مع استمرار التحقيقات في قضية الوثائق السرية التي عُثر عليها في مكتب ومنزل الرئيس الأميركي جو بايدن، يتأهب الديمقراطيون لمواجهة تداعياتها السياسية، خشية أن تؤثر على خطط بايدن للترشح في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
صحيفة "فاينانشال تايمز"، قالت إن البيت الأبيض وحلفاء بايدن في الحزب الديمقراطي متوجسين من تلقي الرئيس "ضربة سياسية" محتملة في الفترة المتبقية للانتخابات الرئاسية المقبلة، مع استمرار التحقيقات بشأن طريقة تعامله مع الوثائق السرية.
ويواجه الرئيس الأميركي وكبار مساعديه ومحاميه انتقادات متزايدة أخيراً، للتعامل بإهمال مع وثائق حكومية سرية بعضها يعود لفترة عمل بايدن كنائب للرئيس باراك أوباما حينها، والتي تم العثور عليها في منزل الرئيس بويلمنجتون بولاية ديلاوير، وفي مكتب بايدن الخاص بمركز أبحاث تابع لـ"جامعة بنسلفانيا" (واشنطن).
كما يواجه بايدن وفريقه اتهامات بـ"انعدام الشفافية"، وذلك لعدم إعلانهم العثور على الوثائق السرية للرأي العام، فور اكتشافها في نوفمبر الماضي.
لا تغيير في خطط بايدن
وبحسب "فاينانشال تايمز"، فإن القضية أثارت حالة من القلق المفاجئ وسط الديمقراطيين الذين احتشدوا لدعم بايدن للترشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بعدما قاد الحزب لتحقيق نتائج أفضل من المتوقع في انتخابات التجديد النصفي لشهر نوفمبر الماضي.
وقالت الصحيفة إنه حتى الآن لا يوجد ما يشير إلى أن بايدن قد يعيد النظر في نيته الترشح لولاية ثانية في انتخابات 2024 على خلفية قضية الوثائق السرية، مشيرةً إلى أن الديمقراطيين ما يزالون يدعمون ترشحه العام المقبل بأغلبية ساحقة.
وفي غضون ذلك اعترف بعض الديمقراطيين بأن القضية تمثل "إحراجاً" بالنسبة لبايدن، إذ قالت الديمقراطية ديبي ستابينو، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيجان، إنه "أمر محرج بالتأكيد".
وأضافت ستابينو في مقابلة مع شبكة "أيه بي سي" الأميركية الأحد، أن "البيت الأبيض يدرك أن هذا الوضع غير مثالي، ويتحركون لتصحيح ذلك".
أسئلة عالقة
من جهة أخرى، يعتقد مشرعون ديمقراطيون آخرون أن بايدن يجب أن يكون أكثر وضوحاً في تفسيره لعدة أسئلة بخصوص الدور الذي لعبه في القضية.
وقال جيف جاكسون الديمقراطي المنتخب حديثاً في مجلس النواب لشبكة "سي إن إن" الأحد: "أعتقد أن هناك أسئلة يتعين على إدارة (بايدن) الإجابة عليها.. أعتقد أنه ربما يتعين على الرئيس نفسه الإجابة على هذه الأسئلة شخصياً. وكلما حدث ذلك مبكراً، سيكون ذلك أفضل".
وعن الأسئلة التي يجب على بايدن الإجابة عليها، قال جاكسون، إن الرأي العام يريد معرفة "ما إذا كان بايدن قام بأي شيء لعرقلة التحقيق. وهل فعل أي شيء لعرقلة إعادة تلك الوثائق؟".
ومع ذلك أصر جاكسون على أنه سيستمر في دعم بايدن للترشح في عام 2024. وقال: "لقد فاز بالانتخابات الأخيرة، وأعتقد أنه سيكون المرشح الأوفر حظاً للفوز بالانتخابات المقبلة".
"أزمة ثقة"
وفي وقت ارتفعت شعبية الرئيس بايدن للمرة الأولى خلال فترة رئاسته، ظهرت قضية الوثائق السرية لتضع البيت الأبيض في حرج سياسي كبير قبل انتخابات الرئاسة المقررة في عام 2024.
وحتى الآن لا توجد بيانات كافية لتوضيح تأثير القضية على شعبية بايدن، بحسب مؤسسة "ريل كلير بوليتيكس" الأميركية المتخصصة في استطلاعات الرأي والتي أشارت إلى أن آخر البيانات تؤكد أن مستوى تأييد بايدن في حدود 44%، وهو أعلى مستوى تأييد يسجله بايدن منذ أواخر عام 2021.
وأرجعت نتائج مسح أجرتها قناة "سي إن بي سي"مع شركة "سيرفي مونكي" (SurveyMonkey) خلال الربع الرابع من عام 2022، زيادة طفيفة في نسبة تأييد بايدن منذ أغسطس الماضي، نتيجة انخفاض أسعار الغاز وتحقيقه بعض الانتصارات التشريعية الرئيسية، وتباطؤ التضخم.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن كريس ويبل، وهو مؤلف كتاب "The Fight of his Life" (معركة حياته) عن بايدن، القول إن "البيت الأبيض لا يمر بأفضل أوقاته"، لافتاً إلى أن القضية أحدثت ضرراً سياسياً كبيراً للرئيس الديمقراطي.
وأضاف ويبل أن "الضرر السياسي تهدد أغلى مكسب عند جو بايدن، وهو الثقة" التي يحظى بها من جانب الشعب، لافتاً إلى أن "هذه الثقة باتت على المحك الآن".
ورجح أن بايدن "سيتجاوز هذا المأزق" شريطة ظهور "اكتشاف كبير"، عقب التحقيقات الجارية.
"مناورات الجمهوريين"
الحزب الجمهوري الذي تعاني صورته السياسية من آثار النتائجه المتواضعة التي حققها في الانتخابات النصفية، في نوفمبر الماضي، وفشل نوابه في اختيار رئيس مجلس النواب على مدار 14 جولة اقتراع في 4 أيام، لم يتأخر في الدخول على خط الأزمة.
وفور الإعلان عن الوثائق السرية التي وجدها محامو بايدن في مكتبه الخاص، قال الرئيس السابق دونالد ترمب عبر منصته "تروث سوشيال": "متى سيقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي بمداهمة العديد من منازل جو بايدن، وربما حتى البيت الأبيض؟، بالتأكيد لم يتم رفع السرية عن هذه الوثائق".
والأسبوع الماضي، أبلغت اللجنة القضائية بمجلس النواب التي يرأسها النائب الجمهوري جيم جوردان، وزير العدل ميريك جارلاند، بأنها أطلقت تحقيقاً رسمياً في قضية الوثائق السرية.
غير أن بعض الديمقراطيين يستبعدون أن تؤثر مناورات الجمهوريين في شعبية بايدن أو في ترشحه للانتخابات المقبلة.
ونقلت "فاينانشال تايمز" عن سيمون روزنبرج مؤسس شبكة الديمقراطيين الجدد، القول إن "الجمهوريين منغمسين في التفكير بطريقة تحقيق مكاسب سياسية بسبب شبهات سوء تعامل بايدن مع الوثائق السرية".
غير أنه اعتبر أنه وبمرور الوقت، ما سيهيمن على النقاش السياسي"سيكون الأشياء المهمة، وهي الاقتصاد وأوكرانيا والهجرة"، لافتاً إلى أن "هذه القضايا المتعلقة بالتحقيقات المختلفة ستكون ثانوية جداً بالنسبة للناخبين".
"حيل سياسية"
وكان البيت الأبيض اتهم الجمهوريين، الثلاثاء، بـ"الانخراط في مزيد من الحيّل السياسية" بشأن الوثائق السرية التي عثر عليها في مكتب ومنزل الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إيان سامز، إن إدارة بايدن سترد على استفسارات "لجنة الرقابة" بمجلس النواب الأميركي "بحسن نية"، وإنها ستحدد الرد على خطابات الجمهوريين بشأن الوثائق "في حينه".
وأشار إلى تلقي البيت الأبيض "عدداً قليلاً من الخطابات من لجنة الرقابة، وأنه يراجعها حالياً"، موضحاً أن العديد من الإجابات عن أسئلة بشأن الوثائق "ربما تحتاج للانتظار حتى انتهاء تحقيق المحقق الخاص الذي عينه وزير العدل الأميركي الأسبوع الماضي".
وشدد سامز على أن بايدن سيتعاون مع مراجعة وزارة العدل "لكي نتمكن من إنجازها بشكل سريع ودقيق".
وجاءت تصريحات سامز، بعد ساعات من رده في بيان على إرسال جيمس كومر النائب الجمهوري ورئيس لجنة الرقابة بمجلس النواب، خطاباً إلى البيت الأبيض، الأحد، يطلب فيه مساءلة الأشخاص الذين لديهم صلاحية دخول المنزل.
اقرأ أيضاً: