
اعتذرت الحكومة البريطانية، الجمعة، للملكة إليزابيث الثانية، بعد "فضيحة الحفلات" التي أقيمت في داونينج ستريت عشية جنازة زوجها فيليب فيما كانت البلاد تخضع لتدابير إغلاق بسبب جائحة كورونا.
وقال ناطق باسم زعيم حزب المحافظين: "من المؤسف جداً أن يحدث ذلك في وقت حداد وطني، وقد اعتذر 10 داونينج ستريت للقصر". وقدمت هذه الاعتذارات عبر القنوات الرسمية.
وأرسلت الرسالة الموجهة إلى الملكة البالغة 95 عاماً هاتفياً عبر القنوات الرسمية، ولم يرسلها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون شخصياً، علماً بأنه يتعرض لدعوات متزايدة للاستقالة بعد سلسلة من الادعاءات المماثلة.
"موجة غضب"
وحاول جونسون تجاوز موجة غضب المواطنين والسياسيين هذا الأسبوع بتقديم اعتذار أمام البرلمان لمشاركته في أحد التجمعات في مايو 2020، لكنه شدد على أنه كان حدثاً مرتبطاً بالعمل.
ورغم أن رئيس الوزراء البريطاني لم يحضر أياً من الحفلتين اللتين أقيمتا في داونينج ستريت بعد عام تقريباً، في 16 أبريل 2021 فيما كانت الملكة تستعد لدفن زوجها الأمير فيليب، فإن ذلك ينقل الفضيحة إلى مستوى آخر.
فقد اقتصرت جنازة الأمير فيليب في قلعة وندسور على 30 شخصاً فقط بسبب القواعد التي فرضتها الحكومة لمواجهة الوباء.
وأصبحت صورة الملكة (95 عاماً) أثناء جنازة زوجها وهي جالسة بمفردها في الصف الأمامي في الكنيسة بسبب القيود، رمزاً لقسوة تدابير الإغلاق العام.
وقبل الجنازة بساعات، أقام عدد مماثل من موظفي جونسون حفلتين صاخبتين منفصلتين تضمنتا موسيقى ورقصاً وشراء زجاجات كحول من متجر سوبر ماركت وإدخالها سراً في حقيبة إلى داونينج ستريت.
لكن جونسون الذي يخضع للحجر الصحي بسبب اتصاله مع فرد من العائلة مصاب بكوفيد، كان في مقر إقامته الرسمي في تشيكرز في ذلك الوقت، كما قال الناطق باسمه.
ورفض الإفصاح عما إذا كان جونسون على علم بالحفلتين، وأشار إلى أن التحقيق الداخلي سيثبت كل الحقائق حول ادعاءات "فضيحة الحفلة".
وأفادت صحيفة "ذي تليجراف"، الخميس، بأن موظفين يعملون في مكتب جونسون أقاموا حفلة في خضم تدابير الإغلاق العام التي كانت مفروضة للوقاية من جائحة كورونا، وعشية جنازة الأمير فيليب.
مطالبات بالاستقالة
يأتي نشر هذه المعلومات في الوقت الذي يصارع فيه جونسون للبقاء في منصبه بعد تصاعد الأصوات المطالبة باستقالته، حتى من داخل حزبه الحاكم، بعد إقراره بحضور حفلة أقيمت في حدائق داونينج ستريت في 2020 في غمرة تدابير الإغلاق العام.
وطالبت أحزاب المعارضة الرئيسية الثلاثة باستقالة جونسون، كما انضم بعض نواب حزب المحافظين إلى الدعوات المطالبة باستقالته بعدما اعتذر الأربعاء، عن حضوره حدثاً في مايو 2020.
"فراغ أخلاقي"
في غضون ذلك، أصبح أندرو بريدجن أحدث عضو في البرلمان يقول إنه قدم رسالة أعرب فيها عن عدم الثقة بجونسون، إلى لجنة نافذة من نواب حزب المحافظين.
وإذا أقدم 15% أو 54 من النواب المحافظين البالغ عددهم 360 نائباً على الأمر نفسه، فإن ذلك يؤدي إلى نزاع داخلي على القيادة، إذا لم يستقل جونسون من تلقاء نفسه.
وكتب بريدجن المؤيد الشرس لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أوصل جونسون إلى السلطة في 2019، في صحيفة "ذي تليجراف"، أن هناك حالياً "فراغاً أخلاقياً في قلب حكومتنا".
واحتشد معظم أعضاء مجلس الوزراء لدعم جونسون، لكنّ دعم الخلفاء المحتملين على غرار وزير المال ريشي سوناك، كان فاتراً بشكل واضح.
وحضّ جونسون جميع الأطراف على انتظار نتائج التحقيق الداخلي الذي سيشمل الآن الادّعاءات الأخيرة.
واعتذر مدير الإعلام السابق في مكتب جونسون جيمس سلاك، الجمعة، عن "الغضب والأذى" اللذين تسببت فيهما الحفلة التي أقيمت لمناسبة مغادرته، يوم 16 إبريل.
وقال سلاك الذي يشغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة "ذي صن"، إنه يتحمل "المسؤولية الكاملة" وإنه "آسف بشدة".
وأفادت الصحيفة بأن أحد الموظفين ذهب إلى متجر قريب ومعه حقيبة لملئها بزجاجات نبيذ، وكان التوجيه الحكومي في ذلك الوقت يحظر التجمعات باستثناء العائلية، وتسببت القيود في عدم تمكن آلاف العائلات من زيارة أحبائهم المصابين بالفيروس، أو حتى حضور جنازاتهم.
"ازدراء"
وقال وزير الأمن داميان هيندز إنه "صدم" من المزاعم الأخيرة لكنه طلب من الناس انتظار نتيجة التحقيق.
واستغلت أنجيلا راينر، نائبة زعيم حزب العمال المعارض وآخرون، ما كشف عنه، قائلة إنها تظهر ثقافة معايير مزدوجة في قلب الحكومة.
وقالت راينر: "جلست الملكة بمفردها في جنازة (زوجها) كما فعل كثر في ذلك الوقت، مع تحمل الصدمة منفردة بهدف التضحية والتزام القواعد بما يصب في المصلحة الوطنية".
وأضافت: "ليس لديّ كلمات تصف الثقافة والسلوكيات السائدة في مقر رئاسة الوزراء والمسؤولية تقع على رئيس الوزراء".
وقالت فران هال من مجموعة "Bereaved Families for Justice"، "إن قيام الأشخاص الذين يديرون البلاد بذلك ثم الكذب بشأنه، يظهر ازدراءً تاماً للعامة".
وتراجعت تقييمات الاستطلاع لبوريس جونسون منذ ظهور "فضيحة الحفلة"، الشهر الماضي. وأظهر استطلاع أجرته "يوجوف" لحساب صحيفة "تايمز"، تقدّم حزب العمال بـ10 نقاط للمرة الأولى منذ نحو 10 سنوات، وقال 6 من كل 10 ناخبين إنهم يعتقدون أن على جونسون الاستقالة.
في غضون ذلك، قالت شرطة العاصمة، الخميس، إنها ستنتظر نتائج التحقيق الداخلي للحكومة قبل أن تقرر ما إذا كانت ستبدأ تحقيقاً جنائياً خاصاً بها.
اقرأ أيضاً: