيرة أعداد أسماك القرش في المياه المفتوحة، بسبب الصيد الجائر، الأمر الذي دفع العلماء إلى محاولة فهم الآثار طويلة الأمد لتناقص أعداد تلك الحيوانات على البيئة.
وأجرى مجموعة من الباحثين في جامعة "ييل" الأميركية، تقييماً شاملاً لأعداد أسماك القرش في المحيطات على مدار العصور الماضية، وقادهم التقييم إلى مفاجأة كبرى، إذ وجد العلماء أدلة على حدوث انخفاض حاد في أعداد تلك الأسماك خلال العصر الميوسيني، وتحديداً قبل نحو 19 مليون عام.
وقدر الباحثون ذلك الانخفاض في الأعداد بنحو 70%، كما فقدت أسماك القرش تنوعها الحيوي بنسبة تزيد على 90%. ويقول الباحثون إن هذا الانقراض المفاجئ حدث بشكل مستقل عن أيّ حدث مناخي عالمي معروف، ما يعني أن الأحداث البيئية لم تكن مسؤولة عن تلك المذبحة.
وتقول الدراسة المنشورة في دورية "ساينس"، إن المحيط الأطلسي شهد حدث موت هائلاً لأسماك القرش قبل حوالي 19 مليون عام، في فترة من التاريخ كان فيها عدد الأسماك التي تجوب محيطات العالم، أكثر بـ10 مرات مما هو عليه الآن.
وتؤكد الدراسة أن أسماك القرش"لم تتعافَ من ذلك الحدث على الإطلاق"، ما يعنى أن "الموت الكبير" أثر على وجود تلك الكائنات بشكل سلبي في المحيطات، وامتد ذلك التأثير حتى الآن.
ولا يعرف العلماء على الإطلاق سبب تلك "المذبحة الغامضة"، إلا أن الباحثين يتوقعون حدوث ذلك الانقراض "عن طريق الصدفة".
ودرس الباحثون أسنان الأسماك، وقشور سمك القرش في رواسب أعماق البحار، بهدف إنشاء سجل يغطي فترة 85 مليون عام، لتقييم وفرة الأسماك، والتعرف إلى شكل التباين الطبيعي لتلك المجموعات على المدى الطويل.
وكشف السجل، انخفاضاً كبيراً في أعداد أسماك القرش، إذ تُشير الورقة إلى أن 70% من تلك الأسماك في العالم ماتت في المحيطات المفتوحة، وهي نسبة ضخمة بلغت الضعف، إذا قورنت بمستويات الانقراض التي شهدتها أسماك القرش في حدث الانقراض الجماعي في العصر "الطباشيري" و"الباليوجيني" قبل 66 مليون عام، والذي قضى على 75% من الأنواع النباتية والحيوانية على الأرض.
وعلى عكس الانقراض الكبير الذي حدث قبل 66 مليون عام، لا توجد كارثة مناخية معروفة، أو اضطراب في النظام البيئي أو تغييرات كبيرة في تكوين الأرض أو حدث نيزكي تسبب في موت تلك الأعداد من أسماك القرش قبل 19 مليون عام.
ويأمل الباحثون استخدام تلك النتائج لفهم التداعيات التي قد تتبع الانخفاض الكبير في هذه الحيوانات المفترسة البحرية في العصر الحديث.
اقرأ أيضاً: