أستراليا تعلن الحصول على غواصات نووية بدعم أميركي-بريطاني

time reading iconدقائق القراءة - 8
غواصات نووية صينية خلال مناورات في "بحر الصين الجنوبي"، 12 أبريل 2018 - REUTERS
غواصات نووية صينية خلال مناورات في "بحر الصين الجنوبي"، 12 أبريل 2018 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلن رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون، الأربعاء، أنّ بلاده ستستحوذ في إطار الشراكة الأمنية الجديدة التي أطلقتها مع الولايات المتحدة وبريطانيا على غواصات تعمل بالدفع النووي.

وقال موريسون خلال مؤتمر عبر الفيديو، جمعه مع كل من نظيره البريطاني بوريس جونسون، والرئيس الأميركي جو بايدن، وتابعه الصحافيون في البيت الأبيض إنّ أول مبادرة كبيرة في إطار المعاهدة الأمنية التي أطلق عليها اسم "أوكوس"، ستكون حصول أستراليا على أسطول غواصات تعمل بالدفع النووي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، في بيان، الخميس، إن الشراكة الدفاعية الثلاثية التي تجمع الولايات المتحدة وأستراليا إلى جانب بريطانيا، تهدف إلى الحفاظ على الأمن و الاستقرار في المحيطين الهندي والهادئ.

وأضاف: "نحن نفتح فصلاً جديداً في صداقتنا، وستكون المهمة الأولى لهذه الشراكة هي مساعدة أستراليا في الحصول على أسطول من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية".

وأوضح جونسون أن الغواصات المشار إليها فى الاتفاق "ستعمل بواسطة مفاعلات نووية، وليست مسلحة بالطاقة النووية. الأسلحة"، مؤكداً أن هذا الاتفاق سيتماشى مع التزام بلاده بالحد من الانتشار النووي.

شراكة أمنية

من جانبه، أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء، أنّ الولايات المتّحدة "تتطلّع للعمل بشكل وثيق مع فرنسا وشركاء رئيسيين آخرين" في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، في رسالة طمأنة إلى باريس بعد انخراط واشنطن ولندن وكانبيرا في شراكة أمنية جديدة قد تطيح بمشروع عسكري فرنسي-أسترالي ضخم.

وقال بايدن إنّ "فرنسا بالخصوص لديها وجود مهمّ في منطقة الأطلسي-الهندي وهي شريك وحليف أساسي". 

وكان تقرير لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأسترالية قد كشف في وقت سابق من يوم الأربعاء، بأن أستراليا ستستعين بتكنولوجيا أميركية وبريطانية لتشكيل أسطول غواصاتها الجديد، في محاولة لاستبدال غواصات "كولينز" الحالية، بقطع بحرية أكثر ملاءمة للظروف الاستراتيجية المتدهورة.

"خيبة أمل"

وفي أول رد فعل فرنسي، أبدت مجموعة "نافال غروب" الفرنسية للصناعات الدفاعية "خيبة أمل كبرى" إثر إعلان أستراليا أنّها ستحصل على الغواصات النووية بموجب شراكتها مع الولايات المتحدة وبريطانيا، على حساب صفقة لشراء غواصات فرنسية تقليدية عبرها.

وقالت المجموعة في بيان تلقّته وكالة "فرانس برس" للأنباء، إنّ "الكومنولث الأسترالي لم يرغب في الانخراط في المرحلة التالية من البرنامج، وهو أمر يمثّل خيبة أمل كبرى لنافال غروب التي قدّمت لأستراليا غواصة تقليدية ذات تفوّق إقليمي وأداء استثنائي".

قرار مؤسف

وفي وقت لاحق، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، الأربعاء، إنّ تراجع أستراليا عن الصفقة لكي تحصل على غواصات تعمل بالدفع النووي من الولايات المتحدة وبريطانيا، هو "قرار مؤسف". وقالت الخارجية الفرنسية في بيان "هذا قرار مخالف لنصّ وروح التعاون الذي ساد بين فرنسا وأستراليا".

وأضافت أنّ "الخيار الأميركي الذي يؤدّي إلى إقصاء حليف وشريك أوروبي مثل فرنسا من شراكة مزمنة مع أستراليا، في وقت نواجه فيه تحدّيات غير مسبوقة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ (...) يشير إلى عدم ثبات لا يمكن لفرنسا إلا أن ترصده وتأسف له".

على الجانب الآخر، قالت السفارة الصينية في واشنطن تعقيباً على ميثاق الأمن الثلاثي بين أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا، إنه "يجب على الدول أن تتخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي".

