مكسيم أوريشكين.. "مهندس الهجوم الاقتصادي المضاد" للكرملين

time reading iconدقائق القراءة - 7
مساعد الرئيس الروسي مكسيم أوريشكين يتحدث خلال جلسة بمنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي - 16 يونيو 2022 - REUTERS
مساعد الرئيس الروسي مكسيم أوريشكين يتحدث خلال جلسة بمنتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي - 16 يونيو 2022 - REUTERS
دبي-الشرق

لعب مكسيم أوريشكين المساعد الاقتصادي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، دوراً بارزاً في تعديل نظام التجارة الخارجية لبلاده، وطرح أفكاراً هامة لمواجهة العقوبات الغربية على موسكو رداً على غزو أوكرانيا، بحسب تقرير لـ"بلومبرغ"، وصفته بأنّه "مهندس الهجوم المضاد الاقتصادي" للكرملين.

وقالت "بلومبرغ" إنه عندما جعلت العقوبات "القلعة الروسية" التي ساعد في بنائها تبدو أقل حصانة، توصل وزير التنمية الاقتصادية الروسي السابق أوريشكين إلى مناورة مميزة لمحاولة كسر الحصار الاقتصادي.

وأشارت إلى أنه بعد نحو شهر من حرب روسيا على أوكرانيا، تعرض الاقتصاد لانتكاسة قوية، وعانت الحكومة لتجنب التخلف عن السداد ودخل الروبل في حالة من الانخفاض، فرد بوتين على ذلك في 23 مارس، مطالباً خصوم روسيا في أوروبا بدفع فواتيرهم الضخمة مقابل الغاز الطبيعي بالروبل.

ونقلت الوكالة عن مسؤولين مطلعين على الأمر، قولهم إن أوريشكين الذي يبلغ من العمر 40 عاماً "كان العقل المدبر وراء مقامرة تمزيق عقود، وقلب عقود من الممارسات المتبعة والسوابق رأساً على عقب".

ومنذ بدء الغزو في 24 فبراير، برز أوريشكين باعتباره عضو رئيسي في الدائرة المقربة من بوتين بشأن السياسة الاقتصادية، وهو واحد من العديد من المطلعين على بواطن الأمور الذين يتمتعون بخبرة مالية غربية يساعدون الآن في توجيه استجابة الكرملين.

في هذا السياق، قال سيرجي جورييف، وهو خبير اقتصادي قدم المشورة للحكومة في السنوات الأولى من حكم بوتين لكنه فر لاحقاً إلى باريس، حيث يشغل الآن منصب عميد معهد الدراسات السياسية: "إنهم مشغولون الآن بمعرفة كيفية الالتفاف على العقوبات ويفعلون ذلك بنجاح كبير، لكن كل الأموال المكتسبة تذهب لتمويل الحرب".

تجنب الأضرار

ووفقاً للوكالة، ساعدت هذه الدفاعات الكرملين على تجنب أسوأ الأضرار الاقتصادية التي كان يخشى منها عندما فرضت العقوبات لأول مرة.

مع ذلك، توقع خبراء انكماشاً عميقاً بمقدار نصف عمق هذا العام، لافتين إلى أنّ الروبل عوض خسائره المبكرة ليصبح الأفضل أداء مع تدفق عشرات المليارات من الدولارات واليورو لصادرات الطاقة وغيرها من الصادرات.

ومن خلال الاستفادة من نفوذ روسيا على إمدادات الغاز إلى أوروبا، سمحت مطالبة أوريشكين بالسداد بالروبل، للرئيس بوتين بأن يبدو وكأنه يقاوم الهجوم الأولي بالعقوبات.

وفي نهاية المطاف، اضطر الاتحاد الأوروبي إلى التراجع حيث وقع معظم المستهلكين الرئيسيين على الشروط الجديدة التي تضمنت شرط فتح حسابات خاصة مع مصرف "غازبروم بنك"، ما أبقى المصرف بمعزل عن العقوبات.

من جانبه، قال أوريشكين لـ"بلومبرغ": "أعتبر تأثير استخدام برنامج الروبل مقابل الغاز إيجابياً"، رافضاً التعليق على دوره في ابتكاره.

وقالت "بلومبرغ" إن أوريشكين صاغ عبارة سيكررها بوتين قريباً بشكل متكرر، لوصف الاستيلاء على احتياطيات روسيا الدولية، بأنه في الواقع "تخلف حقيقي عن السداد" من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن التزاماتهما تجاه روسيا.

