تلوث القرعون في لبنان.. اتهامات بالفساد والإهمال

time reading iconدقائق القراءة - 5
جانب من نفوق الأسماك في بحيرة القرعون بلبنان، 30 أبريل 2021 - REUTERS
جانب من نفوق الأسماك في بحيرة القرعون بلبنان، 30 أبريل 2021 - REUTERS
بيروت -الشرق

تقاذف مسؤولون لبنانيون اتهامات بالفساد والتقصير، وذلك بعد يوم واحد من نفوق عشرات الأطنان من السمك في بحيرة القرعون، بمحافظة البقاع.

وقال رئيس المصلحة الوطنية لنهر الليطاني سامي علوية، إن الفساد وإهمال قطاع الصرف الصحي حرما لبنان من الاستفادة من الثروة التي يمثلها نهر الليطاني الذي يغذي البحرية، وأديا إلى الإضرار بالسمك في بحيرة القرعون.

وأضاف علوية في تصريحات لـ"الشرق" أنه بدلاً من استحداث إنشاءات لبنى تحتية للصرف الصحي في القرى والبلدات، قامت الدولة اللبنانية ممثَّلة في مجلس الإنماء والإعمار، بتحويل شبكات الصرف الصحي (المجارير) من القرى والبلدات ومن منازل المواطنين، إلى نهر الليطاني، لتصب في هذا النهر لسنوات.

وأوضح أن هذه "المجارير" التي تصب من 69 بلدة، بمعدَّل 60 مليون متر مكعَّب من الصرف الصحي سنوياً، أي ثلث سعة بحيرة القرعون، أدَّت إلى الإضرار بالمزروعات، والبيئة في البحيرة، والتأثير على إنتاج الطاقة الكهربائية.

وكشف علوية، أن هذه المشكلة المزمنة "أدَّت إلى هلاك الأسماك بصورة جماعية، إثر إصابتها بوباء مجهول حتى الساعة"، مشيراً إلى أن تحديد طبيعة الوباء يتطلب تحليلات في مختبرات متخصصة في الفيروسات، وهي ليست موجودة في لبنان، موضحاً أن أي فيروس يصيب الأسماك هو "بالتأكيد مرتبط بمشكلة التلوث".

وأوضح أن "مصلحة الليطاني تبذل جهوداً لرفع أطنان من الأسماك عن ضفاف بحيرة القرعون، وقامت حتى اليوم برفع حوالي 80 طناً من الأسماك النافقة، بمساعدة البلديات والمجتمع المدني والجمعيات الأهلية".

غياب المساعدة الحكومية

وقال علوية إن "أياً من المسؤولين المعنيين في البلاد، لم يقدم أي مساعدة للمصلحة"، وأن الوزارات المعنية "غائبة عن السمع"، ما ينذر بـ"تداعيات خطيرة نتيجة تكاثر الذباب والأمراض حول الأسماك النافقة". 

وكشف علوية أن مجلس النواب "أقر في 2016 اتفاقية مع البنك الدولي بـ55 مليون دولار كلَّف بموجبها مجلس الإنماء والإعمار، بتنفيذ مشاريع صرف صحي ومحطات معالجة تكرير"، مضيفاً أنه "حتى الآن ومع مضي 4 سنوات على الاتفاقية لم ينفذ المجلس سوى 4% من هذه المشاريع، مع تساؤلات حول مصير هذه الأموال في ظل الفساد المستشري".

أزمة متراكمة

 في المقابل قال رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر لـ"الشرق"، إن مشكلة تلوّث نهر الليطاني لا تكمن في المشاريع الواجبة على مجلس الإنماء والإعمار، بل في أربعة عناصر أساسية متراكمة منذ عشرات السنين، هي: الصرف الصحي، والسموم الصادرة من المصانع، والمواد الزراعية الكيميائية، والنفايات التي ترمى ليلاً في النهر".

وأضاف أن "نهر الليطاني ملوّث منذ سنوات، هناك محطات تكرير عديدة للصرف الصحي في منطقة البقاع نفذناها سابقاً، ونعمل على توسيعها".

وأوضح أن "قسماً كبيراً من مبلغ الـ55 مليون دولار الذي كُلِّف بموجبه مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذ مشاريع صرف صحي، صُرِف على دعم المؤسسات التي تصب نفاياتها في المجارير، وعلى تلزيم محطات تكرير ومشاكل استملاكات المحطات".

وأضاف: "نحن نعيش في لبنان مع الفلتان. نقوم باستملاكات وندفع المبالغ، من ثم تُنفّذ الاحتجاجات من قبل بعض المواطنين، ولا يسمحون لنا بالدخول إلى المحطات".

وكشف أن "هناك مشروعين سيتم تنفيذهما في إطار اتفاقية مع البنك الدولي قريباً، بالإضافة إلى مشاريع أخرى في طريقها للتنفيذ".

وشهدت شواطئ بحيرة القرعون في محافظة البقاع، نفوق عشرات الأطنان من الأسماك خلال الأيام العشرة الماضية، في حادث لم تعرف أسبابه بشكل واضح، بحسب مسؤولين في هيئات بيئية.

وأفاد تقرير أولي بأن وباءً فيروسياً قضى على الأسماك من نوع الكارب دون سواها في البحيرة، فيما يرى خبراء أن نفوق الأسماك من المحتمل أن يكون ناجماً عن "التلوث".

وتكدست مئات آلاف الأسماك من كل الأحجام على مسافة تفوق 5 كيلومترات على ضفة البحيرة، فيما يعمل متطوعون على إزالة الأسماك النافقة بالمجارف وحملها في عربات، إلى جانب الاستعانة بالمعدات الثقيلة لحمل الكميات وتفريغها في شاحنات النقل.

ويعد نهر الليطاني الأطول في لبنان وهو الشريان والمصدر الرئيس للمياه، ويستفيد سكان لبنان من مشاريع الليطاني في الري وإنتاج الطاقة الكهربائية.

وينبع الليطاني من ينابيع العليق (نحو ألف متر) غرب مدينة بعلبك في البقاع الشمالي، ويصب في القاسمية قرب صور (الجنوب).

وأقيم في عام 1945 سد لتجميع مياه نهر الليطاني في حوضه الأعلى خلف سد القرعون، فيما تبلغ سعة المياه في بحيرة القرعون 220 مليون متر مكعَّب تستعمل لتوليد الطاقة وفي ريِّ المزروعات.

اقرأ أيضاً: