أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ أن بلاده حققت "معجزة"، بعد تحقيقها "نصراً كاملاً" في جهودها لإنهاء الفقر المدقع لدى سكانها.
جاء ذلك خلال احتفال نُظم في بكين الخميس، شمل توزيع جوائز على أبرز المنخرطين في الحملة، ونُقل على الهواء مباشرة عبر وسائل الإعلام الرسمية.
واعتبرت وكالة "بلومبرغ"، أن الاحتفال أبرز الدور الشخصي للرئيس الصيني في هذه الحملة، من خلال تكريم بلدة في شمال غربي الصين، كان قد عمل مع مسؤوليها في وقت سابق من مسيرته، والإشارة إلى زياراته للمناطق الفقيرة. ورأت في ذلك محاولة من الزعيم الصيني لاستخدام هذا الإنجاز التاريخي، من أجل تعزيز سلطته قبل انتهاء ولايته الثانية.
ورفعت الصين العام الماضي خط الفقر الرسمي، إلى 4000 يوان (620 دولاراً) سنوياً، مقارنة بـ 2625 يواناً في عام 2012. والخط الجديد يعادل نحو 1.52 دولار في اليوم، مقارنة مع عتبة عالمية حدّدها البنك الدولي، تبلغ 1.90 دولار في اليوم، علماً أن "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" تحدّد أي شخص يقلّ دخله عن نصف متوسّط الدخل، على أنه فقير.
وباستخدام معيار الصين، سيحتاج الناس في المناطق الريفية إلى كسب أكثر من 7500 يوان سنوياً، للخروج من حالة الفقر.
ملايين الفقراء ومليارات الدولارات
وقال شي جين بينغ إن نحو 10 ملايين شخص خرجوا من براثن الفقر سنوياً، خلال السنوات الثماني التي قضاها في الحكم، بتكلفة تقارب 1.6 تريليون يوان (248 مليار دولار).
وأضاف في خطاب استمر لأكثر من ساعة: "أصررت على النظر إلى الفقر الحقيقي، وفهم الجهود الحقيقية للحدّ منه، ومساعدة الذين يعيشون في فقر حقيقي، وتحقيق تخفيف حقيقي للفقر".
وأعلن تحقيق "نصر كامل" في هذا الصدد، ونسب الفضل في نجاح الصين في تحقيق هذه "المعجزة"، إلى نموذج الحزب الواحد، مشيراً إلى تحقّق الإنجاز رغم "غزوات القوى الغربية" للصين في القرون الماضية.
واعتبرت "بلومبرغ" أن تصريحات شي جين بينغ تشكّل تحدياً واضحاً لجهود الرئيس الأميركي جو بايدن، لتعزيز مكانة الولايات المتحدة للتنافس مع الصين، وحشد تحالف دولي لكبح نفوذها المتزايد.
أما وكالة "رويترز" فأفادت بإصدار بكين الأحد "وثيقة السياسة الرقم 1"، متعهدة فيها بالتمسك بسياساتها للتخفيف من حدة الفقر، مع إجراء تعديلات لمرحلة انتقالية مدتها 5 سنوات، نحو ما تسمّيه بكين "تنشيط الريف".
مجتمع "مزدهر باعتدال"
وجعل الزعيم الصيني الحدّ من الفقر هدفاً مركزياً، منذ قيادته الحزب الشيوعي في أواخر عام 2012، ثم ترؤسه الصين بعد سنة. ورجّحت "بلومبرغ"، أن يعلن الحزب قريباً انتصاره في بناء مجتمع "مزدهر باعتدال"، والذي من شأنه أن يرفع مستويات المعيشة ويعزز شرعيته، قبل إحيائه الذكرى المئوية الأولى لتأسيسه، في وقت لاحق من هذا العام.
وكان شي جين بينغ محور حدث مماثل، نُظم في سبتمبر الماضي، أشاد فيه بنجاح الصين في التعامل مع تفشي فيروس كورونا المستجد. وتنتهي العام المقبل الولاية الثانية لشي زعيماً للحزب، ويُتوقع على نطاق واسع أن يبقى في منصبه، بعد تعديل الدستور في عام 2018، لتمكينه أيضاً من البقاء رئيساً لولاية ثالثة.
"قفزة تاريخية"
ونشرت صحيفة "الشعب"، الناطقة باسم الحزب الشيوعي، مقالاً من 3 صفحات الأربعاء، يلخّص أوامر الحدّ من الفقر التي أصدرها شي جين بينغ، منذ توليه الحكم. وتحدثت عن "قفزة تاريخية"، معتبرة أن جهوده "حققت نجاحاً باهراً وأسهمت بشكل كبير في التقدّم العالمي".
واعتبر كارل مينزنر، وهو أستاذ في "كلية فوردهام للحقوق"، متخصص في القانون والحكم الصيني، أن مقال الصحيفة كان جديراً بالملاحظة، إذ ركّز على شي جين بينغ، لا الحزب أو سياساته. ورأى أن جهاز الدعاية في الحزب يُعدّ "لنسب الفضل شخصياً (إلى شي جين بينغ)، في إنهاء آلاف السنين من الفقر في الصين".
وأشارت "بلومبرغ"، إلى أن الحزب الشيوعي يجهد لتعزيز صورة شي جين بينغ، وإرغام الناس على تبنّي فكره في عملهم.
وأضافت أن الحزب أصدر هذا الشهر مبادئ توجيهية، تنصّ على ضرورة تعليم طلاب المدارس الابتدائية، مبادئ عامة وغامضة في أحيان كثيرة.
واعتبرت الوكالة أن نجاح هذا الأمر سيمكّن شي جين بينغ من الارتقاء إلى مكانة منافس دائم لماو تسي تونغ، الذي تُرفع صورته في ساحة تيانانمين، وتُطبع على العملة. ونقلت عن شي جين بينغ قوله إن الصين ستجري تقييمات وتعزّز التقدّم المحرز في الحدّ من الفقر، لضمان عدم تجدّده على نطاق واسع.