وساعد أوريشكين في وضع خطط للحد من التداعيات جراء إقصاء البنوك الروسية من النظام العالمي للتحويلات المالية "سويفت"، وقاوم دعوات مسؤولين مطلعين نافذين آخرين، لفرض مزيد من السيطرة على الدولة مع تزايد عزلة الاقتصاد الروسي عن العالم الذي سعى أوريشكين، وحلفاؤه ذات مرة إلى توثيق العلاقات معه.

واصطحبه بوتين معه في رحلة قام بها أخيراً إلى إيران التي تتمتع بعقود من الخبرة في التغلب على العقوبات الغربية. 

ورداً على سؤال بشأن أفكار طهران للتغلب على تلك القيود، تفاخر أوريشكين قائلاً: "أفكارنا أفضل بكثير".

وقالت "بلومبرغ" إنّ أوريشكين، وهو مصرفي سابق في الوحدة الروسية لشركة "سوسيتيه جنرال"، ويستغل الآن خبرته الغربية لتخفيف تأثير العقوبات، هو جزء من كادر من المسؤولين الذين حاولوا منذ فترة طويلة السير على خط رفيع بين صياغة سياسة اقتصادية صديقة للمستثمرين، والقيود المتزايدة لبوتين.

"توازن مستحيل"

الحرب جعلت هذا التوازن مستحيلاً، إذ تعرض أوريشكين وزملاؤه لعقوبات، لأن سياساتهم الاقتصادية تخدم "آلة الحرب" التابعة للكرملين، بحسب الوكالة.

وأوريشكين جزء من "جسر بين الأجيال" امتد إلى نهاية الحقبة السوفيتية، وقضى سنوات مراهقته خلال ما أصبح يعرف في روسيا باسم "التسعينيات المضطربة"، وهي فترة من المصاعب والجرأة الاقتصادية.

ويصغر أوريشكين بوتين بـ30 عاماً، وكان الأصغر بين ابنين في عائلة من الأكاديميين في موسكو، حيث نشأ في عالم بعيد عن بدايات الرئيس الصعبة في لينينجراد بعد الحرب.

وتضم مجموعة أوريشكين من التكنوقراط نائب محافظ بنك روسيا أليكسي زابوتكين (44 عاماً) ونائب وزير المالية فلاديمير كوليشيف (39 عاماً) الذين تخرجوا في نخبة المدارس الاقتصادية الروسية.

وبالتخلي عن القطاع الخاص، كرسوا أنفسهم لبناء قلعة بوتين المالية. وكلما كان بوتين أكثر قسوة مع المنتقدين، والمنافسين في الخارج والداخل، كلما أصبحوا أكثر أهمية في بناء المرونة للحفاظ على الاقتصاد عندما تأتي الصدمات الكبيرة.

وخلال فترة عمله التي استمرت 3 سنوات في وزارة المالية، كان أوريشكين من بين المسؤولين الذين ابتكروا آلية لتحويل مئات المليارات من الدولارات من عائدات صادرات النفط والغاز إلى صندوق سيادي لمساعدة الكرملين على التغلب على الأزمات مثل الموجات الأولى من العقوبات الأميركية والأوروبية على شبه جزيرة القرم عام 2014.

مع ذلك، لم تكن سنوات من فرض العقوبات على الاقتصاد وبناء الاحتياطيات كافية لحماية الاقتصاد بعد الغزو. فجمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الكثير من الاحتياطيات البالغة 600 مليار دولار التي ساعدت سياسات أوريشكين في بنائها.

تخلّف عن السداد

وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلت لتجنب اللوم، فقد فشلت روسيا في سداد ديونها وتخلفت عن السداد للمرة الأولى منذ قرن.
 
وبينما ضغط بعض اللاعبين الأقوياء في الكرملين من أجل إعادة تأكيد سيطرة الدولة على الاقتصاد، قاوم أوريشكين بنجاح حتى الآن.

وقال أوريشكين رداً على أسئلة من "بلومبرغ": "لن تتخلى روسيا عن اقتصاد السوق. وعلى العكس من ذلك، إنها تتحرك في الاتجاه المعاكس.. وهذا ما يشير إليه الرئيس باستمرار في خطاباته". وشبه أوريشكين العملة الأميركية بـ"دواء يستخدم ليدمنه العالم بأسره". 

في هذا الصدد، قال أليكسي مويسيف، نائب وزير المالية (49 عاما) وعضو آخر في شركة "في تي بي كابيتال"، إن شدة العقوبات ترقى إلى تفجير قنبلة نووية مالية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات