رغم الانقسام.. "الصحة العالمية" تعلن "جدري القرود" حالة طوارئ عالمية

time reading iconدقائق القراءة - 6
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس. - REUTERS
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس. - REUTERS
القاهرة -محمد منصور

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس، السبت، أن "منظمة الصحة العالمية" باتت تعتبر مرض جدري القرود "حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً"، ليحسم بذلك حالة من الجدل بين خبراء المنظمة بشأن تصنيف المرض.

وحسب قانون المنظمة، يتخذ المدير العام القرار النهائي لإعلان حالة الطوارئ بناءً على رأي لجنة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، وكذلك المعلومات المقدمة من الخبراء والدول الأطراف ومعدلات خطر الانتشار الدولي وتقييم المخاطر على صحة الإنسان.

وخلال المؤتمر الصحافي للإعلان عن القرار، والذي حضرته "الشرق"، أشار مدير منظمة الصحة العالمية إلى أن لجنة الطوارئ كانت "منقسمة" بشأن ذلك الإعلان، مؤكداً أن العالم يواجه مخاطر جراء ذلك المرض؛ خاصة في القارة الأوروبية التي تشهد تزايداً في الحالات.

وشدد جيبريسوس على أن الانتشار الحالي "يستوفي معايير حالة الطوارئ العالمية"، وهو ما لا يتوافق مع آراء بعض أعضاء لجنة الطوارئ بمنظمة الصحة العالمية، فقد ظل تقييم المخاطر العالمية الشامل الذي قدمته اللجنة من دون تغيير، مقارنة بالتقييم المقدم إلى اللجنة في 23 يونيو 2022.

وقال جيبريسوس إنه "لم يحدث أي تصويت رسمي داخل اللجنة، لكن القرار أتخذ بناءً على النقاشات".

ويعني إعلان الطوارئ الصحية وجود حدث صحي خطير أو مفاجئ يستلزم تكثيف إجراءات الرصد والتأهب القصوى، وتقديم توصيات من قبل منظمة الصحة العالمية إلى جميع البلدان بهدف منع انتشار المرض عبر الحدود أو الحد منه، مع تجنب التدخل غير الضروري في التجارة والسفر.

"يستوفي الشروط"

يؤكد أعضاء لجنة الطوارئ الداعمون للقرار على أن تفشي مرض جدري القرود في عدة بلدان بات يستوفي المعايير الثلاثة، التي تحدد حالة الطوارئ الصحية العامة، والواردة في المادة الأولى من لوائح المنظمة؛ وهي أن يكون هناك حدث غير عادي، ويشكل خطراً على الصحة العامة للدول الأخرى من خلال الانتشار الدولي للمرض، وقد يتطلب استجابة دولية منسقة.

كما يشيرون إلى أن الاتجاهات المتزايدة الملحوظة في عدد الحالات المبلغ عنها على مستوى العالم، تعني تزايد الإصابات وتزايد عدد الدول مع وجود حالات مبلغ عنها لدى الأطفال والنساء الحوامل، والتي تذكر بالمراحل الأولية لوباء فيروس نقص المناعة البشرية (إيدز)، ويتوقعون حدوث موجات مستقبلية من حالات جدري القرود، إذ ستصاب مجموعات أخرى معرضة للمرض. 

ويؤكد المؤيدون على أن طرق انتقال العدوى، التي تؤدي لمستويات التفشي الحالية ليست مفهومة تماماً، ويشيرون لوجود حاجة إلى مزيد من الأدلة المتعلقة بفعالية استخدام كل من التدابير الصيدلانية وغير الصيدلانية في السيطرة على الانتشار.

لا حاجة لإعلان الطوارئ

في المقابل، تمسك الأعضاء الرافضون برأيهم في عدم إعلان جدري القرود حالة طوارئ عامة، وأرجعوا ذلك إلى أن العبء الأكبر لتفشي المرض حالياً يتركز في 12 دولة بأوروبا والأميركيتين.

وأشار الرافضون، في بيان صحافي لمنظمة الصحة العالمية، إلى عدم وجود مؤشرات على زيادة قياسية في عدد الحالات في أي من تلك البلدان، بالإضافة لعلامات مبكرة على الاستقرار أو تراجع الاتجاهات الملحوظة في بعض البلدان، وذلك استناداً إلى البيانات المتاحة حالياً.

وقال الرافضون إن الغالبية العظمى من الحالات تمت ملاحظتها بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع عدة رجال، وبالتالي فهناك فرصة لوقف الانتقال المستمر مع التدخلات، التي تستهدف هذه الشريحة من السكان. 

كما أكدوا أن الحالات التي تمت ملاحظتها خارج هذه الفئة السكانية، بما في ذلك بين العاملين الصحيين، محدودة حتى الآن.

ويصر الرافضون على أن شدة المرض "منخفضة"، وأن المخاطر لإعلان حالة الطوارئ تفوق الفوائد، خصوصاً من خلال "وصمة العار" والتهميش والتمييز، التي قد يولدها تحديد حالة الطوارئ الصحية ضد المرضى بجدري القرود.

كما يؤكدون أيضاً أن التوجيهات التقنية، التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية لإعلام الدول بجهود الاستجابة الوطنية، تعد كافية وشاملة، ولا توجد عوائق محددة تمنع تنفيذها في جميع أنحاء العالم؛ وبالتالي لا حاجة لإعلان الطوارئ.

وبالنسبة لبلدان غرب ووسط إفريقيا، حيث يلزم بناء القدرات للرصد وإجراء الاختبارات والاستجابة، قد لا يؤدي إعلان حالة الطوارئ الصحية لتحفيز هذه الجهود أو تعزيزها. 

الطلب على اللقاح

ويقول الرافضون إن الإعلان من شأنه أن يزيد بشكل غير ضروري ومصطنع، من إدراك خطر المرض لدى عامة الناس، وهو ما سيترجم إلى طلب كبير على اللقاحات، والتي ينبغي استخدامها بحكمة.

ومع ذلك، فإن إعلان الطوارئ الصحية العالمية قد يعني تسريع تطوير اللقاحات والعلاجات والتشخيصات، ومكافحة انتشار الشائعات، ومراجعة خطط الاستعداد وتقييم الموارد اللازمة للتعرف على الحالات وعزلها ورعايتها ومنع انتقال العدوى؛ حسب الموافقين على الإعلان.

وجاء ذلك الإعلان بعد اقتراب عدد الحالات المصابة من 18 ألف حالة في 80 دولة حول العالم.

وتأتي أوروبا على قمة الدول المصابة بجدري القرود بتسجيلها 11985 حالة؛ وتحتل أميركا الشمالية المركز الثاني بـ3210 حالات؛ ثم أميركا الجنوبية في المركز الثالث بـ862 حالة، فيما تأتي آسيا في المركز الرابع بـ138 حالة إصابة، تليها إفريقيا بـ36 حالة إصابة بجدري القرود.

واكتُشف "جدري القرود" لأول مرة عام 1958، عندما حدث تفشيان لمرض شبيه بالجدري في مستعمرات من القردة بالدنمارك، كانت تُستخدم في إجراء الأبحاث العلمية على الأمصال، ومن هنا جاء اسم "جدري القرود".

كما سُجلت أول حالة بشرية من هذا المرض عام 1970 لدى صبي يبلغ من العمر 9 سنوات، ويعيش في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومنذ ذلك الحين، تم الإبلاغ عن "جدري القرود" لدى البشر في بلدان أخرى وسط وغرب إفريقيا.

والقرود ليست الحامل الرئيسي للمرض، بحسب منظمة الصحة العالمية، التي تقول إن القوارض، كالجرذان والسناجب، هي المستودع الرئيسي للفيروس.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات