هل على أردوغان أن "يقلق" من رئاسة بايدن؟

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقاء في إسطنبول - 22 نوفمبر 2014  - REUTERS
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال لقاء في إسطنبول - 22 نوفمبر 2014 - REUTERS
دبي – الشرق

أفادت شبكة "سي أن بي سي" بأن علاقة ودية جمعت الرئيسين، الأميركي دونالد ترمب والتركي رجب طيب أردوغان، أسهمت في تخفيف "بؤر توتر كثيرة محتملة" بين واشنطن وأنقرة، تصاعدت في الآونة الأخيرة.

وأشارت إلى أن هذه التوترات قد تشتعل، خلال عهد الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، مستدركة أن هناك أيضاً "فرصة للمصالحة". ورجّحت أن تبدو السنوات الأربع المقبلة، بالنسبة إلى تركيا وعلاقاتها بالولايات المتحدة، مختلفة تماماً عن السنوات الأربع الماضية.

ونقلت الشبكة عن مايكل روبين، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وباحث في معهد "أميريكان إنتربرايز"، قوله: "الأمر الوحيد الذي جعل العلاقة متماسكة على مدى السنوات الماضية، هو العلاقة الشخصية لترمب بأردوغان. بعد رحيل ترمب، يجب أن يكون أردوغان قلقاً جداً".

وتطرّقت الشبكة إلى نزاعات بين أنقرة وواشنطن، اعتبرت أنها تكشف "مواقف متناقضة إزاء الجغرافيا السياسية، والتحالفات والحكم".

وأشارت إلى ملف حقوق الإنسان في تركيا، الذي انتقده الديمقراطيون، وشراء تركيا منظومة "أس 400" الروسية للدفاع الصاروخي، في خطوة أغضبت حلفاءها في حلف شمال الأطلسي وأدت إلى فرض عقوبات أميركية. وثمة أيضاً عملية عسكرية نفذتها أنقرة ضد الأكراد في شمال سوريا، وهم حلفاء لواشنطن، ودعمها جماعات توصف بـ"المتطرفة"، تعتبر تركيا أنها ضرورية لحماية مصالحها في المنطقة.

"تحرّكات عدائية"

كذلك هناك "تحرّكات عدائية" لأردوغان ضد اليونان وقبرص، نتيجة موارد الغاز في شرق البحر المتوسط، واتهام تركيا بمساعدة إيران في الالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة عليها.

وذكّرت "سي أن بي سي" بتهديد أردوغان في عام 2019 بإغلاق "قاعدة إنجرليك الجوية" الاستراتيجية في تركيا، التي تتمركز فيها قوات أميركية ضخمة، بما في ذلك مقاتلات، وتنشر فيها الولايات المتحدة نحو 50 سلاحاً نووياً، إذا فرصت الأخيرة عقوبات على أنقرة.

وكان بايدن وصف أردوغان بأنه "مستبد"، منتقداً تصرّفاته تجاه الأكراد، ومعتبراً أن "عليه أن يدفع الثمن"، وذلك في مقابلة نُشرت في يناير الماضي. واقترح بايدن أن تدعم الولايات المتحدة قادة المعارضة في تركيا، كي "يتمكّنوا من مواجهة أردوغان وهزيمته، من خلال عملية انتخابية، لا عبر انقلاب".

كذلك تعهد بايدن بالاعتراف بـ "إبادة" الأرمن في الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، علماً أن هذه مسألة شائكة بالنسبة إلى تركيا، وتجنّب رؤساء الولايات المتحدة الاعتراف بها طيلة قرن.

وأيّد مشرّعون أميركيون، ديمقراطيون وجمهوريون، فرض عقوبات على أنقرة، بعد هجماتها العسكرية على الأكراد، وشرائها "أس 400" واختبارها. وستكون للعقوبات المحتملة عواقب مدمّرة على اقتصاد تركيا، التي هددت بردّ انتقامي، علماً أن أردوغان ندّد بسلوك "تدخّلي" لبايدن.

"جدول أعمال جيد"

رغم ذلك، قال الناطق باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالين، الأربعاء، إن بلاده تعتقد بإمكان أن يكون لديها "جدول أعمال جيد وإيجابي" مع إدارة بايدن، متحدثاً عن "نتائج عكسية" لأي عقوبات مرتبطة بصفقة "أس 400".

ونقلت "سي أن بي سي" عن أغاثي ديماريس، مديرة التوقعات العالمية في وحدة "إيكونوميست إنتليجنس" التابعة للمجلة البريطانية، قولها إن الولايات المتحدة وأوروبا أصبحتا "محبطتين بشكل متزايد" من التدخلات الخارجية الجريئة لأردوغان، وسلوكه "غير المنتظم" تجاه الحلفاء والخصوم على حد سواء. ورأت في ذلك "مساراً خطراً"، مرجّحة أن تتخذ إدارة بايدن "موقفاً أكثر صرامة إزاء تركيا، ممّا فعله دونالد ترمب".

واستدركت ديماريس، أن الولايات المتحدة ستؤذي مصالحها "إذا فرضت عقوبات صارمة" على تركيا، معتبرة أن الأخيرة "ستضاعف محاولاتها لتعزيز علاقاتها مع روسيا وإيران".

ولفتت "سي أن بي سي" إلى أن كثيرين يرون في تركيا شريكاً لا يمكن للولايات المتحدة تحمّل خسارته لمصلحة خصم لها، لا سيّما أن لديها ثاني أضخم جيش في "الأطلسي"، وإمكانية الوصول الاستراتيجي للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط.

ونقلت الشبكة عن تيموثي آش، أبرز محلّلي الأسواق الناشئة في مؤسسة "Bluebay Asset Management"، أن لتركيا أهمية "استراتيجية ضخمة" بالنسبة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، مرجّحاً أن "يجهد بايدن لمحاولة تحسين العلاقات معها، وإعادتها إلى الحظيرة الغربية".

وتابع: "من المهم أن نتذكّر أن الصين وروسيا هما أبرز خطرين على الولايات المتحدة. واستعادة تركيا من روسيا سيشكّل نصراً ضخماً لبايدن، وأعتقد بأن (إدارته) ستركّز على ذلك".

أندرو برونسون

وذكّرت "سي أن بي سي" بأن علاقات أنقرة وواشنطن لم تكن دوماً جيدة خلال عهد ترمب، إذ هدد الأخير، في أغسطس 2018، بفرض عقوبات على تركيا، بعد احتجازها القس الأميركي أندرو برونسون، في خطوة أدت إلى تراجع الليرة التركية إلى أدنى مستوى لها في مقابل الدولار، وفاقمت أزمتها الاقتصادية.

ولفتت إلى انخفاض الليرة إلى مستويات قياسية الآن، وتفاقم التضخم، وارتفاع البطالة نتيجة فيروس كورونا المستجد، منبّهة إلى أن أي صدام لأنقرة مع واشنطن قد يؤدي إلى فرض عقوبات تكون أكثر خطورة على الاقتصاد التركي.

ونقلت الشبكة عن الأكاديمي التركي أحمد علي أوغلو، أن المستثمرين والمحللين الإقليميين سيراقبون دينامية بايدن - أردوغان خلال الأشهر المقبلة، لمعرفة "هل على تركيا أن تستعد لأربع سنوات غير مستقرة" أثناء عهد الرئيس الأميركي المنتخب.