تُحيي الولايات المتحدة، السبت، ذكرى هجمات 11 سبتمبر، فيما الرئيس الأميركي جو بايدن في "موقع ضعف"، إثر النهاية الفوضوية للحرب في أفغانستان التي شنتها الولايات المتحدة عام 2001؛ رداً على هذه الاعتداءات التي نفذها تنظيم "القاعدة"، وطبعت مطلع القرن الحادي والعشرين.
وتحلّ الذكرى العشرون لهذه الاعتداءات، فيما ألم الناجين وأسر الضحايا والشهود لا يزال كبيراً جداً؛ لكن مع مرور عقدين وجيل كامل، دخلت هذه المأساة التاريخ، إذ أن الأميركيين الشباب في 2021، لا يملكون إلا "ذكرى مجتزأة" عنها على ما يفيد خبراء، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
ومن المنتظر أن يصل بايدن، وزوجته جيل، صباح السبت إلى نيويورك، لزيارة النصب المهيب الذي أُقيم في موقع البرجين التوأمين لمركز التجارة العالمي، واللذين انهارا الثلاثاء في 11 سبتمبر 2011.
وكما جرت العادة كل عام، ستُتلى على مدى ثلاث ساعات، أسماء نحو ثلاثة آلاف شخص قضوا في هذه الهجمات. ونُصبت أنوار عمودية هذا الأسبوع في حوضين أسودين ضخمين حلا مكان قاعدة البرجين.
ويتوجه بايدن وزوجته أيضاً إلى بنسلفانيا، حيث تحطمت طائرة خطفها أربعة من الإرهابيين التسعة عشر، وإلى ضاحية واشنطن، حيث هوجم مقر وزارة الدفاع أيضاً. ولن يلقي الرئيس الأميركي أي كلمة طوال يوم السبت، بل سيُتم بث مقطع مصور على ما أفاد البيت الأبيض.
ولا بد أن الرئيس الديمقراطي الذي يبلغ 78 عاماً، استعد مراراً لهذه الذكرى الأليمة منذ فوزه على دونالد ترمب في نوفمبر الماضي؛ لا سيما وأنه يقدم نفسه على أنه يسعى لتوحيد البلد المشرذم، بحسب التقرير.
"موقع ضعف"
وأشار التقرير إلى أن بايدن يجد نفسه في "موقع ضعف"، بسبب الفوضى التي عمّت نهاية التدخل العسكري الأميركي في أفغانستان الذي استمر من أكتوبر 2001 إلى 31 أغسطس الماضي، عندما باغت تقدم حركة طالبان الخاطف وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين.
وتركت الولايات المتحدة التي قضى 2500 من جنودها وأنفقت نحو ألفي مليار دولار في أفغانستان، هذا البلد للمتمردين المتشددين الذين طردتهم من الحكم قبل 20 عاماً، متهمة إياهم بإيواء أسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة"، الذي قتلته لاحقاً في مايو 2011 في باكستان.
وصدم الرأي العام الأميركي، اعتداء 26 أغسطس الماضي، الذي تبنى تنظيم "داعش" ولاية خراسان" مسؤوليته، وأسفر عن سقوط 13 عسكرياً أميركياً قرب مطار كابول في خضم عمليات الإجلاء، غالبيتهم من الشباب الذين ولدوا بعد اندلاع النزاع في أفغانستان.
وذكّر مقتلهم بأن الولايات المتحدة باتت عند نقطة تحوّل مفصلية بين عشرات ملايين الأميركيين الذين يحتفظون بذكرى فعلية مؤلمة للاعتداءات، وجيل الشباب الذي لديه ذكرى تاريخية ومؤسساتية، إذ لم يعاصروا هجمات 11سبتمبر، بل يتناولونها ضمن الإطار الأسري أو المدرسي أو عبر سائل الإعلام.
"مئوية 11 سبتمبر"
من جانبه، تساءل ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية في "جامعة هارفارد" في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي"، "كيف سيتم إحياء ذكرى 11 سبتمبر في مئويتها" عام 2101؟
وقال والت "هل الأجيال المقبلة ستنظر إليها على أنها مأساة هائلة، أو ذات أهمية دنيا، أو على أنها منعطف أساسي في مسار الولايات المتحدة وسياستها الدولية؟"، مشدداً على أن "معنى" حدث تاريخي "رهن بالذين يفسرونه".
وأعادت مجلة "ذي نيويوركر" الأميركية، كذلك خلال الأسبوع الحالي نشر مقالات أصدرتها بعد أيام قليلة على الهجمات؛ لا سيما مقال لروجير أنجيل، وهو كاتب كان في الثمانين من العمر في تلك الفترة، وقادراً على المقارنة بين 11 سبتمبر، وذكريات شبابه لدى وقوع هجوم "بيرل هاربر"، وهيروشيما، ووفاة جون كينيدي.
وكتب أنجيل في 2001 "الهجوم على مركز التجارة العالمي غير مسبوق. التاريخ يتقدم بوتيرة لا ترحم وسنواجه على الدوام كوارث جديدة".
"جُرح مفتوح"
ولا يزال الألم الذي خلّفته اعتداءات 11 سبتمبر، جرحاً مفتوحاً بالنسبة لأسر الآلاف من الضحايا. وتقول مونيكا إيكن-مورفي، وهي أرملة متعامل بالبورصة تبلغ من العمر 37 عاماً، كان يعمل في الطابق الرابع والثمانين من البرج الجنوبي: "لدي انطباع أن الأمر حدث للتو". وأشارت إلى أنها تتمسك كثيراً بمراسم إحياء الذكرى.
وقالت لوكالة "فرانس برس"، إنه من المهم للشباب الذين ولدوا بعد 11 سبتمبر، "أن يعرفوا ما حدث في ذلك اليوم، لأن ثمة جيلاً كاملاً لا يعرف ما حدث فعلاً. يجب أن تبقى الذكرى حية والتاريخ حياً".