وطُلب من المتحدث باسم السفارة الصينية ليو بينجيو، التعليق، فقال إن الدول الثلاث "يجب ألا تشكل تكتلات إقصائية تستهدف مصالح أطراف ثالثة أو تضر بها. وأهم ما ينبغي لها فعله هو التخلص من عقلية الحرب الباردة والتحيز الأيديولوجي"، حسب ما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.

"مناقشات سرية"

وكان تقرير  شبكة "إيه بي سي نيوز" ذكر أن رئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، عقد اجتماعاً للجنة الأمن القومي في مجلس الوزراء، الثلاثاء، قبيل الإعلان المنُسق في واشنطن ولندن. وحصل الوزراء على إعفاءات خاصة من تدابير إغلاق كورونا للسفر إلى كانبيرا لإجراء "مناقشات سرية للغاية".

وفي خطوة غير اعتيادية، دعا رئيس الوزراء أيضاً زعيم حزب "العمل" الأسترالي، أنتوني ألبانيز، وثلاثة من كبار وزراء الظل لاطلاعهم على الخطة.

ونقلت القناة عن مصدر عسكري بارز، لم تذكر اسمه، قوله إن المدير العام لسلاح الغواصات بوزارة الدفاع الأسترالية، جريج ساموت، دعا إلى اجتماع عاجل، صباح الغد لمناقشة هذا التطور الهائل. وقال مسؤول كبير آخر، إنه تم ترتيب جلسات إحاطة "سرية للغاية" في وزارة الدفاع يوم الخميس.

وذكرت مصادر حكومية أن موريسون حاول دون جدوى ترتيب مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، لكن تم تحديد موعدها بدلاً من ذلك غداً الخميس.

وذكرت مصادر للشبكة الإخبارية الأسترالية، أن وزير الدفاع جريج موريارتي تولى مهمة إخطار باريس بالأنباء المتعلقة بقرار أستراليا بشأن برنامج الغواصات.

تحديات سياسية

ورجحت "إيه بي سي نيوز"، أن قرار ضم أستراليا للغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، سيترتب عليه تحديات سياسية وتكنولوجية، بالنظر إلى "عدم وجود صناعة نووية محلية".

وتوقعت أن الصين ستنظر للاتفاقية الأمنية الجديدة التي تضم ثلاث دول، التي تعرف باسم "أوكوس" (AUKUS) على أنها محاولة لمواجهة نفوذها الإقليمي؛ لا سيما في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.

من المتوقع أن يزداد وجود الحلفاء البحري شمال أستراليا، بما في ذلك في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه، في إطار حملة ضغط منسقة عبر القارات الثلاث ضد "عدوان" بكين الإقليمي.

لكن هذا الطريق أمام هذا التحالف لا يبدو ممهداً دون منغصات؛ إذا لم تمر ساعات معدودة على الإعلان عن المعاهدة الثلاثية، حتى أعلنت نيوزيلندا معارضتها لمرور الغواصات المرتقبة مياهها الإقليمية.

وقالت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا آرديرن الخميس، إنّ الحظر الساري على دخول أيّ قطعة بحرية تعمل بالدفع النووي مياه نيوزيلندا سيسري على الغواصات التي تعتزم حليفتها الأوثق أستراليا الحصول عليها.

وقالت آرديرن في بيان إنّ "موقف نيوزيلندا المتعلّق بمنع القطع البحرية التي تسير بالدفع النووي من دخول مياهها لم يتغيّر".

إعادة توجيه

ويرى محللون أن أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا ستعيد توجيه أساطيلها من الغواصات والسفن الحربية لمواجهة الوجود الإقليمي المتزايد للصين، وكذلك إطلاع البعثات الدبلوماسية الإقليمية في جميع أنحاء كانبرا على الإعلان ظهر الخميس.

وتطالب الصين بالسيادة على غالبية مساحة بحر الصين الجنوبي الغني بالموارد، والذي تعبر من خلاله تجارة تُقدّر بتريليونات الدولارات سنوياً، فيما تطالب بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام بأجزاء منه.

وترفض الولايات المتحدة وجيران الصين مزاعمها في بحر الصين الجنوبي، إذ تعتبر واشنطن أن "مطالبات بكين بالغالبية العظمى من بحر الصين الجنوبي بلا أساس في القانون الدولي"، وأن نفوذها المتصاعد فيه "يتعدّى على سيادة دول المنطقة"، بحسب كلمة ألقاها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في معهد أبحاث سنغافورة خلال جولته الآسيوية نهاية يوليو الماضي، لكن أوستن أكد أن بلاده لا تسعى إلى مواجهة مع بكين.

اقرأ أيضاً: